Friday 21 November 2025
كتاب الرأي

خالد أخازي: الحوار الاجتماعي لوزارة برادة.. التفاوض حول التفاوض... 

خالد أخازي: الحوار الاجتماعي لوزارة برادة.. التفاوض حول التفاوض...  خالد أخازي
في غمرة الترقب، تستعدّ النقابات الخمس لجولة تفاوض جديدة، فيما يظلّ السؤال معلَّقًا في فضاء الالتباس:
مع من ستتفاوض النقابات؟
مع الوزارة؟ نعم…. وزارة لا ثقة فيها ولا عهود لها... تورط النقابات مع قواعدها بإدمان الاتفاقيات المعلقة...
مع وزارة...تملصت من تخفيف زمن التدريس لا الزمن المدرسي، بمعطيات مقاراناتية مزيفة، لا تعي الفرق بين زمن التدريس الصريح، والزمن المهني...
مع وزارة... تضحك على الذقون، وتلعب لعبة " الغميضة"... حين تتحجج بردود وزارة المالية، كأن الاتفاقيات لا تلزم الحكومة، ولكل وزير الحق في الرفض... سريالية التفاوض من هنا تبدأ...
وزير يلتزم.... يصوغ مرسوما... ووزير يرفض... بحجة تقنية أو مالية..
تالله لا يعدو الأمر تكتيكا لربح الوقت، وقتل الرمزية النقابية... 
إنه تدبير سياسي خطير....
لنقل أن برادة.... التزم وغلب... وها هو يمثل قطاعا لا حلاوة فيه ولا مضادا حيوي... يمثله  الوزير بلا طعم لا لغوي ولا مهني فهو  يملك شرعية الحضور الجسدي، دون أن يمتلك ـ سياسيًا ـ ما يكفي من الخلفية لرسم بوصلة تدبير قطاع بحجم التعليم.
فالوزير، وإن حضر رسميا، يتحرك بلا رؤية واضحة، وبلا مرجعية سياسية تُؤطّر قراراته.... كان الله في عونه... فقد غلبت " غيلان" الوزارة الهرمة، قبله... شخصيات من عيار ثقيل... بنموسى... والوزير الوالي... القنوع...
برادة ... نعم أنه يتلقى “الفتوى” من دهاليز صناعة الفوضى والإرباك، ويستند ـ في تدبير الملفات ـ إلى منطق يغذي العبث أكثر مما يصنع الحلول...
زمن التدريس...  مدارس الريادة... تسقيف المباراة... وزد... وزد ما قال فيه وعنه الوزير عجيبة وتغريبة...
من حدثك بهذا الأمر يا برادة؟
من علمك السحر ونسي أنه مجرد مقالب لغوية مفتوحة...
لذلك تستمر الوزارة في إنتاج البلاغات المفخخة  والاتفاقيات حمالة أوجه الفهم، الفاتنة بلا نعمة، المغرية بلا فهم وحيد... فكلما تعدد التأويل انتصرت الوهم والتماطل والبيروقراطية..
 يظل التنفيذ معلقا بححج مصطنعة، ، أو موضوع رهينة صناع التوتّر... بتفخيخ النصوص 
وهنا يتجلى جوهر الإشكال:
لسنا أمام وزير يقود سياسة عمومية، بل أمام واجهة رسمية تتلقى التعليمات، لا توجهها...
والنتيجة؟
التزام يعلن… ثم أزمة تنزيل تصطنع… ثم موجة طمأنة باردة تمرّر للنقابات كي تبقى حرارة المشهد تحت السيطرة.
فلا يعقل أن تستدعى النقابات لمناقشة مواد قانونية من أجل التنفيذ، وكأن تنفيذ الالتزامات أصبح تفضلا لا التزاما أخلاقيا قبل أن يكون أخلاقيا... 
ولا يعقل أن تطوى فضائح صريحة:
– من استرجاع اقتطاعات بلا سند، بمكر وتدليس إلى التهرب من تنفيذ المادة 89، وفق النظام الأساسي لا غير... يا سادة... طبقوا النظام الأساسي... هذا منتهى الحماس... لكن رجال برادة يعلمون أن بعد التنفيذ ستنتعش شهية المطالب... ولأنهم مدبرون بمكر... يحولون الأزمة إلى حقل المتفق عليه... فيغدو مطلب التنزيل مكسبا... وهذا هو الفخ...
–  دفن ملفات كبرى بلا أجرأة، لجميع الأطر... فخ كبير... لتسكن النقابات الهامش... ويغيب مطلب المركز....
إن ما يحدث ليس حوارا اجتماعيا، بل إدارة محسوبة للضباب، تبقي النقابات في المنطقة الرمادية، بينما تظل القرارات الأساسية تحت وصاية من يعتبرون العبث منهجًدا والتشويش سياسة.
لقد حان الوقت لإسدال الستار عن هذا النمط، والانتقال إلى مقاربة هجومية قوية تعيد الاعتبار للفعل النقابي وتضع الوزير أمام مسؤولياته الحقيقية، لا الشكلية.
يا سادة،
الوزارة ـ في هندستها الحالية ـ تخدعكم بذكاء بارد، والوزير يتحرك بلا بوصلة، بلا خلفية، بلا رؤية…
ويستقي مواقفه من دوائر تتقن صناعة الارتباك أكثر مما تتقن صناعة السياسة العمومية.
أما الحقيقة، فهي لا تؤخذ من البلاغات، بل من الواقع...
وواقع الوزارة اليوم أشبه بـحقل ألغام إداري تدفن فيه القرارات الكبرى، وتنمط فيه الأوهام، ويصنع فيه الالتباس كسياسة طويلة الأمد...
حذار... من البقاء في الهامش... برجال برادة... يتقنون انتاج نصوص  قابلة لكل قراءة... وكلما تعدد التأويل... طال زمن  التنفيذ....
خالد أخازي، كاتب وإعلامي