الخميس 25 إبريل 2024
اقتصاد

الزوبير بوحوت: المطلوب تحويل فاجعة ورزازات إلى فرصة لتطوير بنيات السياحة الداخلية

الزوبير بوحوت: المطلوب تحويل فاجعة ورزازات إلى فرصة لتطوير بنيات السياحة الداخلية الزوبير بوحوت وواحة فينت أيقونة ورزازات
قال الزوبير بوحوت، وهو مهني وباحث في القطاع السياحي، أن تنمية السياحة الداخلية رهين بمعالجة ثلاث معيقات كبرى، ففي ظل غياب معالجة حقيقية لهذه المعيقات سنجد كل سنة نفس المشاكل، كما إحباط المغاربة في قضاء عطلة الصيف حسب الأثمنة المعروضة.. ولهذا يضيف بوحوت، لابد للمغرب من وضع استراتيجية بديلة لأن استراتيجية 2020 أصبحت متجاوزة. مزيد من التحليل في هذا الحوار الذي أجرت معه " أنفاس بريس"

كيف تفسر غلاء أثمنة الفنادق في العطلة الصيفية؟ وماهي معيقات تطور السياحة الداخلية؟
كلما اقتربت فترة العطلة الصيفية كلما تعالت مجموعة من الأصوات داخل المغرب بخصوص الأثمنة التي تعرضها مجموعة من المؤسسات الفندقية خلال العطل الصيفية. وخلال هذه الفترة يكون إقبال كبير من طرف السياحة الدولية والسياحة الوطنية على هذه المؤسسات السياحية.
أولا، خلال فترة الربيع أي شهري مارس وابريل  نلاحظ ارتفاع توافد السياح الأجانب. لكن خلال شهر يوليوز  وهو الشهر الذي يعرف ارتفاعا ملحوظا في توافد السياح يتزامن كذلك مع عدد الزيارات الكبيرة للجالية  المغربية بالخارج. إذا أخذنا على سبيل المثال 2019 فيقارب عدد الجالية  مليون ونصف فرد يزور المغرب،  في يوليوز 2019 بلغ الرقم مليون و411 ألف تقريبا. لهذا نجد أكبر رقم للسياحة الدولية يتم تسجيله في يوليوز الذي يتزامن مع العطلة الصيفية، وإذا أضفنا عليه رقم الجالية المغربية، نجد عدد الوافدين على المغرب خلال شهر يوليوز يتجاوز  2 مليون و140 ألف في 2019.
وعند مقارنة دخل السائح الداخلي المغربي مقارنة مع دخل السائح الأجنبي أو حتى مغاربة المهجر. سيجد نفسه في وضعية هشاشة لأن العروض تخضع للعرض والطلب. إذ نجد أن الطلب كبير مقابل عرض متوسط جدا للمؤسسات السياحية والبنيات التحتية بما فيها عدد الغرف السياحية مقارنة مع وجهات أخرى. 
ولهذا فتنمية السياحة الداخلية رهين بمعالجة ثلاث معيقات كبرى، في ظل غياب معالجة حقيقية لهذه المعيقات سنجد كل سنة نفس المشاكل، وإحباط المغاربة في قضاء عطلة الصيف حسب الأثمنة المعروضة. 
المعيق الأول، هو المحطات السياحية التي تتلاءم مع استهلاك ودخل المغاربة. وهنا كان فشل كبير في إنجاز هذه المحطات التي برمجت في إطار استراتيجية 2020 ومنتوج "بلادي" بإنجاز 9 محطات سياحية، للأسف تم إنجاز فقط محطتين.
ولابد من إنجاز محطة في كل جهة من جهات المملكة على اعتبار أن فئة من المواطنين  تفضل البقاء في جهتها ستجد محطة سياحية تتوفر فيها الشروط الضرورية مع العلم أن الجهات المغربية تتميز بتنوع سياحي كبير.
ثانيا، لابد من دعم السياحة الداخلية على غرار دول أوروبية كفرنسا التي تمنح شيكات السفر لتشجيع المواطنين على زيارة مناطق بلدهم عوض الخروج بالعملة الصعبة وإنفاقها في دول أخرى.
ثالثا، بعيدا عن العطلة الصيفية الموحدة، لابد من برنامج جهوي للعطل، نتوفر على 12 جهة، يمكن توزيع العطل بشكل مختلف بين كل أربع جهات مثلا حتى لا يكون ضغط على المحطات السياحية إن وجدت.
 
