جاء في دعاء الْحَبْحَابَةْ مع مَّالِينْ الْخَيْلْ قولهم: "الله يْرَكَّبْكُمْ رْكُوبْ الْعَزْ وَنْزُولْ الطَّاعَةْ"
عطفا على مقالاتنا السابقة بجريدة "أنفاس بريس" ذات الصلة بموروث تراث رياضة وفن التبوريدة المغربية الأصيلة، والتي تتبعنا من خلالها أنشطة وفعاليات إقصائيات الفروسية التقليدية التي عاشتها بلادنا منذ مطلع سنة 2025، محليا وإقليميا وجهويا وبين الجهات من أجل ضمان العبور نحو منافسات جائزة المرحوم الملك الحسن الثاني بدار السلام بالرباط، أو الجائزة الكبرى للملك محمد السادس بمعرض الفرس للجديدة، والتي كانت قد استقطبت جماهير غفيرة بمختلف فضاءات ـ مَحَارِكْ ـ التنافس المرتبطة بسربات الخيل الوافدة سواء من الجهات الوسطى أو بجهة الشمال وكذلك جهة الصحراء، حيث سجلنا انطلاقة جديدة وإشراقات جميلة نحو الأفضل بخصوص تهيئة فضاءات التباري، وتأثيثها لوجيستيكيا وتقنيا، وتوفير المرافق الضرورية، لاستقبال سَرْبَاتْ الخيل والفرسان في ظروف تتوفر فيها جل البنيات الإستقبالية والشروط الأمنية والصحية والاجتماعية والبيئية.

انطلاقة جديدة بطعم الأصالة المغربية
لا نجانب الصواب إن أكدنا على أن أغلب المساطر والإجراءات القانونية الجديدة التي أطرت هذه المباريات، تحت إشراف الجامعة الملكية المغربية للفروسية والشركة الملكية لتشجيع الفرس ومجموعة من الشركاء، قد حدّت شيئا ما من العبث الذي كان يطال منتوجات الصناعة التقليدية ذات الصلة بمستلزمات الفروسية ـ خيلا وفرسانا ـ وتبين بالملموس أن تجهيز الخيول والفرسان بكل ما هو أصيل مرتبط بمقومات الحضارة والتراث المغربي، لا يمكن إلا أن يساهم في تحصين وتثمين مورثنا الثقافي الشعبي الغني والمتعدد الروافد والخصوصيات، بل أن ذلك سيعزز فعلا من معايير الأصالة في صناعة السروج ومن عَدَّةْ ومستلزمات الفرسان، إلى جانب تشجيع الحرفيين والصناع التقليديين.
هنا رائحة عطر صندوق عُدَّةْ الأجداد
لقد بدأ العد العكسي لإعطاء انطلاقة التباري والتنافس الشريف على جائزة دار السلام، التي ستمتد من يوم 26 ماي إلى 1 يونيو 2025، حيث حطت سَرْبَاتْ الْخَيْلْ الأصيلة الرحال بعاصمة الأنوار، محملة بكنوز صندوق عُدَّةْ الأجداد الذي تنبعث منه رائحة "رْجَالْ لَبْلَادْ" مخضبة بعطر "الْكَافُورْ" و "الْخُزَامَى" و "الرَّيْحَانْ"...تلك المكونات "الْعِطْرِيَةْ" التي تحمي وتصون نسيج أقمشة لباس "الْحَايْكْ" و "السَّلْهَامْ" و "الجَّلَّابَةْ" و "الَعْمَامَةْ" و "لَحْرَافَاتْ" وحقيبة "دليل الخيرات" وتطرد فيروس "التُّونْيَةْ" وكل ما من شأنه أن ينخر إرث أجدادنا الشُّجْعَانْ.
بنية استقبالية في مستوى الحدث الوطني والدولي
خلايا نحل تشتغل بروح معنوية عالية منذ أسابيع، لاستقبال كل مكونات سربات الخيل التي وجدت بنية استقبالية رائعة، بمقومات ومرافق متنوعة، زادها جمالا وبهاء طريقة بناء الخيم التي تقابل محرك التبوريدة بجانب أشجار وارفة الظلال التي تنطّ فضاء دار السلام من كل ناحية، والتي سيحل تحت سقفها فرسان وضيوف "عَلَّامْ الْخَيْلْ" الذي يمثل تراب قبيلته، لتقديم صورة إيجابية لهذا الموروث الثقافي الشعبي في ضيافة "الشُّرْفََةْ رْجَالْ لَبْلَادْ".

