Saturday 10 May 2025
مجتمع

عز الدين الماحي: على القضاة أن لا يفسدوا محطة 23 يوليوز، فالأنظار متجهة إليهم

عز الدين الماحي: على القضاة أن لا يفسدوا محطة 23 يوليوز، فالأنظار متجهة إليهم

انتقل 58 مرشحا لعضوية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلى السرعة النهائية، حيث أصبح للوقت أهميته في إقناع القضاة بالتصويت لفائدة 10 أعضاء من بينهم 3 قاضيات، وذلك يوم السبت 23 يوليوز الجاري.. في هذا الحوار مع الأستاذ عز الدين الماحي، مدير مجلة "محاكم"، والمستشار بالمحكمة الإدارية، يتحدث عن الظروف العامة لهذه الانتخابات، وتميزها ضمن دستور يوليوز 2011، مع شرح خلفيات ترشح قضاة مدعومين بجمعياتهم.

+ سيكون القضاة يوم 23 يوليوز الجاري على موعد مع انتخابات تشكيل المجلس الأعلى للسلطة القضائية، كيف تتبعت الحملة التعريفية للمرشحين وكيف تقيم البرامج المطروحة؟

- الواقع أنه من خلال تتبعي للحملة الانتخابية لبعض المرشحين، يمكن القول بكل صراحة أنها تتم في أجواء عادية بعيدة عن التشنجات والمزايدات المجانية، حيث عمل المرشحون على القيام بجولات بمختلف محاكم المملكة للتقارب والتواصل مع السادة القضاة، وشرح أسباب ودواعي ترشيحاتهم، ومختلف طموحاتهم وانتظاراتهم وانشغالاتهم في هذا الشأن، وذلك إما بشكل انفرادي أو في إطار ائتلافات، كما أن البعض منهم فضل خوض حملته الانتخابية خارج أسوار المحاكم من قبيل الفنادق وما إلى غير ذلك. والجدير بالذكر أنه وبعد الاطلاع على مختلف البرامج المطروحة من طرف المرشحين، يتضح بجلاء أنها تدعو إلى الدفاع عن استقلال السلطة القضائية، وإلى وضع مدونة سلوك، وضمان الشفافية للمجلس، وتغيير آليات اشتغال المجلس، وتمكين القاضي من جميع حقوق الدفاع، ووضع خريطة قضائية مفصلة لتحديد خصاص المحكمة واحتياجاتها.. وهي برامج في اعتقادي المتواضع تشكل ترديدا لمختلف الصيحات التي صاحبة الحراك القضائي منذ بدايته إلى حين صدور بعض النصوص القانونية من قبيل النظام الأساسي للقضاة، والقانون المتعلق بالسلطة القضائية، فهي برامج عامة في مضمونها وماهيتها تذكرنا بمختلف البرامج المرتبطة بالانتخابات الجماعية أو التشريعية.

+ تجرى هذه الانتخابات بخلفية جمعوية، ومن المرشحين من ضمن هذه الخلفية في التعريف به، إلى أي حد يمكن القول إن هذه الانتخابات هي صراع خفي بين هذه الجمعيات؟

- مما لا مراء فيه، أنه وبعد تصفح مختلف الترشيحات التي تقدم بها بعض السادة القضاة، يبدو أن البعض منهم ينتمي إلى الودادية الحسنية للقضاة أو لنادي القضاة أو رابطة القضاة، في حين أن البعض الآخر قدم طلب ترشيحه خارج جبة هذه الجمعيات المهنية، دون إغفال الإشارة إلى أن بعض الوجوه  المرشحة هم أعضاء حاليين بالمجلس الأعلى للقضاء إلى جانب مسؤولين قضائيين. إذن فنحن أمام خليط يصعب التكهن معه منذ البداية بنتائج هذه الانتخابات، لكن الذي يجب ألا يغرب عن أذهاننا، أن بعض الجمعيات المهنية استحضرت التوزيع العقلاني لمرشحيها لا من حيث العدد ولا من حيث الجهات التي يعملون بها واضعة نصب أعينها منهجية الانتخابات التي تتتبناها الأحزاب السياسية في الاستحقاقات الانتخابية.

