في حوار خصّ به جريدة "أنفاس بريس"، كشف، أحمد أرحموش، المحامي بهيئة الرباط والناشط الأمازيغي، أن الدعوى القضائية المرفوعة ضد رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية تأتي في إطار ما وصفه بـ"التقاضي الاستراتيجي" الرامي إلى حمل الدولة على احترام التزاماتها في مجال تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في المنظومة التعليمية.
وقال أرحموش إن سياق الدعوى يرتبط بالوضعية المقلقة للأمازيغية في المدرسة العمومية والخصوصية، رغم مرور ست سنوات على صدور القانون التنظيمي رقم 16-26، الذي يلزم الحكومة بتعميم تدريس الأمازيغية خلال أجل أقصاه خمس سنوات.
وأضاف: "نحن اليوم في بداية السنة السابعة دون أن تفي الحكومة بواجبها القانوني في التعميم الشامل للأمازيغية بمختلف أسلاك التعليم والتكوين المهني".
وفيما يتعلق بالأسس القانونية التي اعتمدتها الجمعيات الخمس عشرة الموقّعة على الدعوى، أوضح أرحموش أن الطعن الموجه إلى الوزارة والحكومة يرتكز على مقتضيات دستورية صريحة، خاصة الفصل الخامس من دستور 2011، الذي ينص على الطابع الرسمي للأمازيغية، والفصل الثاني عشر الذي يخول للمجتمع المدني المساهمة في إعداد وتتبع السياسات العمومية.
وأشار إلى أن الدعوى مدنية بطبيعتها، ولا علاقة لها بما هو منصوص عليه في قانون المسطرة الجنائية، مما يجعل تدخل الجمعيات في هذا النوع من الدعاوى أمراً قانونيا ومشروعا.
أما بخصوص القرار الوزاري القاضي بتعميم تدريس الأمازيغية بنسبة 50% خلال سنة 2024/2025 و100% في أفق 2029/2030، فقد اعتبر أرحموش أن القرارين الوزاريين (مذكرتان رقم 152X24 و028X23) يشوبهما خرق واضح للتراتبية القانونية، ذلك أنهما يتعارضان مع مقتضيات المادة 31 من القانون التنظيمي رقم 26-16 التي تضبط مراحل وكيفيات إدماج الأمازيغية في التعليم.
وأكد المتحدث أن إصدار مذكرات إدارية تخالف قانونا تنظيميا يمس بمبدأ فصل السلط ويستوجب تدخل القضاء الإداري لتصحيح المسار.
وختم المحامي أرحموش تصريحه بالتشديد على أن الهدف من اللجوء إلى القضاء هو ضمان إلزامية تطبيق القوانين التنظيمية المرتبطة بتفعيل الأمازيغية، باعتبارها لغة رسمية للدولة وركيزة أساسية في الهوية الوطنية الجامعة.
يذكر أن 15 جمعية مدنية وثقافية رفعت دعوى قضائية أمام محكمة النقض ضد وزارة التربية الوطنية، تطالب فيها بتفعيل القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بإدماج اللغة الأمازيغية في التعليم والحياة العامة، معتبرة أن الوزارة خالفت المقتضيات القانونية والدستورية بتأجيل تعميم تدريس الأمازيغية إلى سنة 2030 بدل 2025 كما يحدد القانون.
وترتكز الدعوى على ثلاثة محاور أساسية:
- الخرق القانوني: إذ ترى الجمعيات أن قراري الوزارة بشأن التعميم المرحلي لتدريس الأمازيغية “مشوبان بعيب عدم المشروعية”، لأن القانون التنظيمي حدد أجل خمس سنوات كحد أقصى لتفعيل هذا الإدماج.
- المساس بفصل السلط: حيث تتهم الوزارة بتجاوز صلاحياتها عبر تعديل مقتضيات قانون تنظيمي، وهو من اختصاص السلطة التشريعية فقط.
- انتهاك التزامات المغرب الحقوقية: إذ تستند الجمعيات إلى توصيات أممية تدعو لتسريع إدماج الأمازيغية في التعليم والإدارة والإعلام.
وترى الجمعيات أن الدعوى تشكل سابقة في “التقاضي الاستراتيجي” من أجل حماية الحقوق الثقافية واللغوية، وتُعبّر عن انتقال النضال الأمازيغي من المستوى الرمزي والثقافي إلى المستوى القانوني والمؤسساتي، في ظل بطء الحكومة في تنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية وضعف الميزانيات المخصصة لذلك، إضافة إلى تأخر تفعيل المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.