Tuesday 12 August 2025
اقتصاد

الطاهر بنجلون: حمّى الأسعار والجشع الاقتصادي تهدد صورة المغرب السياحية!

 
 
الطاهر بنجلون: حمّى الأسعار والجشع الاقتصادي تهدد صورة المغرب السياحية! الطاهر بنجلون
الكل يتحدث عن الأمر. كل واحد يروي كم كلفته نزهة مع أطفاله لتناول وجبة "goûter" في أحد هذه المقاهي "العصرية"، ناهيك عن المطاعم التي تمارس أسعاراً أوروبية بلا خجل. الأهم هو تحصيل أكبر قدر من المال. والأسوأ أن الأمر أصبح سلسلة مترابطة. الكل انخرط في ذلك، باستثناء سائقي سيارات الأجرة الصغيرة المساكين. هؤلاء يرغبون في زيادة أسعار رحلاتهم ببضعة دراهم، لكنهم لا يستطيعون.

بعض وسائل الإعلام لاحظت أن عدد المغاربة المقيمين بالخارج العائدين لقضاء العطلة في بلدهم قد انخفض مقارنة بالسنوات السابقة. بينما تؤكد أرقام أخرى عكس ذلك. لكن هناك بالفعل عدد غير قليل من هؤلاء المغاربة الذين قرروا عدم القدوم إلى "أجمل بلد في العالم"، وفضلوا عليه إسبانيا أو تركيا. السبب: المغرب أصبح غالياً جداً.
 
سعر تذاكر الطيران؛ سعر عبور خط الجزيرة الخضراء–ميناء طنجة المتوسط؛ أسعار الفنادق (مع خدمة متواضعة)؛ الأسعار التي تفرضها المطاعم… الفواتير في مستوى مطاعم باريس، لكن من دون الجودة والخدمة الجيدة.
 
الثابت الوحيد: أجور العاملين في هذه المقاهي والمطاعم منخفضة جداً، ولا تواكب ارتفاع الأسعار. إنها حمى الذهب!
سباق بلا رحمة. ليبرالية متوحشة، وغياب روح المواطنة. يتم تجريد الزبون من ماله، سواء في سوق السمك أو في إحدى العيادات. المغربي يريد أن يربح بسرعة وبكثرة. لا قيم، لا مبادئ. إنها الغابة.
 
التين "الكرموص" لا يتجاوز سعره عادة 10 دراهم يُباع حتى 50 درهماً للكيلوغرام. سعر السردين، هذا السمك الصحي والشعبي، ارتفع من 10 دراهم إلى 25 أو حتى 30 درهماً للكيلوغرام.
 
هذه السياسة القائمة على الجشع، وعلى الطمع المستجد، وعلى ازدراء المواطن البسيط محدود القدرة الشرائية، هي خطأ. وهي أيضاً ضربة قاتلة لقطاع السياحة الذي كان يبدو في صحة جيدة. شبكات التواصل الاجتماعي تنقل شهادات لسياح لن يعودوا مرة أخرى. سيذهبون إلى اليونان أو تركيا أو كرواتيا.
 
على الدولة أن تتدخل: مراقبة الأسعار (كما فعلت مؤخراً مع بعض الأدوية)، وضع أسعار خاصة للرحلات الجوية المتجهة نحو "أجمل بلد في العالم"، مراجعة سياسة الأسعار التي لا تراعي إطلاقاً مستوى القدرة الشرائية لأغلب المواطنين.
 
"المغرب بسرعتين" يظهر هنا. إنها قضية أخلاقية قبل أن تكون اقتصادية. الأنانية منتصرة وكذلك الفردانية، في حين أن المفارقة أننا في مجتمع لا يعترف بالفرد. لا توجد حرية ضمير، لكن يتم ترك الليبرالية الاقتصادية تستقر لتسحق الصغار وتغني الكبار.
 
هذا الانحراف الذي ترسخ إلى الأبد له عواقب اقتصادية واجتماعية خطيرة. قال جلالة الملك في خطاب العرش: "لا لمغرب بسرعتين". ومن الملحّ أن نصغي إليه وأن نطبق سياسة مواطِنة، ولو اقتضى الأمر أن يقبل الكبار بالتنازل عن جزء صغير من هامش أرباحهم.
 
 
أبسط مثال هو سعر لتر البنزين: 13,09 درهماً (1,30 يورو). أعلم أن الأمر معقد، لكن خفض هامش الربح لن يُفلس أي منتج أو صناعي كبير. نحن نقلد النظام الفرنسي الفاسد بكثرة الوسطاء. هناك الكثير مما يمكن فعله، لكن يبدو أن هذه هي الحرية.
 
نعم، لكن من سيدافع عن الفقير، عن الأسرة التي تعيش في الهشاشة؟ من سيتحدث باسمهم؟ هذا يولّد عنفاً يصبح مألوفاً. إحباطات، خاصة لدى الشباب، تدفعهم إلى مخالفة القانون.
المدرسة الخاصة أصبحت منجماً يثير أحلام الجميع. السعر الشهري يتراوح بين 800 و5000 درهم للتلميذ الواحد.
بعض المالكين أنشؤوا عدة مدارس، كما فعل مؤسس مجموعة عيادات "أكديطال" (مجموعة أنشأها طبيب إنعاش اسمه رشدي طالب). مبادرة جيدة، خاصة لمن يملك الوسائل.
 
لا أحد يجبرك على تسجيل ابنك في مدرسة خاصة أو على التوجه إلى عيادة خاصة. لكن وضعية المدرسة العمومية والمستشفى العمومي تعاني من سمعة سيئة. وهذا يدفع الناس نحو القطاع الخاص، رغم أن التعليم العمومي يتحسن وأن نظام الصحة تغير نحو الأفضل.
 
المواطن بلا دفاع. الموظفون لديهم الضمان الاجتماعي. لكن الباقين، وكل قطاع الاقتصاد غير المهيكل؟
"المغرب بسرعتين" موجود هنا. إنها قضية أخلاقية قبل أن تكون اقتصادية. الأنانية منتصرة وكذلك الفردانية، في حين أن المفارقة أننا في مجتمع لا يعترف بالفرد. لا توجد حرية ضمير، لكننا نترك الليبرالية الاقتصادية تستقر لتسحق الصغار وتغني الكبار.

 
كل هذا غريب جداً! لقد كتبتم "غريب"، كما هو غريب! وهكذا نجد أنفسنا في "دراما عجيبة"، الفيلم، وليس الواقع. أما الواقع فمرّ.
عن موقع le360