على وقع أزمة سياسية غير مسبوقة في فرنسا، يطفو على سطح النقاش العام اسم كريم بوعمران، السياسي الفرنسي من أصول مغربية، كأحد أبرز المرشحين المحتملين لرئاسة الحكومة الجديدة، في وقت يواصل فيه الرئيس إيمانويل ماكرون مشاوراته الدقيقة لإخراج البلاد من مأزق "البرلمان المعلّق" الذي أعقب الانتخابات التشريعية الأخيرة.
تداول اسم بوعمران لم يأتِ من فراغ؛ إذ يرى مراقبون أن الرئيس ماكرون يستخدم ورقته كأداة لإعادة رسم التوازنات داخل الكتل البرلمانية، مستهدفا تفكيك "الجبهة الشعبية الجديدة" التي يقودها اليسار المتشدد بزعامة "جان لوك ميلونشون". ووفق مصادر سياسية فرنسية، فإن بوعمران يُعتبر شخصية وسطية ذات خلفية يسارية معتدلة، وتمتلك ما يكفي من الكفاءة والقبول لبناء جسر بين تيار الوسط الرئاسي وبعض أطراف اليسار الاشتراكي.
غير أن الاسم الذي يوصف بأنه "مفاجأة الخريف السياسي الفرنسي" لا يحظى بالإجماع بعد، إذ تتعامل القوى اليمينية التقليدية واليمين المتطرف بحذر مع فكرة تكليفه، معتبرة أن ماكرون يسعى من خلاله إلى إضعاف المعارضة دون تقديم برنامج حكم واضح المعالم.
ويعيش الحزب الاشتراكي نفسه يعيش انقساما داخليا حاداً بشأن دعم ترشيح بوعمران. فبينما ترى بعض الأصوات أنه يجسد "يسارا معتدلا ومسؤولا" يمكنه خوض تسويات مع الإليزيه، تحذر تيارات أخرى من أن ترشيحه قد يكرس تبعية سياسية لماكرون ويمس هوية الحزب الاشتراكية. أما تحالف ميلونشون، فقد سارع إلى رفض الفكرة بالكامل، واعتبرها "التفافا على إرادة الناخبين اليساريين" ومحاولة لإقصاء "فرنسا الأبية" من المشهد الحكومي المقبل.
في المقابل، أبدت بعض مكونات اليسار والوسط، بما في ذلك نواب من حزب الخضر وحزب الديمقراطيين، انفتاحا على النقاش حول اسمه، متحدثين عن "فرصة لتشكيل حكومة وحدة جمهورية" تتجاوز الانقسامات الأيديولوجية.
وأفرزت الانتخابات التشريعية الأخيرة معادلة معقدة ثلاثية الأقطاب: تحالف اليسار "الجبهة الشعبية الجديدة"، والتحالف الرئاسي الوسطي "معاً"، وكتلة اليمين المتطرف "التجمع الوطني". هذه الخارطة البرلمانية جعلت من أي عملية تشكيل للحكومة تمر عبر توافقات صعبة ومفاوضات دقيقة.
ويمثل ترشيح بوعمران، بحسب محللين سياسيين، محاولة لتجاوز هذا الاستعصاء، عبر فتح قنوات حوار بين المركز واليسار المعتدل، واستبعاد اليمين المتطرف من أي معادلة حكومية. غير أن المخاطر تبقى قائمة في ظل هشاشة التحالفات وتناقض المصالح بين الكتل البرلمانية.
كريم بوعمران، البالغ من العمر 51 عاماً، هو ابن لأسرة مغربية متواضعة هاجرت إلى فرنسا في سبعينيات القرن الماضي. وُلد في 21 فبراير 1973 بمدينة سان دوني، وبدأ مسيرته داخل الحزب الشيوعي قبل أن ينتقل إلى الحزب الاشتراكي.
في عام 2014، فاز برئاسة بلدية سان أوين، منهيا سيطرة الشيوعيين عليها بعد نحو سبعة عقود، في خطوة اعتُبرت وقتها تحولا رمزيا في السياسة المحلية. ومنذ ذلك التاريخ، عُرف بأسلوبه البراغماتي وقدرته على كسب ثقة خصومه، خصوصا مع نجاحاته الإدارية والمشاريع التي أطلقها لتجديد المدينة وتحسين أوضاعها الاجتماعية.
