يقدم شقران أمام، الرئيس الأسبق للفريق الاتحادي بمجلس النواب، رؤية ناقدة لصراع التحديات الداخلية التي واجهها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلال مؤتمره الثاني عشر، مسلطًا الضوء على غياب القيم الديمقراطية وروح الاتحاد وسط خلافات حول الولاية الرابعة. كما يبرز المتحدث حجم الإشكاليات التنظيمية والسياسية التي تهدد مستقبل الحزب، داعيا إلى إرادة إصلاحية تصحيحية تعيد له قوته ومكانته الوطنية.
ما بين الحضور والغياب إشارات بمعانٍ مختلفة، يلتقطها كل حسب زاوية نظره وتوقعاته، لتختلف بذلك القراءات ومعها الأحكام. أما عن الحضور، فقد تعمدت تسجيله في افتتاح المؤتمر الثاني عشر للحزب، رغم كل الملاحظات المعبر عنها من قبلي بكل وضوح بخصوص التحضيرات للأخير، واقع الحزب، وخطيئة الولاية الرابعة.
حضور برسالة واضحة: لم أغادر الحزب يوما، ولن يحدث ذلك، والاتحاد ملك للاتحاديات والاتحاديين ومعهم عموم المواطنات والمواطنين.
وأما عن الغياب، فقد غابت كل القيم، وغابت معه سلطة القانون، والممارسة الديمقراطية، والنقاش الصاخب والهادئ، والاختلاف في الرأي، والتنافس الشريف، وروح الاتحاد وأنفة وكبرياء الاتحاديات والاتحاديين.
حضر المؤتمرون وغاب الاتحاد، كما لو أن الأمر مجرد مسرحية عنوانها العريض الولاية الرابعة، أو هي كذلك حتى نصدق القول بمبررات واهية أبعد ما تكون عن العقل والعقلية الاتحادية الحداثية والتقدمية.
قاسية هي هذه الكلمات لا شك، خصوصا عندما تتعلق ببناء شُيد بتضحيات أجيال من المناضلات والمناضلين، بناء صلب في المشهد السياسي الوطني اسمه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. لكنها، على قسوتها، انعكاس طبيعي لعبث حقيقي يراد له أن يصور كإجماع على التمديد لولاية جديدة.
والأمر لا يتعلق بشخص الكاتب الأول كما قد يعتقد البعض، ولكن بالبدعة التي صارت أصلا يكاد يكون تجاريا بعناصره المؤسسة على المصالح الذاتية والبحث المضني عن استمرارية الموقع وتنويعه. هل يصح التعاطي مع ما يقع بنوع من السخرية السوداء؟ الأصل أن الأمر يتعلق بولايتين لا أكثر، وبسبب توافقات المصالح كان خطأ الولاية الثالثة تم بعدها خطيئة الرابعة، رغم أن الحزب، جماهيريًا وسياسيًا، في أسوأ حالاته. ورغم القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، والقانون الأساسي للحزب، والنظام الداخلي، تم الالتفاف على كل شيء بخلق قواعد جديدة لشرعنة العبث، تمامًا مثلما يحدث في مخالفات البناء، فرغم تصميم التهيئة الذي ينص على طابقين، تمت إضافة طابق ثالث في المؤتمر الحادي عشر، وأمام الصمت المطبق لكل من يعنيه الأمر، وبعد منتصف ليلة أمس أضيف طابق رابع، في صورة مؤسفة لبناء عشوائي لا يليق بمسار وقيم حزب كبير اسمه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. بناء لم يحترم حتى روح المادة التي صادق عليها المؤتمر لتكون مدخلًا لذلك. فكم كان عدد الحضور لحظة التصويت؟ ونسبتهم من العدد المعلن للمؤتمرين المحدد في 1700؟ هل تحقق شرط الثلثين لصحة النتيجة؟ وهل لعَلانية التصويت شرعية؟ لا شك أن ثمة كثيرًا مما يقال، ومما يجب القيام به، ولا شك أن إرادة الاتحاديات والاتحاديين الصادقين وحدها الكفيلة بإصلاح ما يمكن إصلاحه في إطار حركة تصحيحية من أجل مستقبل الاتحاد.