عقد المجلس الإداري للتجمع الدولي لدعم العائلات ذات الأصل المغربي المطرودة من الجزائرCIMEA75، دورته السادسة في 16 أكتوبر 2025 خصصت لموضوع تخليد الذكرى 50 لعملية الطرد الجماعي التعسفي التي طالت العائلات المغربية من الجزائر سنة 1975 وتقديم حصيلة المبادرات والأنشطة المنجزة من لدن التجمع الدولي في هذا الاطار، وكذا مشاريع برامج الأنشطة المقبلة.
وفي هذا السياق، قدم المكتب التنفيذي للتجمع تقارير عن مشاركته في الدورة 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط المنظم ما بين 17و27 أبريل 2025 التي قدم خلالها كل من محمد الشرفاوي صاحب مؤلف " المسيرة الكحلة" وفتيجة السعيدي مؤلفة كتاب " النمل المفترس" الهاشمي الصالحي مؤلف كتاب" مؤتمر الطيور المطرودة " وعبد القادر اليعقوبي صاحب مؤلف " الليالي الدورانية" منصور قديدير يكتاب" مداهة مع غروب الشمس " ( قراءة الأستاذة التيجانية فرتات)، أعمالهم الأدبية استحضروا فيها بالخصوص جوانب من أحداث الطرد الجماعي التعسفي الذي طال مغاربة الجزائر سنة 1975، مبرزين أهمية الكتابة الإبداعية في حفظ ذاكرة الضحايا، حتى تظل هذه المأساة حاضرة في الوجدان ولا يطالها النسيان.
وعلى هامش الدورة 60 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، نظم المكتب التنفيذي للتجمع ندوة صحافية في فاتح أكتوبر 2025 بنادي الصحافة بمدينة جنيف السويسرية، تميزت بحضور منابر إعلامية وفعاليات مدنية وحقوقية، وبمواكبة إعلامية واسعة، وجرى فيها تقديم التقرير الجديد الذي أعده المكتب التنفيذي للاتحاد باللغات الإنجليزية والاسبانية والفرنسية والعربية، وأشرفت عليه فتيحة السعيدي، وساهم فيها خبراء في القانون الدولي والتاريخ ووزع بجنيف، والذي يستند إلى عدة أرشيفات في مقدمتها أرشيف الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر بجنيف.
وتحت عنوان " ذاكرة ضد النسيان: من أجل الاعتراف بطرد العائلات المغربية من الجزائر سنة 1975"، يكشف التقرير المنجز بدعم من مجلس الجالية المغربية بالخارج ، وشراكة مع المنظمة المغربية لحقوق الانسان، معطيات جديدة تبرز حجم المأساة التي عاشتها عشرات الآلاف من العائلات المغربية المطرودة من الجزائر. ، ويتناول كذلك الجوانب القانونية والحقوقية لوضعية المواطنين المغاربة الذين طالهم الطرد الجماعي التعسفي سنة 1975، الذي يُعد عملاً غير مشروع بمقتضى القانون الدولي، وانتهاكا حتى للقانون المحلي الجزائري وللاتفاقيات الثنائية المبرمة بين الجزائر والمغربي.
شهادات وتحليلات
ولدى استحضاره لهذه المأساة، أوضح محمد الشرفاوي رئيس التجمع الدولي، خلال ذات الندوة الصحافية، أنه خلال عملية الطرد تم فصل الضحايا عن ذويهم، وتجميعهم في مراكز، وجُرّدوا من ممتلكاتهم، ورُحّلوا من الجزائر ، من دون سابق اخبار، في حالة مزرية، الى الحدود الجزائرية المغربية. وأشار إلى أنه بعد مرور نصف قرن على هذه الفاجعة، ولم يصدر لحد الآن أي اعتراف رسمي من السلطات الجزائرية ما تزال هذه المأساة الإنسانية غائبة إلى حد كبير عن البحث العلمي وسياسات الذاكرة.
من بين الخلاصات التي تم التوصل اليها في هذا التقرير - بناء على معطيات موثقة رسمية، قال الفاعل الحقوقي عبد الرزاق الحنوشي، نائب رئيس التجمع الذي أدار هذه الندوة، بأن الانطلاقة العنيفة للطرد جرت ابتداء من 8 دجنبر 1975، واشتدت وتواصلت حتى نهاية ذات الشهر. وفي عام 1976 مضيفا بأنه تم تسجيل حوالي 45000 شخص. كما يبرز حجم التعبئة الدولية التي شاركت فيها أكثر من 20 جمعية وطنية للصليب الأحمر. ويشكل هذا التقرير الذي يجمع بين البحث التاريخي، وجمع الشهادات، والمرافعة المواطنة، قاعدة أولى صلبة ودقيقة لفهم عملية الطرد ، ويسعي إلى الاعتراف بها.
