الجمعة 19 إبريل 2024
في الصميم

الفيضان سبب شرعي للتصويت على الجيش في الانتخابات القادمة

الفيضان سبب شرعي للتصويت على الجيش في الانتخابات القادمة

برغم الأسلحة التي كانت تتوفر عليها، وبرغم الدعم الذي كانت تقدمها لهاليبيا القذافي، وكوبا كاسترو، وجنيرالات الجزائر، لم تتمكن جبهةالبوليزاريو إطلاقا من تمزيق التراب الوطني إلى شطرين بقطع الطريقوالتموين بين شمال المغرب وجنوبه طيلة سنوات الحرب التي خاضتها ضد بلادنا من 1975 إلى 1991.

لكن، ولابد من لكن، بمجرد سقوط الأمطار الغزيرة في نونبر 2014 تم لأول مرة في تاريخ المغرب الحديث عزل 45 في المائة من التراب الوطني عن باقي المملكة بعد الدمار الذي لحق الطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين شمال المغرب وجنوبه عبر كلميم وطان طان.

وهو ما يمكن اعتباره كارثة قومية ترقى إلى مستوى الخيانة، لأن المسؤولين لم يكونوا في مستوى الثقة التي وضعت فيهم من طرف المواطنين لضمان أمنهم بشكل عام، أي أمن أرواحهم وأمن سلامتهم الجسدية وأمن تأمين تموينهم وأمن تنقلاتهم وأمن ممتلكاتهم.

الخطير في الأمر، أن المسؤولين بدل أن يعترفوا بجرائمهم ويطلبوا العفو من الله والاعتذار من الشعب، قدموا تبريرات تستبلد ذكاء المجتمع بالقول إن الجنوب المغربي عرف تساقطات استثنائية هذه السنة بشكل لم تصمد معه البنية التحتية من طرق وقناطر التي تهاوت مثل «بشكيطو» وتهاوت معها الملايير من الدراهم التي اقتطعت من ضرائب المواطنين.

الدليل على احتقار المسؤولين لنضج المواطن أن أوروبا نفسها تعرف تساقطات استثنائية هذا العام، وتابعنا كلنا عبر الفضائيات السيول بفرنسا وألمانيا وإسبانيا، ومع ذلك لم تقتلع قنطرة ولم تجرف طريق ولم ينهار نفق، لسبب بسيط أن السلطات العمومية بأوروبا تحرص على صيانة المنشآت الفنية وتراقبها باستمرار لتجنب الكوارث، كما يتم احترام الشبكة المرجعية La grille normative لإنجاز الطرق والقناطر.

فإذا أسقطنا السدود التي يمكن أن لا تصمد أمام الكميات الضخمة من المياه مما يبرر في عدة مرات لماذا يتم فتح الأنابيب (Vannes) لتفريغها، فإن باقي المنشآت الفنية من طرق قناطر وغيرها تنهار ليس بسبب الأمطار، بل بسبب الغش وإهمال الصيانة وتلاعبات بعض المهندسين المشرفين وتواطؤ بعض الشركات المكلفة بالإنجاز لنهب المال العام وعدم احترام معايير الشبكة المرجعية الخاصة بإحداث البنية التحتية.

فالمغرب يعرف، منذ أن خلق الله الأرض، تهاطل الأمطار في شهري نونبر ودجنبر من كل عام فضلا عن شهري أبريل ومارس من كل سنة مع استثناء المناطق الجبلية المعروفة بعواصف ظرفية في الصيف. وتأسيسا على هذه المعطيات البدهية تصدر الأرصاد الجوية دائما نشرات إنذارية لكافة الأجهزة العمومية. والمفروض حسب الخبراء ومهندسي القناطر والطرق -الذين استأنس «أنفاس بريس» بآرائهم- أن يكون هناك مخطط لصيانة الطرق والقناطر بشكل دوري والحرص على مراقبة القناطر والوقوف عند صلابة أعمدتها وهل تعرت أم لا.

والوقوف أيضا عند «الضالة» (Le Tablier) لمعرفة هل صدئت أم لا، وهل القنطرة مليئة برواسب الحملات السابقة أم لا.. إلخ. أضف إلى ذلك الحرص على تأهيل القناطر المنخفضة التي سبق أن وضعها الاستعمار بسرعة لقمع المقاومة وليس بهدف تأهيل التراب الوطني وهي القناطر المعروفة تقنيا بـ (Les ouvrages submerssibles).

فإذا كنا في كل مرة نلجأ إلى الجيش لنطلب تدخله لإنقاذ المواطنين وفك العزلة عن القرى والمدن المحاصرة للتغطية على فشل المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين والترابيين والمنتخبين، فمن الأحسن أن نصوت في الانتخابات المقبلة على القوات المسلحة الملكية، بدل هذه «البهدلة» التي نعرفها كل عام مع مسؤولين ليست لهم الكبدة على البلاد والعباد..

والسند الشرعي الذي يبيح التصويت على الجيش في الانتخابات المقبلة هو السؤال التالي: الأمطار سقطت بنفس الكمية في الناضور ومليلية وسقطت بنفس الغزارة في تطوان وسبتة، فلماذا انهارت الطرق والقناطر واقتلعت الساحات العمومية في الناضور والحسيمة وتطوان، ولم تحدث هذه الفظاعات في مليلية وسبتة المحتلتين؟!

سؤال مطروح على نخبة «الكافيار» في أحزابنا التي تفتعل معارك تافهة للتضامن مع شعوب الوقواق، ولم نسمع حزبا نظم قافلة تضامنية مع كلميم وبويزكارن وفكيك وأيت باعمران!!

اللهم إن هذا لمنكر..