الثلاثاء 23 إبريل 2024
اقتصاد

زهير لخيار: نثمن مشروع قانون "ميثاق الاستثمار" بشرط دعمه بهذه الإجراءات المصاحبة

زهير لخيار: نثمن مشروع قانون "ميثاق الاستثمار" بشرط دعمه بهذه الإجراءات المصاحبة زهير لخيار
في سياق النقاش الحالي حول مشروع قانون "ميثاق الاستثمار"، الذي يعد نصا تشريعيا أساسيا من بين النصوص الضرورية لتفعيل النموذج التنموي الجديد من أجل مواجهة التحديات المطروحة على بلادنا في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، لا بد من التذكير منذ ما يزيد عن 30 سنة لم يستقر المغرب على حال في جلب الاستثمارات بالرغم من المغريات القانونية والامتيازات.. لهذا تطرح أسئلة عديدة حول الاختلالات والأسباب التي تكبح وتيرة نمو ونوعية الاستثمارات بالمغرب:
لماذا لا يفتح المغرب شهية المستثمرين؟ الأرقام التي تقدمها الدولة على تنامي الاستثمارات الخارجية لا نجدها تنعكس على واقع الشغل بالمغرب، وهي استثمارات ليست في الغالب صناعية أو توظيفية..ماهي نوعية الاستثمارات التي على الحكومة التركيز عليها لخلق مناصب الشغل وخلق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني؟
"أنفاس بريس" اتصلت بزهير لخيار، أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني - الدار الييضاء، وأفادنا بالورقة التالية:
 
"لا يختلف اثنان حول الدور المركزي والأساسي للاستثمار في أي اقتصاد وطني، ذلك أن هذا الأخير يعد السبب الرئيسي في تكاثر الثروة وزيادتها، لكن ماذكرتم في سؤالكم فإن هذه الاستثمارات في العديد من الدول، وليس المغرب فقط، لا تنعكس بالشكل المطلوب عى أهم دعائم القوة الاجتماعية وهي الشغل والتشغيل، وهنا يظهر السؤال جليا حول السر في ذلك، لماذا لا تنعكس هذه الاستثمارات على الشغل والتشغيل؟ في حين أن هناك رابط أساسي بين الاستثمار والتشغيل.
ولن أخوض بطبيعة الحال في الأسباب السياسية التي قد تقوض أثر الاستثمار على الثروة، لأن الأمر لا يهمني بالدرجة الأولى، ولكن سأقتصر على تحليل ذلك تحليلا منطقيا من الناحية الاقتصادية الصرفة. صحيح أنه معروف في أي الاقتصاد أن أي مبلغ أو أي درهم في المغرب تم ضخه في الاقتصاد على شكل استثمار لا بد أن يخلق ثروة أكبر منه، وهذا ما يصطلح عليه بالقيمة المضافة، لكن يتم الضخ وليس هناك مخرجات، وحتى لا أكون عاما ومحيطا بكل الجوانب سأقتصر في تفسير ذلك من خلال ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، إذ أن النظرية الاقتصادية تقول وهذا صحيح أن أي استثمار لا يتبعه استهلاك قوي لايجدي أي نفع ويضر بالقيمة المضافة المرجو منه وهو ما أسميه دائما في عدة كتاباتي بالقيمة المسحوبة من الاقتصاد، فعوض أن نعمد إلى استثمار يضيف القيمة المضافة، قد نتسبب في استثمار يسحب هذه القيمة من الاقتصاد الوطني، ويضر بها وبالتالي يخفض من الناتج الداخلي الخام.
لقد دلت النظرية الاقتصادية بناء على مبدأ يسمى بالمضاعف multiplicateur أنه كلما كان الاستهلاك مرتفعا كلما كان أثر الاستثمار على الاقتصاد الوطني جيدا. وبالتالي مع ضعف أو تضعيف القدرة الاستهلاكية للمواطنين يضعف أثر الاستثمار على الاقتصاد، وعموما على الشغل على الخصوص. وضعف القدرة الاستهلاكية يأتي من عدة عوامل، أهمها ارتفاع الأسعار، وبالتالي ترتفع الأسعار يضعف الطلب ويتم تحجيم الإنتاج وخفض مستوى الاستثمار مما ينعكس على ارتفاع معدل البطالة، وهكذا نعود إلى انخفاض الاستهلاك ونعود إلى هذه الحلقة المفرغة.
وهذا الميثاق للاستثمار يعد طموحا، وقد تساهم مواده في تحريك عجلة الاقتصاد، لكن الأمر يرتبط بالدرجة الأولى بقدرة المواطن على استهلاك ماسينتجه هذا الاستثمار ، بالطبع كل هذا الحديث يتعلق بطبيعة المشروعات والاستثمارات التي سيتم ضخ منتوجاتها داخليا.
أما فيما يتعلق بالاستثمارات التي يجلبها المغرب، وكانت فيها اجتهادات عديدة وشراكات دولية، ونخص بالذكر الاتفاقيات التي أشرف عليها جلالة الملك مع إفريقيا في هذا الصدد، إذا كانت هذه الاستثمارات المجلوبة للمغرب وداخل أرض الوطن، نقصد منها تصدير منتوجاتها أن نركز أولا على نوعية هذه المنتوجات التنافسية تجاه السوق الدولية، بمعنى أن هناك شروط يجب أن تتوفر في المنتوج قصد أن يكون له طابع تنافسي مع المنتوحات الدولية الأخرى.
وبالتالي فمشروع قانون ميثاق الاستثمار له من الجوانب المهمة والمحفزة ما يجعلنا نثمنه، ولكن إذا ما تم دعمه ببعض الإجراءات المصاحبة له على رأسها الاهتمام بالقدرة الشرائية للمستهلكين".