كما أوضح أن هذا التقرير الذي يعرض لأول مرة،تقدم تحليلاعلميا و قانونيا، وفق مقتضيات التشريع الجزائري المتعلق بوضعية الأجانب و الالتزامات الاتفاقية الثنائية، بالتكييف مع مقتضيات القانون الدولي. وفي هذا السياق يبين التقرير أن الطرد، كان جماعياً وموسّعاً، على الرغم أن القانون الجزائري، يفرض معالجة فردية لكل حالة على حدة؛ كما لم يُبلَّغ أيّ من المطرودين المغاربة، وفق الشكل القانوني، بقرار معلّل
بالطرد؛ وهو ما يجعل هذه العملية بمثابة تعدٍّ مادي.
شهادة، بعد 50 سنة
وفي شهادة حية حول واقعة الطرد، قدم الحسين بوعسرية أحد ضحايا هذه المأساة والذي كان عمره آنذاك لا يتجاوز 16 سنة، استعرض فيها السياق الذي جرى فيه طرد، كامل أسرته يوم الأربعاء 17 دجنبر 1975، وهو ما زال يخلف جرحا عميقا، رغم مرور نصف قرن على هذه المأساة التي وصفها ب" الجريمة النكراء".
وكانت رئيسة نادي الصحافة بجنيف جيرالدين سافري، عبرت في مستهل الندوة الصحفية، عن ترحيبها بالتجمع الدولي مبرزة الأدوار التي اضطلعت بها سويسرا إبان عملية طرد مغاربة الجوائر من خلال الصليب الأحمر ، معبرة عن الأمل في إيجاد حل لهذه المأساة ومزيد من الاشتغال على هذه الذاكرة وفق مبدأ الإنصاف والقوانين الدولية الجاري بها العمل في هذا المجال.
لقاءات ومساندة
وفضلا عن هذه الندوة الصحافية أجرى وفد التجمع لقاءات تواصلية مع شخصيات حقوقية وطنية ودولية على هامش مشاركتها في دورة مجلس حقوق الانسان بجنيف، تم خلالها التحسيس بهذه المأساة ذات الطبيعة الإنسانية والحقوقية. كما كانت مناسبة لعقد لقاءات وتقديم تصريحات لعدد من وسائل الاعلام المعتمدة لتغطية أشغال هذه الدورة، جرى خلالها تسليط الضوء على هذه الأحداث التي تتحمل فيها السلطات الجزائرية بمفردها كافة المسؤوليات، والتي لم تراعى فيها أبسط قواعد حقوق الانسان والقوانين والأعراف الدولية الجاري بها العمل.
أنشطة مقبلة
وفي اطار ذات البرنامج العام لتخليد ذكرى مرور 50 سنة على مأساة طرد المغاربة من الجزائر فإنه يتم التحضير لعقد سلسلة اللقاءات بكل من ستراسبورغ بالبرلمان الأوربي وببروكسل مقر الاتحاد الأوربي، وبمجلس المستشارين مع تنظيم أنشطة توجد في مرحلة التحضير حاليا .
كما تداول المشاركون في الاجتماع الذي جرى عن بعد، محاور الاستراتيجية المقبلة في مجال الاعلام والاتصال، حيث عبر أعضاء المجلس الإداري للتجمع عن اشادتهم بالاهتمام الكبير الذي توليه وسائل الاعلام الوطنية لمبادرات وأنشطة التجمع الدولي، داعين الاعلام العمومي الى القيام بدوره في التعريف والتحسيس بهذه القضية الوطنية والتي تدخل في صلب عمله المهني.
تجدر الإشارة الى أن التجمع الدولي لدعم العائلات المطرودة من الجزائر – 1975، منظمة دولية غير حكومية تأسس في 27 فبراير 2021، ويهدف بالخصوص الى استعادة ذاكرة عمليات الطرد؛ والدفاع عن مصالح الأفراد المطرودين أمام الهيئات الوطنية والدولية ؛ والضغط على السلطات الجزائرية للاعتراف بالفظائع التي ارتكبت سنة 1975 تجاه المغاربة واسترجاع كافة الممتلكات التي صادرتها بشكل غير قانوني والتعويض المادي والمعنوي لفائدة الضحايا عن الأضرار التي لحقت بهم بسبب الطرد الجماعي والتعسفي.