في السياق المغربي الراهن، الذي يشهد دينامية احتجاجية يقودها شباب حركة "جين زيد 212"، والتي دخلت أسبوعها الثاني، أثارت رسالة/ عريضة مؤرخة في 8 أكتوبر 2025 جدلا واسعا حول حدود التعبير السياسي وأساليب مخاطبة المؤسسة الملكية، فبينما تركز الحركة الشبابية في احتجاجاتها على مطالب اجتماعية واضحة في مجالات التعليم والصحة ومحاربة الفساد، جاءت هذه الرسالة لتطرح مواقف تجاوزت هذا الإطار، متجهة صوب منطقة رمادية بين المطالبة بالإصلاح والانتقاد المباشر للمؤسسات العليا في الدولة.
وردا على هذه الرسالة/العريضة، تم وضع رسالة/عريضة موقعة من قبل فعاليات مدنية لها وزنها على الصعيد الوطني، تحت عنوان: "في الحاجة إلى نفس إصلاحي جديد"، حذرت من الانزلاق نحو الشعبوية أو منطق الإملاء السياسي، داعية إلى تبني روح التوافق والإصلاح الهادئ بوصفها السبيل الأمثل لتجاوز الاختلالات البنيوية التي يعاني منها المغرب.
ونبهت هذه الرسالة/العريضة، إلى استخدام الموقعين على العريضة الأولى، على أنها ورقة سياسية لهواجس "ناشطين" ذوو رؤية سياسية هامشية لا تعكس تطلعات الشباب، بل تسعى إلى فرض وصاية سياسية على الحركة الاحتجاجية.
وردا على هذه الرسالة/العريضة، تم وضع رسالة/عريضة موقعة من قبل فعاليات مدنية لها وزنها على الصعيد الوطني، تحت عنوان: "في الحاجة إلى نفس إصلاحي جديد"، حذرت من الانزلاق نحو الشعبوية أو منطق الإملاء السياسي، داعية إلى تبني روح التوافق والإصلاح الهادئ بوصفها السبيل الأمثل لتجاوز الاختلالات البنيوية التي يعاني منها المغرب.
ونبهت هذه الرسالة/العريضة، إلى استخدام الموقعين على العريضة الأولى، على أنها ورقة سياسية لهواجس "ناشطين" ذوو رؤية سياسية هامشية لا تعكس تطلعات الشباب، بل تسعى إلى فرض وصاية سياسية على الحركة الاحتجاجية.
تثير الرسالة المؤرخة في 8 أكتوبر 2025، والتي تحولت إلى عريضة موقعة من قبل بعض المواطنات والمواطنين والموجهة بشكل مباشر إلى الملك، الكثير من الملاحظات والاستفهامات. لقد تضمنت هذه الوثيقة مواقفَ واشترطات تتجاوز ما عبرت عنه الحركة الاحتجاجية الشبابية "212 GENZ" والمحددة في إصلاح المنظومة التعليمية والخدمات الصحية ومكافحة الرشوة والفساد، في احترام تام لمبادئ الدستور الوطني. غير أن قراءة متأنية لمتن هذه الرسالة - العريضة تُبرز تهافتها وافتقادها لأبسط الشروط الفكرية والسياسية الموضوعية التي تجعلها أرضية مقبولة لنقاش هادئ ورصين بعيدًا عن أي توجه حلقي أو غامض.
وتبدو هذه الرسالة - العريضة محاولة للركوب على الأحداث الجارية، ولا تعبر عن جيل الشباب كما قد يوحي عنوانها الضمني، وإنما تعبر عن هواجس وتمثّلات مجموعة من "الناشطين" وتعكس رؤيتهم السياسية الخاصة التي ما فتئوا يعبرون عنها منذ زمن طويل، وهي بالتالي لا تعكس نبض الجيل الجديد بكل تنوعاته، بل تسعى إلى فرض وصاية سياسية معينة على الحركة الاحتجاجية.
ويجمع كل المغاربة اليوم على وجود اختلالات حقيقية في التعليم والصحة والحكامة، ولم تأتِ الرسالة - العريضة بجديد في شأنها، غير أن خلاصاتها كانت مغرضة ومغلوطة، خرجت عن سياقها لتعرض مواقف خلافية كبرى لا يتوافق المغاربة بأجيالهم حولها.
كما أن بعض مضامين الرسالة تعكس نظرة اختزالية للتنمية حين تُقابل بين الاستثمار في البنيات التحتية الكبرى والاهتمام بالقطاعات الاجتماعية. فالتنمية ليست معادلة صفرية، بل عملية تكاملية تتطلب توازنا بين المشاريع الاستراتيجية والخدمات الأساسية. والمشاريع الكبرى في النقل واللوجستيك والرياضة ليست ترفا بل رافعة اقتصادية تخلق فرص شغل وتدعم إشعاع البلاد إذا أُحسن ربطها بالعدالة المجالية.
