خلص المؤتمر الوطني التأسيسي لمنظمة نساء فيدرالية اليسار الديمقراطي (نفيد) المنظم يومي 11 و12 أكتوبر 2025 بالمركب الدولي للشباب والطفولة ببوزنيقة، تحت شعار:النساء قوة للتغيير… من أجل مجتمع الحرية والكرامة والمساواة، إلى عدد من المخرجات.
وحسب المؤتمرين، يأتي هذا المؤتمر في سياق وطني مطبوع بتفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، وتعمق الفوارق الطبقية والمجالية، وضعف الخدمات العمومية، خاصة في مجالات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، كما يتزامن مع تراجع حاد لمنسوب الثقة في المؤسسات، وتزايد مظاهر التضييق على الحريات العامة، واستمرار العنف والتمييز ضد النساء.
وتعد الأرقام الصادرة عن الهيئات الوطنية والدولية مقلقة للغاية، يضيف المؤتمرون في بلاغ توصلت جريدة "أنفاس بريس" بنسخة منه، حيث يأتي المغرب في المرتبة 137 عالميًا من بين 148 دولة ضمن مؤشر الفجوة بين الجنسين لعام 2025، كما أن ظاهرة الأمية لا تزال متفشية بنسبة واسعة في صفوف النساء المغربيات، حيث تقارب النصف. ويفسر هذا الواقع جزئيا ضعف نسبة مشاركة النساء في النشاط الاقتصادي، والتي لا تتعدى 20%. يُضاف إلى ذلك أن 57.1 في المائة من النساء يتعرضن للعنف، وهو الوضع لم يعد من الممكن قبوله، مما يستدعي تغييرا جذريا في السياسات المعتمدة.
وانطلاقا من إيمان منظمة نساء فيدرالية اليسار الديمقراطي العميق بأن تحرر المجتمع رهين بتحرر النساء، فإن نضال المنظمة هو امتداد للكفاح الديمقراطي والتقدمي، ويرتكز على ثلاث ركائز مترابطة:
أولاً: من أجل مدونة أسرة قائمة على المساواة لا الوصاية
إن النقاش الدائر حول مراجعة مدونة الأسرة يشكل لحظة حاسمة لإقرار المساواة الفعلية داخل الأسرة والمجتمع.
ونرى أن أي إصلاح حقيقي يجب أن يستند إلى روح الدستور، والمرجعية الكونية لحقوق الإنسان، ومبدأ سمو المواثيق الدولية، ومقتضيات الفصل 19 التي تنص على المساواة التامة بين النساء والرجال.
لذلك، تطالب المنظمة بـ:
• إدماج مبدأ المساواة في جميع فصول مدونة الأسرة بما يضمن حقوقاً وواجبات متكافئة داخل الأسرة.
• رفع كل أشكال الحيف والتمييز التي تمس النساء في الزواج والطلاق والحضانة والإرث وغيرها من مجالات الأحوال الشخصية.
• ضمان حماية فعالة للنساء من جميع أشكال العنف، بما في ذلك العنف الأسري والاقتصادي والرمزي.
• الإسراع بإخراج الهيئة الوطنية للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز بصلاحيات تقريرية وتنفيذية فعلية، تتجاوز الدور الشكلي والاستشاري.
• ثورة ثقافية، لأن النضال القانوني لا يكتمل بدون تغيير العقليات عبر إصلاح عميق للمناهج التعليمية وتطوير المحتوى الإعلامي لمحاربة الصور النمطية، ودعم الإبداع الفني والثقافي النسائي كرافعة للتحرر والوعي.
ثانياً: من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية
لا يمكن الحديث عن مساواة حقيقية دون استقلالية اقتصادية تُمكن النساء من التحكم في شروط عيشهن ومصيرهن.
فقد أظهرت السياسات المعتمدة فشلها في محاربة الفقر والهشاشة، خصوصا في صفوف النساء في العالم القروي والمناطق المهمشة، حيث تتفاقم المعاناة بفعل التغيرات المناخية، وغياب العدالة المجالية، واستمرار ضعف البنيات الأساسية والخدمات الاجتماعية.
وانطلاقا من ذلك، تطالب المنظمة بـ:
• إعادة توجيه السياسات الاقتصادية والاجتماعية لتكريس العدالة المجالية والإنصاف بين الفئات والجهات.
• محاربة سياسات نهب الموارد وتدمير البيئة التي تؤثر بشكل مباشر على النساء في الأرياف والمناطق المهمشة، فلا عدالة اجتماعية بدون عدالة بيئية.
• إدماج المنظور النسائي في التخطيط العمومي، وضمان تمثيلية النساء في مراكز القرار السياسي الاقتصادي والاجتماعي.
• النهوض بظروف عمل النساء في القطاع غير المهيكل، وضمان الحماية الاجتماعية للعاملات في القطاعات الفلاحية والخدماتية والصناعية.
• تبني مقاربة حقوقية شاملة في معالجة قضايا الهجرة، تضمن حماية المهاجرات من جميع أشكال الاستغلال والعنف والتمييز.
ثالثاً: من أجل جبهة نسائية موحدة للتغيير
إن معركة النساء ضد التمييز لا تنفصل عن معركة الشعب المغربي من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة.
وانطلاقا من هذا الوعي، ندعو إلى بناء جبهة نسائية تقدمية مفتوحة على كل القوى النسائية والحقوقية والنقابية والمدنية، من أجل فرض أجندة المساواة والحرية والعدالة.
وأعلن المؤتمر عن:
• تضامنه المطلق مع نضال الشعب الفلسطيني، وتحيته لصمود النساء الفلسطينيات في وجه الاحتلال والعنف الممنهج.
• مساندته لنضالات النساء العاملات والفلاحات والطالبات والمبدعات في مختلف الميادين.
• تضامنه مع الحركات الاجتماعية والشبابية، ودعوته للاستجابة لمطالبها المشروعة في الشغل والكرامة والعدالة الاجتماعية.
• مطالبته بإطلاق سراح كافة معتقلي الرأي والنشطاء الاجتماعيين باعتبار ذلك خطوة أساسية لبناء الثقة وإرساء ديمقراطية حقيقية.
• انخراطه في التنسيقية النسائية من أجل التغيير العميق لمدونة الأسرة، بمناسبة اليوم الوطني للمرأة المغربية.
وأكد المؤتمرون على مواصلة النضال من أجل مغرب المساواة الفعلية، والحرية والعدالة الاجتماعية، مغرب لا تكون فيه النساء مجرد موضوعات للنقاش، بل فاعلات أساسيات و قوة للتغيير.