قررت الحكومة تدارس مشروعي قانونين يتعلق الأول منهما بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة والثاني بتغيير وتتميم القانون المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، وذلك خلال اجتماع مجلس الحكومة الخميس المقبل برئاسة رئيس الحكومة.
ونقلت إحدى الصحف الوطنية استنادا إلى مصادر وصفتها ب"الخاصة"، أن التعديلات التي ادخلت على القانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة همت كثيرا من الفصول التي تهم تركيبة المجلس و طريقة تكوينه و الآجال المرتبطة بمعالجة الشكايات موضحة بأن هذه التعديلات أبقت على نفس عدد أعضاء المجلس الوطني من الصحافيين و الناشرين بسبعة أعضاء عن كل فئة، على أن لا يقل عدد الصحافيات النساء عن ثلاث بالنسبة لكل فئة، في الوقت الذي ما فتئ العديد من الصحافيين يطالبون بزيادة عددهم بالمجلس.
لكن هذه التعديلات توجهت نحو التمييز في طريقة حصول الصحافيين و الناشرين على عضوية المجلس، بين انتخاب ممثلي الصحافيين في انتخابات عامة ، يشارك فيها جميع الصحافيين و الصحافيات الحاصلين على بطاقة الصحافة المهنية برسم السنة التي تجري فيها الانتخابات، في حين حددت التعديلات الجديدة عضوية ممثلي الناشرين في المجلس عن طريق الانتداب كممثلين عن المنظمات المهنية .
لكن يمكن ابداء ملاحظتين اثنتين، الأولى تتعلق بمدى تقيد الحكومة، في مشروعها بمنطوق الدستور؟ الذي ينص في الفصل 28 بالخصوص على أن السلطات العمومية " تشجع "على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والاخلاقية المتعلقة به.
وفضلا عن ذلك فإن مشروعي القانونين لم يخضع الى نقاش عمومي، كما لم يكن محط تداول مع الجسم الصحفي من خلال هيئاتهم المهنية التمثيلية، التي عبر عدد منها عن انتقادهم لانفراد السلطة التنفيذية، في اعداد المشروعين الذي كان وزير الشباب والثقافة والتواصل، قد أعلن في ماي الماضي أمام مجلس النواب، عن " إعداد نص قانوني جديد للمجلس الوطني للصحافة، ناقشته الحكومة من حيث الشكل، على أن يكون المضمون موضوع مناقشة مع المهنيين في إطار التنظيم الذاتي للمهنة، وأن خلاصات هذه التجربة ..شكلت مصدر إعداد هذا النص القانوني"، معتبرا أن " التنظيم الذاتي لا يهم الصحافيين فقط، وإنما المجتمع ككل لأن الصحافة تظل في خدمة المجتمع".
أما الملاحظة الثانية، فتتعلق باعتماد أسلوبين مختلفين في اختيار أعضاء المجلس الوطني للصحافة الذين سيشكلون المجلس المقبل والتي تجعل انتخابات ممثلي الصحافيين في انتخابات، يشارك فيها جميع الصحافيين و الصحافيات الحاصلين على بطاقة الصحافة المهنية برسم السنة التي تجري فيها الانتخابات ، وعلى خلاف ذلك في حين حددت عضوية ممثلي الناشرين في المجلس عن طريق الانتداب كممثلين عن المنظمات المهنية.
فعلاوة على عدم الالتزام بالمقاربة التشاركية، فالمشروع يقصى بشكل نهائي الهيئات التمثيلية للصحافيين، وفي مقدمتهم النقابة الوطنية للصحافة المغربية التي ساهمت في كافة محطات الحوار حول الصحافة والاعلام منذ المناظرة الوطنية الأولى للصحافة والاعلام في مارس 1993، مرورا بالملتقى الوطني بالصخيرات سنة 2005 الذي توج بالتوقيع على الاتفاقية الجماعية الإطار للصحافيين المهنين ما بين الفيدرالية المغربية لناشري الصحف والنقابة الوطنية للصحافة المغربية والحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع بالبرلمان سنة 2010 ، واللجنة العلمية سنة 1916 التي أفرزت قوانين الثلاث ( الصحافة والنشر، الصحافي المهني، والمجلس الوطني للصحافة).
لكن وعلى خلاف ذلك، فإن المشروع الحكومي، يعترف فقط بمنظمات الناشرين ( الباطرونا ) التي ستتولى انتداب ممثليها بالمجلس الوطني للصحافة، المؤسسة الوطنية المستقلة التي يناط بها، مهام التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومنح بطاقة الصحافة المهنية، ووضع ميثاق أخلاقيات الصحافة والقيام بدور التحكيم والوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار، فضلا عن إبداء الرأي في شأن مشاريع القوانين والمراسيم المتعلقة بالمهنة أو بممارستها، مع اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وإعداد الدراسات المرتبطة بهما وبمخططات تأهيل القطاع.
