Thursday 22 May 2025
كتاب الرأي

عبد العالي بلقايد: المغرب والخيار الإفريقي

عبد العالي بلقايد: المغرب والخيار الإفريقي عبد العالي بلقايد
تكشف الأحداث أن هذا الخيار الذي راهن عليه المغرب وربطه باستثمارات ضخمة يبدو أنه كان خيارا إستراتيجيا مدروسا تمليه رهانات ٱنية وأخرى مستقبلية .

لعل الحدث الأخير المتمثل في الحرب الهندية الباكستانية، سيكون له ما بعده وسيشكل منعطفا له دلالة في صراع القوى العالمية وتوازنها وفي تشكيل الإصطفاف للمصالح الإسترتيجية وضبط العلاقات بين الأمم .

الصراع الأخير بين الهند وباكستان مثل إيدانا بتهاوي التكنولوجيا الغربية وأن جزئيا في أروبا التي بدأت تتقهقر في ساحة تفاعل الأمم المعرفي والتكنولوجي ، ولم تعد تمثل مرحليا على مستوى تبادل الرموز التكنولوجية بين الأمم منطقة إغراء .

رغم التفوق الإقتصادي للهند والمستوى العالي للإنفاق في المجال العسكري فقد أبانت اباكستان عن مستوى عالي في الدفاع الجوي بفضل السلاح الصيني والمستوى العالي للأداء الذي ميز عمل الطيارين الباكستانيين.

إن هذا التفوق العسكري الظاهر يخفي الكثير من الأسرار التي تحتفظ بها الصين لنفسها والتي ستكون حاسمة في النظام العالمي الذي هو ٱخذ في التشكل مع مصاحبته لمظاهر أخرى من بينها:

بداية أفول قيم حضارية شكل الغرب فظاء لها والتي عمرت انطلاقا من 1492 إلى الٱن والتي ركزت على الديمقراطية والحريات الفردية...والتي تنكر لها الغرب بنفسه كما تنكر للقانون الدولي وحقوق الإنسان خالقا الكثير من مناطق التوثر والعنف دون الإعتماد على أية خلفية أخلاقية أو قانونية.

إن هذا الأفول أو تراجع للقيم الغربية سيغري ببروز نمودج حضاري شرقي تمثل الصين أبرز نمودجا له وهو يشمل بالإضافة إلى دول ٱسيا الكثير من الدول الإفريقية التي تشترك في الكثير من الخصائص لعل أهمها:

إن تشكل العمران البشري تم في هذه الدول خارج ما كان في أوروبا مما جعل هذه الدول تتميز بخاصية الأبوية التي هي على عكس الأبيسية الغربية .

فهي في هذه الدول تقر الإنضباط والتوقير لمن هو في أعلى الهرم الذي تم بناؤه لا على أساس تراتبية إجتماعية بل على أساس التمايز المعنوي.

هذا النمط من الحضور الثقافي والإجتماعي فرضته أعراف ثقافية في غالبها عرفانية أو ديونيزية طبعت مجمل الحياة في عمران هذه الشعوب وهو ما جعل الكثير من الرموز حين يتم نقلها من الغرب يتم إخضاعها لجوهر هذه الثقافة، هكذا نجح "ماو" في تجربته الإشتراكية التي كانت قريبة من تفكير الفوضويين الذين عارضوا النماذج الغربية سواء منه النموذج الماركسي أو الليبرالي .

إن التقدم التكنولوجي لهذه الدول لم يغريها للتخلي عن ثقافتها بل ظلت هي النسغ الذي يمدها بالكثير من عوامل القوة التي بوأتها هذه المكانة التي جعلها تحاول أن تضخ مزيدا من التوازن في علاقات القوة بين الشعوب والأمم .

هل أصبحت هذه الدول مؤهلة للعب دور محوري في إعادة التوازن للعلاقات الدولية وبناء مؤسسات أكثر عدالة في إثبات حقوق الأمم والشعوب؟

إن توجه المغرب نحو الخيار الإفريقي هو خيار تمليه مصالح المغرب الإستراتيجية وصراع القوى التي تحسم فيه إفريقيا في جزء منه على المستوى الإقتصادي. كما أن تنوع علاقته الديبلوماسية هو خيار ظل يطبعه التاريخ (دول عدم الإنحياز) كما طبيعتها التي ظلت تعتمد التنوع في هذه العلاقات.

إن هذه المتغيرات الدولية، وخيارات الدولة هل ستكون لها معنى بدون أن تكون مسنودة بفعل من المجتمع المدني؟