Wednesday 29 October 2025
Advertisement
جرائم

قصبة تادلة : قضية الرشوة.. القضاء يحسم والجدل السياسي يستمر

قصبة تادلة : قضية الرشوة.. القضاء يحسم والجدل السياسي يستمر المحكمة الابتدائية لقصبة تادلة
أسدل الستار، الإثنين 27 أكتوبر 2025 عن واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في مدينة قصبة تادلة، بعدما أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في ملف ما بات يُعرف بـ"قضية الرشوة والمشاركة فيها"، عقب جلسة طويلة امتدت لأكثر من ست ساعات، تخللتها مرافعات مطولة ونقاشات قانونية حادة.
الجلسة التي انطلقت في حدود الثانية والربع بعد الزوال واستمرت إلى التاسعة والنصف ليلاً، عرفت حضور هيئة دفاع قوية ضمت تسعة محامين من هيئة بني ملال ومحامية من هيئة الدار البيضاء، دافعوا بقوة عن براءة المتهمين، معتبرين أن الملف "مفبرك سياسياً" ويهدف إلى النيل من أحد نواب رئيس جماعة قصبة تادلة في خضم توترات انتخابية محلية.
دفاع يتحدث عن "كمين سياسي"
في مرافعاتهم، شدّد المحامون على أن القضية لا تخلو من "خلفيات سياسية واضحة"، مشيرين إلى أن المشتكي يرتبط بعلاقة مباشرة بالمجلس الجماعي عبر والده الذي يشغل منصب مستشار. وتساءل الدفاع: "هل يُعقل أن يقدم مستشار جماعي رشوة مقابل خدمة عمومية توفرها جماعته؟" معتبرين أن ما وقع أقرب إلى "كمين سياسي" منه إلى واقعة فساد حقيقية.
القضاء ينطق بالحكم
وبعد مداولات طافحة ، قضت المحكمة الابتدائية بثلاثة أشهر حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها 1000 درهم في حق المتهم الأول، فيما حُكم على المتهم الثاني بشهر واحد حبسا نافذا وغرامة قدرها 500 درهم، ليُطوى بذلك فصل من فصول القضية التي شغلت الرأي العام المحلي لأيام.
حضور لافت وتفاعل جماهيري
شهدت قاعة المحكمة حضوراً مكثفاً من الفاعلين السياسيين والحقوقيين ومناضلين من مختلف الأطياف، الذين عبّر كثير منهم عن ارتياحهم للأحكام الصادرة، معتبرين أنها متوازنة وتعكس قناعة المحكمة بعدم ثبوت نية الفساد أو الارتشاء بالمعنى الكامل.
رئيس الهيئة .. حِكمة في إدارة الجلسة
في سياق متصل ، لقيت طريقة إدارة الجلسة من طرف هيئة الحكم في شخص رئيسها إشادة واسعة من الحضور، لما اتسمت به من رصانة، هدوء، واحترام تام لحقوق الدفاع.
فقد أدار القاضي مجريات النقاش القضائي بحياد تام، مانحًا الكلمة لجميع الأطراف دون تمييز، الأمر الذي أضفى على الجلسة طابعًا من الشفافية والإنصاف، رغم حساسية الملف وتقاطعه مع مشهد سياسي متوتر، وقد غصت القاعة بعدد كبير من المناضلين والمناضلات وممثلي بعض الأحزاب السياسية الذين حضروا لمؤازرة المتهمين.
قصة بدأت باتصال على الرقم الأخضر
تعود تفاصيل الملف إلى يوم الإثنين 13 أكتوبر 2025، حين تقدم أحد المواطنين بشكاية عبر الرقم الأخضر المخصص للتبليغ عن الرشوة، أكد فيها أنه طُلب منه مبلغ 300 درهم مقابل تمكينه من استعمال سيارة الإسعاف التابعة للجماعة الترابية لقصبة تادلة.
الشكوى حرّكت الأجهزة المعنية، وأطلقت سلسلة من التحقيقات انتهت إلى متابعة شخصين بتهم تلقي الرشوة والمشاركة فيها.
بين محاربة الفساد وتصفية الحسابات
القضية فتحت من جديد نقاشاً واسعاً حول التداخل بين العمل السياسي والاتهامات بالفساد، خصوصاً حين تتحول الشكايات بالرشوة إلى سلاح انتخابي أو وسيلة لتصفية حسابات محلية. وبين من يرى أن القضاء قال كلمته بوضوح، ومن يعتبر أن خلفيات الملف أعمق من مجرد "300 درهم"، يبقى السؤال الأبرز: هل انتهت القضية فعلاً، أم أن فصولها السياسية لا تزال في بدايتها ؟