الثلاثاء 16 إبريل 2024
سياسة

أحداف : تصريح أمكراز بشأن الإقتطاع من أجور الموظفين تطاول على اختصاص الناطق الرسمي للحكومة

أحداف : تصريح أمكراز بشأن الإقتطاع من أجور الموظفين تطاول على اختصاص الناطق الرسمي للحكومة د.محمد أحداف
يرى د.محمد أحداف الخبير القانوني، أن تصريح وزير التشغيل محمد أمكراز والذي دعا من خلاله الموظفين الرافضين للإقتطاع من أجورهم لفائدة صندوق " كورونا " يعكس مستوى من تخبط الحكومة، مضيفا بأنه يعد تطاولا على اختصاص الناطق الرسمي باسم الحكومة علما أن الحكومة لم تخرج بأي بلاغ رسمي في الموضوع، واصفا الأمر بـ " المسرحية " المثيرة للسخرية، مؤكدا أن الإقتطاع من أجور الموظفين يعد انتهاكا للدستور ولمبدأ المساواة بين المواطنين، فضلا عن كون الأجور تتمتع بحصانة قانونية وهو الأمر الذي سيجر عليها انتقادات المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة العمل الدولية.
 

كيف تلقيت تصريح وزير التشغيل محمد أمكراز الذي دعا فيها الموظفين الرافضين للإقتطاع من أجورهم لفائدة صندوق "كورونا" إلى مراسلة وزارة الإقتصاد والمالية لإعفائهم من هذا الإقتطاع ؟
من وحهة نظري المتواضعة فتصريح وزير التشغيل يعكس مستوى من تخبط الحكومة، ويكفي للإستدلال على تخبط الحكومة على أن هذا الموقف اذا كان موقفا رسميا للحكومة فكان على الناطق الرسمي للحكومة وليس على وزير التشغيل أن يدلي به لأنه للحكومة ناطق رسمي والذي يصرف المواقف الرسمية للحكومة، وعلى مستوى ثان هذا التصريح يعكس مستوى متقدم من عبث الحكومة لأنه لا يمكن من زاوية منطقية للحكومة أن تبرر إقدامها على اقتطاع الأجور دون رضى الموظفين علما أننا أشرنا في مناسبة سابقة أن الأمر يعتبر خرقا للدستور ولمبدأ مساواة المواطنين أمام الأعباء العامة بحيث تم تسليط سوط الإقتطاع على الموظفين دون غيرهم من المهن الحرة. وثانيا ما صرح به أمكراز يعكس عبث وتخبط الحكومة، فالحكومة قررت الإقتطاع من أجور الموظفين ثم بعدها خرج وزير ينتمي إليها بتصريح يشير فيه إلى إمكانية إعادة المبالغ المقتطعة لمن يصرح من الموظفين بعدم رغبته في هذا الإقتطاع، وأعتقد أن خرجة الوزير أمكراز تعود إلى كونها تدرك أن ما أقدمت عليه يعتبر من جهة خرقا للدستور، وخرقا للفكرة الملكية من أساسها والمبنية على مبدأ المساهمة التطوعية وليس على الإجبار.

بل إن مفهوم التضامن يتنافى مع ما ٌأقدمت عليه الحكومة من اقتطاع لأجور الموظفين دون استشارتهم في الأمر ؟
أكيد..أنا أقول أنه كان من الأفضل لكي تتناغم الحكومة مع نفسها أن توجه مطبوع للإدارات التي ينتمي إليها الموظفون ويقوم كل موظف في نطاق فلسفته ومبدئه بملأ المطبوع الذي يتضمن موافقته أو رفضه للإقتطاع، ومعنى هذا أنه لا يجوز للحكومة إجبار الموظف على الإقتطاع من راتبه، وأعتقد أن خرجة وزير التشغيل هي في الأصل غير موفقة، فالحكومة تبحث عن إضفاء نوع من الشرعية على الخرق الدستوري الذي أقدمت عليه، وتحاول تضليل الرأي العام وكذا بعض الجهات الأجنبية من خلال الإدعاء أن الأمر كان من أساسه تطوعيا ومن لم يقبل بالإقتطاع عليه أن يعبر عن عدم رغبته وسوف تقوم الحكومة بإرجاع المبالغ المقتطعة، وهنا تطرح العديد من الإشكاليات القانونية للنقاش.
 