بيد أن أن هذا المشروع الحكومي حول التنظيم الذاتي، لم يتجاوب معالفصل 27 من الدستور الذي ينص على الحق في الحصول على المعلومات حقا من الحقوق والحريات الأساسية، ليس فقط للصحافيين بل للمواطنات والمواطنين، وإن تكريس هذا الحق يترجم التزام المغرب بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وبمقتضيات المادة 19 من الإعـلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وكذا المادة 10 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وبغض النظر عن الاختلاف في وجهات النظر والمواقف حول المجلس الوطني للصحافة منذ انتخابه سنة 2018 ، ووعدم اتفاق المهنيين على مستوى آدائه ومساره الى غاية تعيين لجنة مؤقتة، فإن الأمر يتطلب في هذه المرحلة الدقيقة، فتح أفق جديد، قد يشكل طرح مشروعي القانونين، فرصة لاتخاذ مبادرات، تسبقها تجاوز كل الخلافات - مهما كان نوعها وحدتها – والتفكير في احداث تكتل للصحافيين وهيئاتهم ونشطاء المجتمع المدني، للترافع حول مطالب محددة وواضحة، وهو ما قد يساهم ليس فقط في إعادة اللحمة بين الجسم الصحفي، ولكن المصداقية والثقة في قطاع يعاني أصلا من هشاشة مركبة، وتراجعا في منسوب الثقة التي كان يحظى بها من لدن الرأي العام.
إن من شأن توفير البيئة المناسبة، يساهم في اطلاق حوار مسؤول بين كافة الأطراف، ليس فقط حول التنظيم الذاتي، ولكن بحث السبل الكفيلة بالارتقاء بمستوى الإعلام، وتقوية أواصر التضامن بين الصحفيين، بدل ما تعرفه هيئاته من تشرذم وصراعات وتطاحنات لن تفيد بشئ المهنة ويوسع من حرية الصحافة، وتجويد الممارسة الإعلامية التي تعرف تراجعا مهولا وانزياحا واضحا عن قواعد أخلاقيات الصحافة.
فليس مستحيلا ، تذليل المعيقات وتجاوز الخلافات والصراعات بين المهنين التي تساهم بشكل كبير في مزيد من انعدام الثقة في دور الصحافة والإعلام التي تشكل أداة رقابة مهنية مستقلة، ومواكبة القضايا الحيوية، التي تستأثر باهتمام الرأي العام. فما تعيشه الصحافة الوطنية،من تحديات، لا يرتبط فقط بالمغرب، لكن هناك إشكاليات تعرفها مختلف المجتمعات، لكن بشكل أكبر ، بلدان الهشاشة الديمقراطية. وهو ما يتطلب الأخذ بعين الاعتبار التحولات المتسارعة التي يعرفها القطاع وطنيا ودوليا، مع الإيمان بأن صحافة الأمس، ليست هي صحافة اليوم، وبالضرورة، لن تكون صحافة الغد.
ونقلت إحدى الصحف الوطنية استنادا إلى مصادر وصفتها ب"الخاصة"، أن التعديلات التي ادخلت على القانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة همت كثيرا من الفصول التي تهم تركيبة المجلس و طريقة تكوينه و الآجال المرتبطة بمعالجة الشكايات موضحة بأن هذه التعديلات أبقت على نفس عدد أعضاء المجلس الوطني من الصحافيين و الناشرين بسبعة أعضاء عن كل فئة، على أن لا يقل عدد الصحافيات النساء عن ثلاث بالنسبة لكل فئة، في الوقت الذي ما فتئ العديد من الصحافيين يطالبون بزيادة عددهم بالمجلس.
لكن هذه التعديلات توجهت نحو التمييز في طريقة حصول الصحافيين و الناشرين على عضوية المجلس، بين انتخاب ممثلي الصحافيين في انتخابات عامة ، يشارك فيها جميع الصحافيين و الصحافيات الحاصلين على بطاقة الصحافة المهنية برسم السنة التي تجري فيها الانتخابات، في حين حددت التعديلات الجديدة عضوية ممثلي الناشرين في المجلس عن طريق الانتداب كممثلين عن المنظمات المهنية .
لكن يمكن ابداء ملاحظتين اثنتين، الأولى تتعلق بمدى تقيد الحكومة، في مشروعها بمنطوق الدستور؟ الذي ينص في الفصل 28 بالخصوص على أن السلطات العمومية " تشجع "على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والاخلاقية المتعلقة به.
وفضلا عن ذلك فإن مشروعي القانونين لم يخضع الى نقاش عمومي، كما لم يكن محط تداول مع الجسم الصحفي من خلال هيئاتهم المهنية التمثيلية، التي عبر عدد منها عن انتقادهم لانفراد السلطة التنفيذية، في اعداد المشروعين الذي كان وزير الشباب والثقافة والتواصل، قد أعلن في ماي الماضي أمام مجلس النواب، عن " إعداد نص قانوني جديد للمجلس الوطني للصحافة، ناقشته الحكومة من حيث الشكل، على أن يكون المضمون موضوع مناقشة مع المهنيين في إطار التنظيم الذاتي للمهنة، وأن خلاصات هذه التجربة ..شكلت مصدر إعداد هذا النص القانوني"، معتبرا أن " التنظيم الذاتي لا يهم الصحافيين فقط، وإنما المجتمع ككل لأن الصحافة تظل في خدمة المجتمع".