ما هي مساهمة الجالية المغربية في انتعاش القطاع  السياحي؟
لابد من التأكيد أن الجالية المغربية رقم مهم بالنسبة للسياح الذين يستقبلهم المغرب، إذ يمثل غالبا 45 في المائة أو أكثر بالنسبة لعدد الوافدين على المغرب. مثلا في سنة 2000 كان عدد الوافدين من الجالية المغربية مليون و 950 ألف بالنسبة للوافدين الأجانب 2 مليون و320 الف. في سنة 2019 بلغة عدد مغاربة العالم 5 مليون و890 الف. أما السياح الأجانب 7 مليون و40 الف، أي نجد حوالي نفس النسبة 45 في المائة.
فيما يخص ليالي المبيت للسياحة الداخلية شهدت تطورا ملموسا مقارنة مع ليالي المبيت للسياحة الدولية على سبيل المثال، في سنة 2000 تمثل ليالي السياحة الداخلية 16 في المائة، وفي 2019 نجد تطور بنسبة 245 في المائة. وبالتالي أصبحت ليالي المبيت  من السياحة الداخلية تشكل  31 في المائة من رقم السياحة الإجمالي. وهذا يدل على الخزان الكبير للسياحة الداخلية و إمكانية رفع هذه النسبة إلى 50 في المائة او تجاوزها. وكيف يمكن بلوغ هذه الأرقام بتجاوز المعيقات التي ذكرتها من قبل. فالسياحة الداخلية مهمة وهي صمام أمان للأزمات مثل ما ما شهدناه خلال أزمة كوفيد، في الوقت الذي تراجعت فيه السياحة الدولية بشكل كبير أصبحت الجالية المغربية من تعوض فارق النسب، إذ انتقلت نسبة مغاربة العالم من 45 في المائة إلى 57 في المائة من حجم عدد الوافدين في 2020،  بل إلى 75 في المائة في 2021. وبالمقابل انتقلت  ليالي المبيت من 31 في المائة في 2019، إلى 50 في المائة في 2020، إلى 70 في المائة في 2021. مع العلم أن هذه سنوات لأزمة حقيقية على القطاع السياحي.
 
 ما هي توصياتك بخصوص وضع خارطة طريق جديدة للقطاع السياحي؟
بالإضافة إلى تنمية السياحة الداخلية، قامت الجالية المغربية بدور كبير في التحويلات المالية، خلال العشر سنوات الأخيرة، مابين 2011 و2014 كان معدل التحويلات في حدود 58 مليار درهم ثم انتقل الى 60 مليار درهم في 2015، و62 مليار درهم في 2016. مابين 2017 و2019 انتقل الى 65 مليار درهم. وفي وقت الأزمة في 2020 ارتفع الرقم إلى 68 مليار درهم و93.7 مليار درهم في  2021.
ولهذا لابد للمغرب من وضع استراتيجية جديدة لأن استراتيجية 2020 أصبحت متجاوزة. نحن الآن في 2022، وتنتصب عدة تساؤلات، ماهي الأرقام التي سنعتمدها والسقف الذي سنحدده لنقوم بما يجب القيام، لابد من وضع أرقام جديدة لتطلعات جديدة في أفق 2030 على مستوى الإجراءات والاستثمارات في القطاع السياحي،  لأن الدول المنافسة تطور استثماراتها وطاقتها الاستيعابية وخطوطها الجوية..
يجب أن نتعامل بجدية مع تطوير بنيات السياحة الداخلية، ويؤسفني أن  طفلا من عائلة من الجالية المغربية في زيارة لورزازات، لقي حتفه غرقا في واحة "فينت" وهي واحة غير محروسة، نظرا لغياب مسابح في تلك المنطقة. وفي طريق الأسرة لمستودع المستشفى كانت هناك كارثة أكبر تنتظرهم، في طريقها تعرضت لحادثة سير التي أودت بحياة 5 أفراد من نفس الأسرة. هل هكذا نستقبل الجالية المغربية التي ضحت بالكثير وبتحويلاتها المالية؟! . وحادثة ورززات من المفروض أن تخلق رجة كبيرة لدى المسؤولين وتجعلهم يعكفون بشكل جدي جدا على تطوير بنيات  السياحة الداخلية.