Friday 6 June 2025
اقتصاد

هل بدأت سياسة ترامب الجمركية التأثير سلبا على صادرات السيارات المغربية؟

هل بدأت سياسة ترامب الجمركية التأثير سلبا على صادرات السيارات المغربية؟ الانخفاض الإجمالي المسجل في صادرات القطاع الصناعي للسيارات بلغ 7%
يشهد قطاع السيارات في المغرب، أحد ركائز الاقتصاد الصناعي الوطني، مرحلة دقيقة من التراجع التجاري، بعد أن سجل انخفاضاً حاداً في صادراته بنسبة 22% خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2025. هذا التراجع، الذي كشفت عنه الأرقام الرسمية، لا يمكن اختزاله في مجرد انعكاس لتقلبات ظرفية في السوق الدولية خصوصا بعد سياسة الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على هذا القطاع، بل يعكس اختلالات أعمق في بنية التموقع الجغرافي والتكامل الصناعي لسلسلة القيمة المغربية.
 
من حيث الأرقام، فإن الانخفاض الإجمالي المسجل في صادرات القطاع الصناعي للسيارات بلغ 7%، لكن حين نفصل فئة السيارات الجاهزة فقط، نُلاحظ أن نسبة التراجع بلغت 22%، ما يجعل هذا القطاع في صلب العاصفة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الانكماش التجاري ليس حالة معزولة، بل هو رابع تراجع شهري على التوالي منذ مطلع السنة، ما يضفي عليه طابعاً متكرراً ومقلقاً، ويبعث بإشارات واضحة على دخول القطاع في حلقة من التباطؤ المستمر.
 
تعود الأسباب المعلنة لهذا التراجع أساساً إلى ضعف الطلب في السوق الأوروبية، التي تظل حتى الآن الزبون الأول للسيارات المغربية. وبحسب الارقام، فإن هذا الضعف أخذ طابعاً هيكلياً، خصوصاً في السوق الفرنسية، التي سجلت وحدها انكماشاً بنسبة تفوق 25% في مبيعات السيارات خلال نفس الفترة. هذا الواقع يعكس التحولات العميقة في الاستهلاك الأوروبي، المرتبطة بانخفاض القدرة الشرائية، وتزايد القيود البيئية، والتحول التدريجي نحو السيارات الكهربائية. وعليه، فإن المغرب الذي ظل يعتمد بشكل شبه حصري على أوروبا كمجال تصديري، يجد نفسه في موقع هش يستدعي إعادة تقييم معمقة لاستراتيجيته التجارية.
 
من الزاوية الجغرافية، يشكل تركّز الصادرات في بضعة أسواق أوروبية مخاطرة هيكلية. فعند اضطراب أحد هذه الأسواق، كما هو الحال الآن، فإن سلسلة القيمة بأكملها تتعرض للاهتزاز. هذا الاعتماد المفرط على أوروبا يكشف محدودية سياسة التنويع التجاري، رغم الجهود السابقة في اختراق بعض الأسواق الإفريقية والشرقية. وبالتالي، أصبح من الضروري اليوم إعادة رسم خريطة الشراكات التجارية للمغرب، على أسس أكثر تنوعاً وتوازناً.
 
في هذا السياق، هناك محاولة حكومية لتأسيس قاعدة جيو-اقتصادية أكثر صلابة. غير أن نجاح هذا الطموح يبقى رهيناً بقدرة المغرب على مواءمة عرضه الصناعي مع متطلبات هذه الأسواق الجديدة، سواء من حيث المواصفات الفنية، أو من حيث أسعار البيع وشروط التسويق.
 
في موازاة ذلك، يدرك صناع القرار أن القفزة النوعية في القدرة التصديرية لن تتحقق دون تعميق التكامل الصناعي المحلي. وفي هذا الإطار، تُراهن الحكومة على توطين إنتاج البطاريات الكهربائية في المغرب، باعتبارها الحلقة المفقودة في سلسلة القيمة المستقبلية للسيارات. فالصناعة الوطنية، رغم تقدمها، ما تزال تعتمد على استيراد مكونات حيوية ذات تكلفة عالية، وعلى رأسها البطاريات والمحركات. توطين هذه الصناعة سيمنح المغرب ميزة تنافسية حاسمة، ويعزز من محتوى التكنولوجي المحلي، ما يرفع من جاذبية المنتج المغربي في الأسواق العالمية.
 
الاستراتيجية الجديدة ترتكز كذلك على شراكة أوسع مع المستثمرين والمنتجين العالميين، ممن يتخذون من المغرب قاعدة تصنيع. الهدف المعلن هو توسيع محفظة المنتجات، وتطوير خطوط إنتاج موجهة خصيصاً للأسواق غير التقليدية. وهذا يستلزم، إلى جانب البنية التحتية والتشريعات الملائمة، توجهاً أكثر مرونة وواقعية في التعامل مع متطلبات الأسواق المستهدفة، بعيداً عن النماذج التصديرية الكلاسيكية المرتبطة بأوروبا.

 في مقالي السابق اشرت لخطورة الاستمرار في استيراد السيارات الصينية بكثافة على حساب المنتج الوطني وهو الأمر الذي يمكن ان يعمل على اضعاف احدى اهم القطاعات الصناعية في المغرب. الحل هو وضع قيود صارمة على واردات الصين من السيارات الكهربائية في اقرب الاجال.

هذا الملف ليس بالسهل بالنسبة للاقتصاد المغربي ، بل يحتاج  لتحليل وقرارات استراتيجية من قبل الحكومة الحالية.