أما الملاحظة الثانية، فتتعلق باعتماد أسلوبين مختلفين في اختيار أعضاء المجلس الوطني للصحافة الذين سيشكلون المجلس المقبل والتي تجعل انتخابات ممثلي الصحافيين في انتخابات، يشارك فيها جميع الصحافيين و الصحافيات الحاصلين على بطاقة الصحافة المهنية برسم السنة التي تجري فيها الانتخابات ، وعلى خلاف ذلك في حين حددت عضوية ممثلي الناشرين في المجلس عن طريق الانتداب كممثلين عن المنظمات المهنية.
فعلاوة على عدم الالتزام بالمقاربة التشاركية، فالمشروع يقصى بشكل نهائي الهيئات التمثيلية للصحافيين، وفي مقدمتهم النقابة الوطنية للصحافة المغربية التي ساهمت في كافة محطات الحوار حول الصحافة والاعلام منذ المناظرة الوطنية الأولى للصحافة والاعلام في مارس 1993، مرورا بالملتقى الوطني بالصخيرات سنة 2005 الذي توج بالتوقيع على الاتفاقية الجماعية الإطار للصحافيين المهنين ما بين الفيدرالية المغربية لناشري الصحف والنقابة الوطنية للصحافة المغربية والحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع بالبرلمان سنة 2010 ، واللجنة العلمية سنة 1916 التي أفرزت قوانين الثلاث ( الصحافة والنشر، الصحافي المهني، والمجلس الوطني للصحافة).
لكن وعلى خلاف ذلك، فإن المشروع الحكومي، يعترف فقط بمنظمات الناشرين ( الباطرونا ) التي ستتولى انتداب ممثليها بالمجلس الوطني للصحافة، المؤسسة الوطنية المستقلة التي يناط بها، مهام التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومنح بطاقة الصحافة المهنية، ووضع ميثاق أخلاقيات الصحافة والقيام بدور التحكيم والوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار، فضلا عن إبداء الرأي في شأن مشاريع القوانين والمراسيم المتعلقة بالمهنة أو بممارستها، مع اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وإعداد الدراسات المرتبطة بهما وبمخططات تأهيل القطاع.
بيد أن أن هذا المشروع الحكومي حول التنظيم الذاتي، لم يتجاوب معالفصل 27 من الدستور الذي ينص على الحق في الحصول على المعلومات حقا من الحقوق والحريات الأساسية، ليس فقط للصحافيين بل للمواطنات والمواطنين، وإن تكريس هذا الحق يترجم التزام المغرب بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وبمقتضيات المادة 19 من الإعـلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وكذا المادة 10 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وبغض النظر عن الاختلاف في وجهات النظر والمواقف حول المجلس الوطني للصحافة منذ انتخابه سنة 2018 ، ووعدم اتفاق المهنيين على مستوى آدائه ومساره الى غاية تعيين لجنة مؤقتة، فإن الأمر يتطلب في هذه المرحلة الدقيقة، فتح أفق جديد، قد يشكل طرح مشروعي القانونين، فرصة لاتخاذ مبادرات، تسبقها تجاوز كل الخلافات - مهما كان نوعها وحدتها – والتفكير في احداث تكتل للصحافيين وهيئاتهم ونشطاء المجتمع المدني، للترافع حول مطالب محددة وواضحة، وهو ما قد يساهم ليس فقط في إعادة اللحمة بين الجسم الصحفي، ولكن المصداقية والثقة في قطاع يعاني أصلا من هشاشة مركبة، وتراجعا في منسوب الثقة التي كان يحظى بها من لدن الرأي العام.
إن من شأن توفير البيئة المناسبة، يساهم في اطلاق حوار مسؤول بين كافة الأطراف، ليس فقط حول التنظيم الذاتي، ولكن بحث السبل الكفيلة بالارتقاء بمستوى الإعلام، وتقوية أواصر التضامن بين الصحفيين، بدل ما تعرفه هيئاته من تشرذم وصراعات وتطاحنات لن تفيد بشئ المهنة ويوسع من حرية الصحافة، وتجويد الممارسة الإعلامية التي تعرف تراجعا مهولا وانزياحا واضحا عن قواعد أخلاقيات الصحافة.
فليس مستحيلا ، تذليل المعيقات وتجاوز الخلافات والصراعات بين المهنين التي تساهم بشكل كبير في مزيد من انعدام الثقة في دور الصحافة والإعلام التي تشكل أداة رقابة مهنية مستقلة، ومواكبة القضايا الحيوية، التي تستأثر باهتمام الرأي العام. فما تعيشه الصحافة الوطنية،من تحديات، لا يرتبط فقط بالمغرب، لكن هناك إشكاليات تعرفها مختلف المجتمعات، لكن بشكل أكبر ، بلدان الهشاشة الديمقراطية. وهو ما يتطلب الأخذ بعين الاعتبار التحولات المتسارعة التي يعرفها القطاع وطنيا ودوليا، مع الإيمان بأن صحافة الأمس، ليست هي صحافة اليوم، وبالضرورة، لن تكون صحافة الغد.