نخبة فرسان التبوريدة تستعد لصناعة الفرح والفرجة بدار السلام
في سياق متصل شمّرت سواعد كل مكونات الجامعة الملكية المغربية للفروسية، والشركة الملكية لتشجيع الفرس، لإنجاح هذه الدورة التي ستعرف تنافس أجود وأرقى نخبة عَلْفَاتْ الخيل والفرسان على الصعيد الوطني لتتويج أبطال المغرب برسم سنة 2025، على اعتبار أن هذه النسخة سيتنافس فيها 24 علام/مقدم رفقة كتائبهم التي تضم 15 حصانا وفارسا عن كل سَرْبَةْ دون احتساب دكة الاحتياط من الخيول والفرسان الذين يمثلون جهتهم ومجاله الجغرافي.
ومن المعلوم أن سَرْبَاتْ خيول وفرسان فئة الكبار ـ أكثر من 17 سنة ـ تضم 18 فرقة تمثل مختلف الجهات والمناطق المغربية، بالإضافة إلى منافسات 6 سُرَبْ يمثلون فئة الشبان حدد سنهم ما بين 12 إلى 16 سنة.
وحسب قوانين التحكيم المخصصة لعروض فن التبوريدة، فإن مباراة الجائزة الكبرى للمرحوم الملك الحسن الثاني بدار السلام ستقام على مرحلتين؛ الأولى ترتبط بالمرحلة التأهيلية التي يتنافس فيها مْقَدْمِي وعَلَّامَةْ الْخَيْلْ من أجل ضمان التأهل إلى الدور النهائي، حيث ستمتد هذه المرحلة من يوم الإثنين 26 ماي إلى غاية يوم الخميس 29 ماي من السنة الجارية، ـ الجمعة يوم راحة ـ أما المرحلة الثانية فهي مرحلة منافسات النهائي يومي السبت 31 ماي والأحد 1 يونيو 2025، وتتميز بخصوصية التنقيط المضاعف حسب القانون المعمول به.
خيول وفرسان تحت كشافات الضوء وعيون المراقبين
من المؤكد أن عروض فن التبوريدة هذه السنة تسلّط عليها الأضواء من طرف عدة مراقبين على المستوى الدولي والوطني، في علاقة مع قيم الإنضباط والإلتزام بمعايير وإجراءات التغيير الطموح لتثمين وتشجيع الصناعة التقليدية المحلية والوطنية، حيث أضحت الفروسية التقليدية تقدم الفرجة وتبهر العين، من خلال التنوع والتعدد على مستوى الزّي والّلباس التقليدي، والسّروج وبنادق البارود، والخناجر والسيوف، دون الحديث عن ضرورة وأهمية استحضار تقنيات وحركات مدارس فن التبوريدة، والتي تنتمي إليها سربات الخيل برئاسة الَمْقَدَّمْ/الْعَلَّامْ الذي يسهر على المحافظة على أصالته وهويته وانتمائه لهذه الطريقة أو تلك، خصوصا مدرسة الطريقة النَّاصِرِيَّةْ التي أعادت صياغة مشاهد ولوحات الفرجة السنة الفارطة وخلال الإقصائيات، بشهادة المراقبين والمهتمين والباحثين في حقل تراثنا اللامادي المتعلق بـ "التَّبَوْرِيدَةْ"، إلى جانب الطريقة الخياطية، والكتافية والصحراوية وغيرها من المدارس التي كانت تسيطر على منصة التتويج مثل الطريقة الشَّرْقَاوِيَّةْ.
وحسب الجهات المنظمة فإن عشاق فن وتراث التبوريدة والفروسية التقليدية، سيكون لهم لقاء فرجوي وعروض فنية على صهوات الخيل خلال هذه النسخة، حيث حضور الفروسية الدولية من تقديم الفنان الفرنسي الشهير في الفروسية "لورينزو" الذي سيقدم عروضه يومي السبت 31 ماي والأحد فاتح يونيو من السنة الجارية.