الجمعة 19 إبريل 2024
اقتصاد

كيف مهد "البيجيدى"الطريق لتركيا لاغتيال المقاولة المغربية(مع فيديو)

كيف مهد "البيجيدى"الطريق لتركيا لاغتيال المقاولة المغربية(مع فيديو) سعد الدين العثماني، يتوسط، رجب أردوغان، و عبد الإله بنكيران( يسارا)
كل عام تسرح الشركات المغربية 11500 عامل وترميهم إلى الشارع. وإذا افترضنا جدلا أن كل مطرود (أو مطرودة) يعيل أسرة من 5 أفراد، فمعنى ذلك أن حوالي 57 ألف مغربي يدخلون إلى "نادي الجحيم" كل عام.. أي يدخلون إلى جحيم البؤس والفاقة والهشاشة بسبب فقدان رب الأسرة لمورد الرزق.
فمن المسؤول عن هذه الكارثة الاجتماعية؟
أصابع الاتهام تتجه إلى الغزو التركي للمغرب الذي تسبب في تشريد 46 ألف عامل بقطاع النسيج بين عامي 2013 و2016، أي ما يمثل في المجموع 230 ألف مغربي التحق بطوابير الفقر والهشاشة، خاصة مع صعود حكومة الأصوليين إلى سدة الحكم.ومع الاجتهاد الذي قاموا به لتستفيد المقاولات التركية أكثر من اتفاقية التبادل الحر مع المغرب .
كيف ذلك؟ للجواب على السؤال علينا العودة إلى الاتفاق الذي يؤطر العلاقات التجارية بين تركيا والمغرب، وهو اتفاق التبادل الحر الموقع عام 2004، لكن لم يدخل حيز التنفيذ إلا سنة 2006 .
ففي أي تبادل تجاري لا بد أن تكون فيه المصلحة مشتركة بين الطرفين والكفتان متوازنتين. في الحالة التركية كان "السلطان" الطيب رجب أردوغان، زعيم حزب العدالة والتنمية "التركي" وهو يضع يده عام 2013 في يد عبد الإله بنكيران، زعيم حزب العدالة والتنمية "المغربي" آنذاك، لا ينظر إلى المغرب كشريك اقتصادي، بل كمستوطنة "عثمانية" ودجاجة ستبيض له ذهبا، فوقع الانبطاح من طرف حكومة بنكيران لتستفيد المقاولات التركية أكثر من اتفاقية التبادل الحر مع المغرب . على حساب الشركات المغربية.
فمنذ الإعلان عن اتفاق التبادل الحر بين أنقرة والرباط، كان التعاقد بين الطرفين هو عبور السلع التجارية التركية والمغربية دون رسوم أو تعقيدات جمركية لإنعاش الدورة الاقتصادية ومد جسر تجاري يربط بين البلدين. المرونة التي أبداها الطرف المغرب في منح "الفيزا" للسلع التركية بناء على تعاقد أخلاقي أولا، وتعاقد تجاري كتابي، لم يلتزم بها الطرف التركي الذي طبق قواعد اللعب غير النظيف، وفرض رسوما غير جمركية لوضع الحواجز لدخول السلع المغربية إلى أراضيه.
ففي الوقت التي أوصدت فيه بلدان شمال إفريقيا المطلة على البحر الأبيض المتوسط (تونس والجزائر ومصر على الخصوص) أبوابها على الشركات التركية، وجدت تركيا باب المغرب مشرعا ومستباحا لغزوه تجاريا.
هذا الغزو أدى إلى اغتيال المقاولة المغربية وتشريد عمالها، الدليل ما نشر رسميا من طرف المندوبية السامية للتخطيط التي كشفت أن المغرب فقد ما بين 2011 و2016 في قطاع النسيج وحده ما مجموعه 120 ألف منصب شغل.
في ظرف 10 سنوات تضاعفت صادرات تركيا إلى المغرب بشكل رهيب، واستهدفت قطاع الملابس والنسيج والمعدات المنزلية والغذائية، وانتقلت من 5.5 مليار درهم عام 2006 إلى 19.3 عام 2013، في ما بلغت عائدات الصادرات المغربية إلى تركيا 6.9 مليار درهم فقط، من السلع أغلبها سيارات ومواد أولية، بعجز بلغ 12.4 مليار درهم في صالح تركيا.
ومنذ الزيارة التي قام بها رجب طيب أردوغان للمغرب عام 2013 أعطى عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة آنذاك، الضوء الأخضر للغزو التركي، حيث ارتفعت صادراتها للمغرب ما بين 2013 و2017 في قطاع النسيج لوحده بـ 175 في المئة، وهو رقم مخيف وقياسي ساهمت فيه حزب البيجيدي، قائد الأغلبية، الذي لم يكن رحيما بالمقاولات التجارية المغربية.
الأمثلة كثيرة عن خبث الجمارك التركية وعرقلتها دخول السلع المغربية، وحسبنا الاستشهاد هنا بواقعة مؤلمة لعبد اللطيف القباج، مدير عام شركة SOFT GROUP وهي من الشركات المشهورة بالمغرب التي كانت عرضة لعدم المعاملة بالمثل من طرف الاتراك.
ففي عام 2016 حاولت الشركة عبر علامتها التجارية DIAMANTINE الاستثمار بتركيا، وتحديدا بأسطنبول، وحين وصلت حاوية السلع التابعة لشركته محملة بفولارات وملابس تقليدية، قامت الجمارك التركية بـ"فلي" الحاوية وإحصاء السلع "فولاربفولار" وعلبة بعلبة، مع ما يعني كل ذلك من هدر للوقت وإلزام الشركة المغربية بأداء مستحقات للموانئ التركية.
وفي الختام وجدوا 7 فولارات إضافية من أصل 80 ألف فولار، ليصدر القرار بمنع ولوج السلع إلى الأراضي التركية وإعادتها إلى المغرب، بعد تجميد شحنة "الفولارت" لأزيد من ثلاثة أشهر بميناء تركيا.
إليكم تجربة مفجعة لأحد أبرز رجال الأعمال بالمغرب، ألا وهو حكيم المراكشي، الرئيس المدير العام لشركة "ماغريب صناعة" MAGHREB INDUSTRIES، الذي قام عام 2018 بإرسال 10 حاويات بحمولة 150 طنا من السلع، لإعادة تصديرها نحو تركيا ودول أخرى مثل اليمن والصومال وفلسطين، لكن الجمارك التركية اعترضت السلع بمبررات واهية جدا وكانت لها بالمرصاد مما ألحق ضررا بالغا بشحنة الشركة المغربية.
وهنا المفارقة: حكومة تركيا تدعم مقاولاتها بالمال والمنح وبالحماية، وحكومة المغرب تتواطؤ بالصمت على اغتيال المقاولات المحلية.
فإلى متى سيبقى المغرب سوقا مستباحة للشركات التركية؟