Sunday 14 December 2025
اقتصاد

رياض وحتيتا: تربية الإبل بالصحراء المغربية.. رافعة تنموية وفرصة استثمار واعدة

رياض وحتيتا: تربية الإبل بالصحراء المغربية.. رافعة تنموية وفرصة استثمار واعدة رياض وحتيتا
في إطار الجهود التي تبذلها الدولة لخلق دينامية اقتصادية جديدة وتعزيز المشاريع التنموية بالجنوب الصحراوي، تبرز تربية الإبل كأحد الخيارات الاستثمارية الواعدة، نظرًا لملاءمتها للخصوصيات البيئية والمناخية للمنطقة، وكذا لتعدّد منتوجاتها وقيمتها الاقتصادية والغذائية. ويُعد هذا النشاط جزءًا من مقاربة تثمين الموارد المحلية وتشجيع الاستثمار الفلاحي المستدام بالمجالات الصحراوية.
تُعتبر الإبل ماشية الصحراء بامتياز، إذ تتميّز بقدرتها الكبيرة على تحمّل العطش والجوع والظروف المناخية القاسية. كما تتوفر على خصائص فسيولوجية فريدة، من بينها شفة علوية مشقوقة تساعدها على التقاط النباتات الشوكية، إلى جانب أغشية فموية تقلّل من فقدان الرطوبة، مما يجعلها قادرة على التأقلم مع أبسط أنظمة التغذية.
ومن شروط نجاح مشروع تربية الإبل، توفير حظائر مناسبة تكون مرتفعة وجيّدة التهوية، مع فضاء للرعي النهاري، وسياج لا يقل عن 2.80 متر، إضافة إلى معالف ومشارب مرتفعة. وتحتاج الإبل إلى مساحة تُقدّر بحوالي 20 مترًا مربعًا لكل رأس، ويمكن تقليصها إلى 12 مترًا مربعًا في حالة الإنتاج المكثف، مع ضرورة تخصيص فضاءات للولادة وعزل الحيوانات المريضة.
أما من حيث السلالات المتواجدة بالمغرب، فنجد أصنافًا متعددة، من بينها الگرزني والخواري، إضافة إلى سلالات ذات إنتاج مرتفع من الحليب. وتُعد مدة حمل الناقة طويلة نسبيًا، إذ تتراوح بين 365 و395 يومًا، مما يجعل المشروع متوسط إلى بعيد المدى، غير أن مردوديته تبقى مشجعة.
فيما يخص التسمين، يولد صغير الإبل بوزن يقارب 50 كلغ، ويصل عند الفطام إلى حوالي 240 كلغ، مع معدل نمو يومي يقارب 650 غرامًا. ويمكن بيعه مباشرة بعد الفطام أو تسمينه لمدة تتراوح بين 8 أشهر وسنة، ليصل وزنه إلى حوالي 450 كلغ، بنسبة لحم تناهز 66%، إضافة إلى شحم السنام والجلد، وهي منتوجات ذات قيمة تجارية عالية.
ويمثل حليب الإبل أحد أهم مصادر الدخل قصير المدى، إذ يتراوح إنتاج الناقة بين 5 و15 لترًا يوميًا حسب السلالة، ويعرف إقبالًا متزايدًا نظرًا لفوائده الصحية. كما يفتح تنظيم هذا النشاط في إطار تعاونيات آفاقًا أوسع للتثمين والتسويق ورفع القيمة المضافة.
إن تشجيع الاستثمار في تربية الإبل بالصحراء المغربية لا يقتصر على بعده الاقتصادي فحسب، بل يشكّل رافعة حقيقية لخلق مشاريع شبابية مدرّة للدخل لفائدة أبناء المناطق الصحراوية، ويساهم في إحداث فرص شغل قارة والحد من الهجرة القروية. كما يضمن هذا التوجّه الحفاظ على الموروث الحيواني الصحراوي وتطويره بأساليب عصرية ومستدامة، بما ينسجم مع توجهات الدولة في التنمية المجالية، ويعزّز مكانة الإبل كعنصر استراتيجي في الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية بالمناطق الجافة.
رياض وحتيتا، خبير فلاحي