من العجائب التي سجلها المغرب في أكتوبر 2009 أن رجلا يدعى "التقلية" تقدم بصفته نائبا برلمانيا بشكاية إلى سلطات عمالة النواصر ليشعرها بأن "عون سلطة" يستغل منصبه لـ "الاتجار في البناء العشوائي والسمسرة"، وبأنه منذ أن تولى منصبه ذاك بأولاد حدو وهو يقوم ببناء مستودعات ومخازن ومساكن عشوائية لكرائها. ووجه العجب هو أن الشكاية وضعها رجل كان يعتبر من "العرابين" الكبار للبناء العشوائي، وقد قضى عقوبة حبسية بسبب تورطه في هذا النوع من البناء، وبعد أن أفرج عنه، بدأ يدق ناقوس الخطر ويطالب بأن تتحمل السلطات مسؤولياتها تجاه ظاهرة "العشوائيات" التي تزحف بتواطؤ يكاد يكون مكشوفا من طرف ممثلي الدولة أو من يدور في فلكهم!
هذه الأعجوبة تجعلنا نطرح سؤالا يلح علينا بقوة: هل سيأتي يوم نرى الملياردير "الصفريوي"، الراعي الرسمي لـ "مدن بدون روح"، يدخل تائبا إلى البرلمان ليفضح "المفسدين العقاريين" ويدافع بشراسة عن حق المغاربة في سكن يخضع لمواصفات البناء اللائق؟
ما يجمع بين الرجلين اللذين "اغتسلا" معا بماء زمزم وحازا على لقب "الحاج" هما أنهما تحولا إلى شوكتين في حلق الدولة. الشوكة الأولى تمت إزاحتها وما زال جرحها ينزف حتى اليوم. ومازالت الدولة تتدخل عن طريق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وعن طريق مخططات التأهيل والتنمية الحضرية لتقويم الاختلالات والأعطاب الكارثية بدوار "التقلية" الذي يحلو للسلطات تسميته بدوار "لمكانسة"! أما الثانية فما زالت تمارس وخزها المؤلم بترويج مغالطة تبعيتها لشخصية نافذة.
(تفاصيل أخرى تجدونها في الغلاف الجديد لـ "الوطن الآن" الذي نزل في جميع الأكشاك
بعنوان "بعد تناسل فضائح الضحى.. الصفريوي على خطى التقلية لبناء مدن بلا روح")