+ يختلف المجلس الحالي عن سابقيه، فهو يأتي تنزيلا لمواد الدستور الحالي، ما هو المنتظر من الأعضاء؟

- طبعا إن الانتخابات التي ستجرى يوم 23 يوليوز 2016 تأتي في سياق جديد، وذلك على ضوء دستور 2011 الذي أعطى للسلطة القضائية مكانة متميزة داخل هرمه وبوأها مكانة لا أحد منا يستطيع التنكر لها أو غض الطرف عنها، وأعطى للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أدوارا جديدة، وهو سياق يختلف كامل الاختلاف عما كان سائدا قبل، مما يجعل من أعضاء السلطة القضائية في محك حقيقي مع الحمولة التي جاء بها الدستور الحالي.

+ إلى جانب الأعضاء المنتخبين هناك أعضاء بالصفة في هذا المجلس، والبعض يعتبر أن عضوية بعضهم لا علاقة لهم بالقضاء، في نظرك ما الداعي لعضوية أشخاص غير قضاة في تدبير شان قضائي خاص؟ وكيف يمكن تصور العمل بين اعضاء منتخبين وآخرين معينين؟

- نعتقد جازمين أن تشكيلة المجلس الأعلى للسلطة القضائية تختلف عن تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء الحالي والتي تضم إلى جانب الأعضاء المنتخبين أشخاصا  آخرين معينين، سيعطون لا محالة دفعة قوية سواء على مستوى تدبير شؤون السادة القضاة أو على مستوى الدفاع عن العدالة بكل تجلياتها. ونرى أن هذا الخليط من حيث التركيبة يبدو ظاهرة صحية ووجيها. لكون الشأن القضائي لم يعد منحصرا في الجسم القضائي لوحده، بل أضحى شأنا مجتمعيا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. لكن ما نتمناه في هذا السياق هو أن يكون هناك نوع من التوافق والانسجام في اتخاذ القرارات بشكل سليم بذل الانفراد، واستحضار المقاربة الأحادية الذي أثبت الواقع عدم نجاعتها، وعدم استحضار كذلك جبة الانتماء الجمعوي لمختلف الجمعيات المهنية، لأن العضوية بالنسبة للقضاة الذين تم انتخابهم تحتم عليهم الدفاع عن حقوق القضاة مهما تنوعت مشاربهم بدل الدفاع عنهم من زاوية الانتماء لهذه الجمعيات.

+ هل يمكن الحديث عن خارطة طريق الأعضاء الجدد في هذا المجلس برسم الولاية المقبلة؟

- ندعو السادة أعضاء السلطة القضائية، بعد تشكيل المجلس، إلى الانكباب أولا على وضع نظام داخلي له، تتوفر فيه جميع المقومات المعقولة المبنية على استحضار المقاربة المعيارية بشأن تدبير وضعيات السادة القضاة.. فصحيح أن المجلس الأعلى للقضاء في السنوات الأخيرة وضع عدة معايير أثناء اشتغاله، لكن ذلك كان يتم في غياب التنصيص عليها من خلال نظامه الداخلي.. وعليه فالمعول عليه حسب المجلس الجديد هو تجاوز الانتقادات التي كانت توجه لربيبه السابق من طرف البعض، وأن يتم وضع حد للصراع الخفي الذي كان سائدا بين الأعضاء الدائمين والأعضاء المنتخبين، والعمل على تدبير الوضعيات والشأن القضائي بنوع من الحكامة الرشيدة، ومعانقة المقاربة التشاركية بما يخدم هذه المؤسسة الدستورية التي يعقد الجميع آماله عليها للدفع بعجلة العدالة إلى الأمام التي هي شعور إنساني نبيل، كل هذا وذاك بنوع من الحس الوطني العالي. فمسؤوليتهم في هذا الشأن هي مسؤولية تاريخية ستظل منحوتة في تلافيف كل واحد منا. فنظرتنا إليه هي نظرة تفاؤلية بدل النظرة المبنية على الحكم المسبق الذي قد يكون منجرفا يرمي إلى معادات هذا المولود الجديد رغم أهميته.

هي دعوة للسادة القضاة إلى المشاركة الفعلية في هذه الاستحقاقات الانتخابية بنوع من الثقة والشفافية والنزاهة والضمير، واختيار الأصلح والأنسب والأمثل لخدمة السلطة القضائية وذلك بالنظر لمكانة السادة القضاة داخل المجتمع، ولكونهم هم الذين يبتون في بعض المنازعات الانتخابية حماية للشرعية والمشروعية، وينظرون كذلك في مختلف المنازعات والخصومات القضائية، الأخرى لإقرار الحقوق، فيتعين أن يكونوا قدوة للجميع، وأن يبتعدوا عن أي انزلاق في هذا الشأن يجعلهم محطة للشك والريبة هم في غنى عنها.