بعيدا عن السياسة، يحمل بوعمران تجربة مهنية في مجال الأمن السيبراني، حيث عمل في فرنسا والولايات المتحدة، وأسّس شركة خاصة في وادي السيليكون، ما أضفى على مسيرته طابعا دوليا وتكنولوجيا يُقدّره بعض أوساط النخب الاقتصادية في باريس.
بوعمران من دعاة العدالة الاجتماعية والاقتصاد الإنتاجي، ويركز على دعم الفئات المتوسطة والضعيفة، وتحسين الأجور والخدمات العامة، لا سيما في القطاعات الصحية والتعليمية والسكنية. وهو يدعو إلى مواجهة التهميش والعنف في الضواحي واعتبار التنوع الثقافي ثروة وطنية.
كما يؤكد على ضرورة تشكيل حكومة "تمثل كل القوى الجمهورية" عدا اليمين المتطرف، من أجل إعادة الثقة بين المواطن والدولة وتحقيق استقرار مؤسساتي يتيح تنفيذ إصلاحات اقتصادية تدريجية.
يحمل اسم كريم بوعمران رمزية خاصة داخل المجتمع الفرنسي، فهو نموذج للمسؤول المحلي الذي صعد من أصول مهاجرة نحو واجهة السلطة، ويُنظر إليه كوجه يعكس التنوع الاجتماعي الذي يسعى جزء من الطبقة السياسية لتكريسه. غير أن رمزيته لا تكفي وحدها لحسم المعركة السياسية المعقدة التي تعيشها فرنسا اليوم.
وبينما تترقب باريس إعلان الرئيس ماكرون عن الشخصية التي ستُكلف بقيادة الحكومة المقبلة، يبقى اسم بوعمران في واجهة السباق، كخيار محتمل قد يفتح آفاق تسوية، أو يشعل مجددا صراع التحالفات في المشهد الفرنسي المتأزم.
كريم بوعمران، البالغ من العمر 51 عاماً، هو ابن لأسرة مغربية متواضعة هاجرت إلى فرنسا في سبعينيات القرن الماضي. وُلد في 21 فبراير 1973 بمدينة سان دوني، وبدأ مسيرته داخل الحزب الشيوعي قبل أن ينتقل إلى الحزب الاشتراكي.
في عام 2014، فاز برئاسة بلدية سان أوين، منهيا سيطرة الشيوعيين عليها بعد نحو سبعة عقود، في خطوة اعتُبرت وقتها تحولا رمزيا في السياسة المحلية. ومنذ ذلك التاريخ، عُرف بأسلوبه البراغماتي وقدرته على كسب ثقة خصومه، خصوصا مع نجاحاته الإدارية والمشاريع التي أطلقها لتجديد المدينة وتحسين أوضاعها الاجتماعية.
بعيدا عن السياسة، يحمل بوعمران تجربة مهنية في مجال الأمن السيبراني، حيث عمل في فرنسا والولايات المتحدة، وأسّس شركة خاصة في وادي السيليكون، ما أضفى على مسيرته طابعا دوليا وتكنولوجيا يُقدّره بعض أوساط النخب الاقتصادية في باريس.
بوعمران من دعاة العدالة الاجتماعية والاقتصاد الإنتاجي، ويركز على دعم الفئات المتوسطة والضعيفة، وتحسين الأجور والخدمات العامة، لا سيما في القطاعات الصحية والتعليمية والسكنية. وهو يدعو إلى مواجهة التهميش والعنف في الضواحي واعتبار التنوع الثقافي ثروة وطنية.
كما يؤكد على ضرورة تشكيل حكومة "تمثل كل القوى الجمهورية" عدا اليمين المتطرف، من أجل إعادة الثقة بين المواطن والدولة وتحقيق استقرار مؤسساتي يتيح تنفيذ إصلاحات اقتصادية تدريجية.
يحمل اسم كريم بوعمران رمزية خاصة داخل المجتمع الفرنسي، فهو نموذج للمسؤول المحلي الذي صعد من أصول مهاجرة نحو واجهة السلطة، ويُنظر إليه كوجه يعكس التنوع الاجتماعي الذي يسعى جزء من الطبقة السياسية لتكريسه. غير أن رمزيته لا تكفي وحدها لحسم المعركة السياسية المعقدة التي تعيشها فرنسا اليوم.
وبينما تترقب باريس إعلان الرئيس ماكرون عن الشخصية التي ستُكلف بقيادة الحكومة المقبلة، يبقى اسم بوعمران في واجهة السباق، كخيار محتمل قد يفتح آفاق تسوية، أو يشعل مجددا صراع التحالفات في المشهد الفرنسي المتأزم.