الجمعة 29 مارس 2024
في الصميم

أريري: ولكم في تافيلالت بعض الحلول لمشكل الماء بالمغرب !

أريري: ولكم في تافيلالت بعض الحلول لمشكل الماء بالمغرب ! عبد الرحيم أريري
للحد من تداعيات الإجهاد المائي، على المغرب أن يتوقف عن إنتاج "الديسير" لأوربا على حساب فرشتنا المائية، وتوجيه فلاحتنا إلى إنتاج ما يستهلكه المغاربة لتأمين الأمن الغذائي بدل رهن المغرب بتقلبات السوق الدولية وحسابات الصراعات الجيواستراتيجة( نموذج أزمة الحبوب بسبب حرب أوكرانيا)،  وإثقال ميزان الآداءات بفاتورة ليست لنا الإمكانية لتحملها كبلد. علما أن 70 في المائة من مواردنا المائية تبتلعها الفلاحة و20 في المائة تبتلعها الصناعة. أما الماء المخصص للشرب والاستعمال المنزلي فلا يهم سوى 10 في المائة. وبالتالي فالمجهود التواصلي والمجهود المطلوب في السياسة العمومية للحكومة ينبغي أن ينصب على تطويع الفلاحة والصناعة بما يتلاءم مع حاجياتنا ومع مخزون مياهنا، بدل أن يتم إمطار المواطن البسيط بالوصلات الإشهارية وبالأوامر لاقتصاد الماء، علما ان المواطن لا يستهلك في العام سوى بضع ميليمترات للشرب والاستحمام والاستعمال المنزلي.
 
فإلى عهد قريب، كان المغرب ينتج الحبوب والتمور والزيوت بوفرة ويصدر الباقي للخارج. الآن انقلبت الآية وأصبحنا نستورد ما نحتاجه للأكل والطهي.
 
الخطاب الملكي الأخير بالبرلمان، يشكل فرصة للحكومة لإعادة البوصلة إلى وجهتها الصحيحة. وعلى الحكومة أن تستلهم من مشروع زرع 3 ملايين من نخيل التمر( قد يتم تمطيطه بإضافة مليوني نخلة). فهذا المشروع الذي أعطى الملك انطلاقته في نونبر2009، بدأ الآن يعطي ثماره بعد أن نضجت فسيلات النخيل المزروعة منذ عشرة أعوام واشتد عودها  وأضحت مثمرة تسمح للمغرب باستعادة مجده في مجال الثمور عالميا كما كان عليه الحال في القرن 19. وهو المجد الذي يتوقع أن يرسخه المغرب مع نهاية 2023  أو 2024، لما تكتمل سلسلة تافيلالت ( زرع المغرب حوالي مليوني فسيلة من نخيل التمر بهذه المنطقة) الخاصة بتمر المجهول، وهو النوع المغربي المشهور عالميا الذي سيعيد التوهج لتافيلالت من جهة ويضخ الموارد المالية بخزينة الدولة من جهة ثانية ويستهلك مياها أقل من جهة ثالثة وينهض كمثال لتعميم نموذج فلاحة مستدامة بباقي تراب المغرب عبر اختيار زراعات تتلاءم وطقس وخصائص كل حوض جغرافي من جهة رابعة.
 
أما في المجال الصناعي، فالنموذج الذي اعتمدته مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط في معاملها ومناجمها ومغسلاتها، ينهض كنموج يحتدى به من قبل الفاعلين الصناعيين الكبار الذين سيتهلكون مياها كثيرة. فبعد أن كان مجمع الفوسفاط عامل إنهاك للفرشة المائية في السابق، اهتدى مهندسو ومسيرو مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط منذ أزيد من 12 سنة، إلى اعتماد تقنيات تزاوج بين تدوير المياه المستعملة وتحلية مياه البحر بشكل خلق "استقلالا مائيا" للمجموعة ووفر للمغرب ملايين من الأمتار المكعبة. وبالتالي لو استرشدت الحكومة بنموذج مجموعة الفوسفاط لترافق كبار الصناعيين للاقتداء به، فسيكون الربح من نصيب المغرب.، هذا دون الحديث عن ما سيجنيه هؤلاء الفاعلون الصناعيون من ربح مادي من جهة، وعائد معنوي كمقاولات مواطنة ومؤمنة ببيئة مستدامة من جهة ثانية.