وهل يمكن اعتبار خرجة الوزير أمكراز بشأن الإقتطاع من أجور الموظفين تطاولا على اختصاص الناطق الرسمي باسم الحكومة ؟
نعم هناك تطاول على اختصاص الناطق الرسمي باسم الحكومة من طرف الوزير أمكراز، وما يفضي إلى نوع من التشكيك على ما صرح به وزير التشغيل أن الحكومة ملتزمة الصمت وكان يجب أن يصدر بلاغ رسمي وأن تقوم الحكومة بتمكين الإدارات المعنية من مطبوع طلب استرجاع المبالغ المقتطعة، مع توضيح طريقة ملأ المطبوع، والجهة المعنية باستقباله، وتوضيح المدة الفاصلة بين الإقتطاع والإرجاع، وما اذا كانت الحكومة سوف ترفق المبالغ المقتطعة بالفوائد القانونية المنصوص عليها في النصوص القانونية وهي 6 في المائة، لأن هذا وعلى أية حال يشبه نوع من الإقتراض، ومن وجهة نظري فالتزام الناطق الرسمي باسم الحكومة الصمت في الموضوع، وإقدام أحد اعضاء الحكومة على الخوض في الموضوع من خلال تصريح غريب في هذه المرحلة، علما أنه لا تفصلنا إلا خمسة أيام عن صرف الأجور للموظفين والتي سيطالها الإقتطاع. والسؤال المطروح ونحن في نهاية الأسبوع متى يمكن للموظف أن يلتحق بإدارته وأن يقوم بتصريح وكم من الوقت سيلزمه للوصول إلى رئاسة الحكومة، في اعتقادي هذا الرأي يعكس من جهة التخبط غير المسبوق للحكومة، كما يكشف أن الحكومة تفتقر إلى مستشارين قانونيين من العيار الثقيل، عدا كون هذا الأمر يمكن أن يكون مسرحية حكومية أثارت سخرية الجميع، كما أثارت سخرية المواطنين بشكل غير مسبوق في الشبكات الإجتماعية.

وها يعتبر الأمر مزايدة على بعض الأصوات التي انتقدت هذا القرار، وضمنها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ؟
أولا، لابد من الإشارة إلى ان هناك مزاعم تروج بكون الحكومة أعفت موظفي قطاع الصحة العمومية، وهذا يعد تمييزا داخل التمييز، علما أن موظفي الأمن الوطني، والجيش والقوات المساعدة والدرك ورجال السطة يوجدون أيضا في الصفوف الأمامية في مواجهة جائحة كورونا، علاوة على إنزال الضغط فقط على قطاع الوظيفة العمومية مع إعفاء المهن الحرة يضاف إليه تمييز آخر يتعلق بتمكين موظفي قطاع الصحة العمومية من مطبوع لإعفائهم من الإقتطاع، وهذا أمر خطير، فلم يسبق لأي حكومة أن أقرت التمييز بين فئات المجتمع، والنقطة الثانية هو خروج الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ببلاغ تنفي فيه موافقتها على الإقتطاع، وثالثا فالحكومة لا يمكنها أن تقتطه من أجور الموظفين بناء على طلب النقابات، لأن النقابات لا تملك توكيلا خاصا من الموظفين يعطيها هذا الحق بالسماح بالإقتطاع، لأن الأجر يتمتع بحصانة قانونية، والحكومة ربما تبحث عن أساس لشرعنة هذا الإقتطاع، من أجل إخماد الإنتقادات داخليا، وربما تفاديا للإنتقادات التي قد تطالها من بعض المنظمات الدولية مثل منظمة العمل الدولية وغيرها، لأن ما أقدمت عليه الحكومة يعد تجاوزا خطيرا لإرادة الموظفين المعنيين بالأمر .