Tuesday 9 December 2025
مجتمع

أنور الشرقاوي: المتقاعدون يهدّدون الحكومة.. الزواج بعشرينية "ولا" زيدونا في المعاش!

أنور الشرقاوي: المتقاعدون يهدّدون الحكومة.. الزواج بعشرينية "ولا" زيدونا في المعاش! الدكتور أنور الشرقاوي، خبير في التواصل الطبي والإعلام الصحي
يبدو المشهد للوهلة الأولى كأنه نكتة عابرة على مواقع التواصل الاجتماعي. 
تهديد لطيف، ساخر، يطلقه مجموعة من المتقاعدين الذين وجدوا في روح الدعابة آخر وسيلة دفاع متاحة.
لكن، كما في أفلام يوسف شاهين، الضحك ليس بريئاً تماماً… إنه ستار يُخفي واقعاً اقتصادياً واجتماعياً يضغط على صدورهم بصمت.
الحكاية تبدأ بمنشور يقول فيه المتقاعدون للحكومة بكل وقار ووقاحة محبّبة:
“ إما تزيدوا فالمعاش… وإلاّ غادي نتزوجو بشابات فعمر 20! 
ومن بعد، الله يرحمنا برحمتو، الدولة تبقى تخلّص ليهم المعاش ديالنا خمسين عام لقدّام!”
تهديد سياسي بنفَس كوميدي يعبر عن معاناة. 
وفكرة درامية ساخرة تقول : 
“راه هاد التهديد أرقى ما وصل له النضال المغربي.”
والمفارقة؟
سواء استجابت الحكومة أو تجاهلتهم… المتقاعدون رابحون!
فإن زادت المعاشات، “والله يكثر خيرها”.
وإن رفضت، فالشيوخ سيستوردون “شباب المستقبل” إلى بيت الزوجية، فينهضون الديموغرافيا الوطنية، ويرفعون النسل، ويطالبون بتعويضات عائلية فوق ذلك!
 
هل هناك خطة استراتيجية أكثر عبقرية من هذه؟ 
إنه نضال جديد…
نضال ناعم، يضحك ويقرص في الوقت نفسه.
نضال يُذكّر الحكومة بأن المتقاعد، الذي أفنى عمره في خدمة الوطن، لم يعد يملك سوى الفكاهة سلاحاً.
والفكاهة حين تكون موجعة، تصبح بياناً سياسياً بامتياز.
في الحقيقة، هذه السخرية ليست إلا طريقة مغربية أصيلة لتصريف الغضب من واقع صعب:
معاشات متآكلة، غلاء يزحف بلا رحمة، وأحلام صغيرة مؤجلة منذ زمن طويل 
لكن المتقاعد المغربي… حكيم، فكه، يعرف كيف يواجه القسوة بابتسامة، وكيف يضع الملح على الجرح ليُخفف الألم لا ليُضاعفه.
وفي عمق هذه “النكتة”، سؤال جاد جداً:
 أليس من حق من خدم هذا الوطن نصف قرن أن يعيش شيخوخته بكرامة ؟
أليس الأجدر أن يُنظر إلى معاشه كحقٍ وليس كصدقة؟
أليس من المناسب أن نسمع صوته قبل أن يتحول إلى مادة للسخرية السوداء؟
المتقاعدون لا يهددون رغم ما يقولون…
إنهم يتنفسون بطريقة مرحة لأن الهواء صار ثقيلاً.
وختاماً، وفي أسلوب “فاعل خير” الذي كتب الدعابة الأصلية:
“رجاءً… النشر والتعميم… فلعل الحكومة تتزوج الفكرة قبل أن يتزوج الشيوخ الشابات!”