الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

الزكي باحسين: حينما تصبح دولة راعية للأخطاء التاريخية

الزكي باحسين: حينما تصبح دولة راعية للأخطاء التاريخية

يغور الذبال في جب الشمعدان ولا يستيقظ المغرب على صباح جديد.دخلنا عهد الملك؛لكن رجاء المغاربة لما يزل في السلطان.

هم في هذا يشتركون مع ملكيي فرنسا من رجالات الجمهورية الثالثة.من يستطيع أن يومئ إلى الموضوع دون ذكر الماريشال ليوطي.هذا العسكري الموسوم بالتقاليد الملكية لآسرة آل بوربون.

أتى المغرب فاتحا, فإذا به يتهم بإحياء الموروث السلطاني لبني مرين.لاحقا سيصحح عبد الله العروي هذه المعلومة حيث سيعتبر أن الموروث السلطاني إياه هو مجرد تقاليد زاوية معينة.

 نظر ليوطي لعاهل البلاد كما ينظر المغاربة لعاهلهم؛ اعتبره "سويرتي" وضربة حظ.أمر كان غائب عن السلطان كما عن حاشيته.

سيقال إن ماريشال فرنسا ابن مدينة نانسي كان رجعيا فأحيى موروثا باليا ليتحكم في المغاربة بعقلية إدارية – يعقوبية. وهو الإرث الذي آل – حسب البعض – للحسن الثاني. فلما صار ملكا حكم بالإدارتين معا؛ الحديثة وقد ورثها عن الإقامة العامة (ليوطي) والقديمة وقد ورثها عن الحكم الثيوقراطي للسلطان.

ثمة- دائما- نسيان في حزوز سفينة المغرب؛ لذالك تعتبر شواطئه مقبرة للجانح لما كان المغاربة ينعتونه بـ "بابور البحر".

بعض الوقائع في تاريخ المغرب السياسي إن هي إلا خرافات يستطاب ذكرها لتدشين بدايات درءا للأفول.

للأسف ليس ثمة من يُؤَلْبِن (من الألباني) متن الكذب هذا، ويقول للناس كفى من التدليس. ينقط بدرجة ضعيف جدا ويمنع بمرسوم ترديده على مسامع المريدين.

في النهاية فإن قصف طبلة الأذن بالكذب يقود، أكيد، إلى نوم عميق؛ غير أنه لا أحد يمكن أن يرى في الصمم مِنَّة بعد اليقظة .

لم يتعرض المغرب للاستعمار.

كان هناك فقط ملكيون فرنسيون مرامهم إعادة الملكية لفرنسا، البحث عن استعراش فرنسي بدءا من المغرب. الكلام هنا عن nouvelle restauration لم يتسن الإمساك بها. لم يكن الشعب ولا نخبته مدركين لتواريخ الزحف الغربي الموروث عن طريق الحمالات الرومانية واليونانية والمقدونية كما أرخ لها بلوتارك, والتي ستجد صياغتها المثلى في غزو نابوليون بونابارت للمماليك الألمانية زمن غوته.

انتظمت الدهماء فيما يسمى بالكفاح المسلح. وقادت الخاصة حركة سميت زورا بالوطنية.وتلا ذالك الكثير من الدم.. وتحول الكل إلى طائفة بدائية لا تمانع في تعميم النحر. رأس البلاد لم يكن ببعيد عن الطلب. فطالته محاولات القتل برا وجوا.

سيضطر لحماية نفسه.ذاك إجراء فطري لكل من يتعرض للخطر. لا يهم مقام الانتماء؛ فحفظ النفس سلوك طبيعي.

كل ما أتى لاحقا مرده سوء فهم. من يدرك كليات الأفعال؟ إرث مغلوط وزع – للأسف – وبتوثيق عدلي على الجميع.

استعمار بدل استعراش، كفاح بدل التمكين للمستجير من استرجاع ملكه . وطنية بدل نقاش في العمق حول الدور المغربي.

لقد تحولت واقعة 1912 إلى مزحة شبيهة بما وقع لمجموعة أوسمان يوم استوقفتهم الجمارك البلجيكية في سبعينيات القرن الفائت. لقد طلبت من المجموعة الموسيقية الأمازيغية مراقبة وحدات قياس الكهرباء (الواطات) لكل آلة من آلات الموسيقية بما فيها البندير.

كيف يمكن تحديد واط البندير؟

لقد ألفينا أنفسنا - نحن - الأجيال التي لا يعنيها إرث رجالات استشكل عليهم وضع البلاد كما استشكل عليهم المنوط والمطلوب منهم أمام هذا الوضع , فقرروا أن يفهموا الأمور بحس طفولي بدائي. فكان ما كان من تصابي Enfantillage في التعاطي مع التاريخ والوقائع.

النتيجة: استبدال وقائع وتهريب أخرى.

وتولت الدولة نفسها مهمة الترويج لتاريخ مغلوط.

تتوالى اليقينيات. ويغوص الزمن في ثقوبه السوداء لتصبح المراجعة كفر بالملة والنِّحْلة. يرتفع عدد الأتباع. هؤلاء يتحكمون في إعادة انتاج السمعة. يلتمسون العذر على الطريقة الإيحيائية الأوروبية.فحينما أراد الأوروبيون استعادة هوميروس بدا لهم همجيا وصاحب سلوك بدائي بالنسبة لمنظومة السلوك الأوروبي المتولي لعملية الإحياء.

يمكن أن نقرأ مقطعا من إلياذته: ورد إليها هيكطور الطفل فقبلته بابتسامة تبللها الدموع. ما كانت اليونان القديمة لتسمح بإعطاء معنى ودور لطفل صغير.

تفرد الإنجليز، مع حلول القرن الثامن عشر, في الكف عن اعتبار هوميروس جُدَّةَ من يُسْتَهْدى به لكتابة فن الملاحم. وكانت نتيجة ذالك بزوغ هُبَّة أدبية انعكست على نظام الحكم، فكان ما كان من توقير للملكية التي لا تغيب عنها الشمس.

لننظر إلى الجهة المقابلة. فرنسا هذه الدولة العظيمة ضيعت ملكيتها منذ فكر بيير دي رونسار في إنشاد La Francaide. شيئ غاب عن المغاربة منذ " احتمت " بهم فرنسا سنة 1912 فقالوا إنما هي هنا ل "تحمينا".

ويستمر سوء الفهم برعاية الدولة حينما تحتفل بسنواتها المجيدة ...سنة للإستقلال، سنة للمطالبة به...سنوات الكفاح وسنوات لتطبيق من كافح.. سنوات نائمة يتم ايقاظها لإحياء "فانديتا" بين بعض الأحياء وبعض الساسة وبعض من في البلاد المتعيش من سنوات مغلقة عن الفهم.