لقد أسفرت حركة جيل Z عن حاجة المغرب الملحة إلى إعادة ترتيب أولوياته الاقتصادية والاجتماعية، بما يضمن توجيه الموارد والجهود نحو معالجة الاختلالات البنيوية التي تعمق الفوارق وتضعف الثقة في المؤسسات.
فبدون مراجعة جذرية لهذه الأولويات، سيظل النموذج التنموي بعيدًا تمامًا عن تحقيق العدالة المجالية والاجتماعية المنشودة، والتي قام بتشخيصها بشكل واضح خطاب العرش الأخير.
لذلك، تبرز الحاجة إلى مراجعة ليس فقط في السياسات العمومية، بل أيضًا في أنماط التعبير السياسي وأداء مؤسسات الحكامة وأساليب التفاعل معها. إن اختيار مراسلة الملك بشكل مباشر وتحميله مسؤولية الوضع والحل لا يمكن فهمه إلا بكونه محاولة من بعض الأطراف للتوجه نحو التصعيد والتأزيم، مما قد يُضعف فرص خلق مناخ إيجابي يساعد على اتخاذ خطوات إصلاحية ملائمة.
إننا بذلك نكاد نكرر بعض الأخطاء التاريخية التي حالت دون تحقيق إصلاحات عميقة، حيث يغلب التعامل مع اللحظات الإصلاحية بروح يغيب فيها التبصر، وبلادنا اليوم في حاجة إلى توافق وطني هادئ ومسؤول يمهد لمسار إصلاحي مستدام يُترجم روح الحماس الوطني القائم إلى فعل جماعي راشد وناجع.إن المغرب يحتاج إلى أصوات نقدية مسؤولة تُسهم في توجيه النقاش الوطني بروح اقتراحية بناءة تؤسس للأجوبة المطلوبة في إطار التنوع والتعدد، لا إلى بيانات متسرعة تختزل القضايا في مطالب تدعي أنها آنية. فالإصلاح لا يُنجز إلا بحوار جاد وبثقة متبادلة بين الدولة والمجتمع، من أجل بناء مستقبل مشترك أكثر توازنًا وعدلاً. وهذا يتطلب تجديدًا فعليًا لكل الخطاب السياسي الوطني لدى كل الأطراف يؤسس من جديد للوئام الوطني، ويُعيد الاعتبار للفضاء العمومي ولفعالية أدواته في نسج الثقة والأمل لدى كل الفاعلين كشرط للديمقراطية.
اللائحة الأولية للموقعين
محمد الصبار (محامي وفاعل حقوقي). مصطفى اليحياوي (أستاذ جامعي)، سعيد بنيس (أستاذ جامعي)، ادريس عيساوي (صحفي)، حسام هاب (فاعل حقوقي)، عبد الرزاق الحنوشي (باحث وفاعل حقوقي)، حكيم بلمداحي (صحفي)، مصطفى لعريصة (أستاذ باحث وحقوقي)، سعيد خمري (أستاذ جامعي)، جميلة السيوري (محامية وفاعلة حقوقية)، فدوى ماروب (أستاذة باحثة وفاعلة حقوقية)، ثريا لحرش (فاعلة مدنية)، حسن التايقي (باحث جامعي وفاعل حقوقي)، محتات الرقاص (صحافي)، علال البصراوي (نقيب سابق وفاعل حقوقي)، رشيد امحجور (أستاذ التعليم العالي)، منير البلغيتي (محامي وفاعل حقوقي)، مليكة الزخنيني (أستاذة باحثة وفاعلة حقوقية)، ادريس جبري (أستاذ باحث وفاعل حقوقي)، عبد السلام مختاري (ناشط حقوقي)، محمد الرصافي (أستاذ باحث)، محمد العمارتي (أستاذ جامعي)، الطيب حمضي (طيب وفاعل مدني)، عبد الوهاب الكاين (فاعل حقوقي ورئيس المنطقة الافريقية لمرئة حقوق الانسان)، رقية اشمال (أستاذة باحثة وفاعلة جمعوية)، الشماخ مربية (باحث وفاعل حقوقي)، محمد بنمبارك (كاتب وديبلوماسي سابق)، عبد الحليم بنمبارك (كاتب وفاعل جمعوي)، سلمى بنمبارك (خبيرة في التواصل بفرنسا)، فريدة بناني (أستاذة جامعية باحثة وفاعلة جمعوية)، عبد المنعم فوزي (فاعل اقتصادي وجمعوي)، أحمد غائبي (فاعل جمعوي)، ماجدة اليحياوي (فنانة)، عزيز روبيح (نقيب هيئة المحامين بالرباط)، مراد القادري (كاتب وشاعر)، حسن نجمي (كاتب وباحث)، سامية باعوشي (فاعلة حقوقية)، يونس اجراي
(خبير وفاعل ثقافي)، جمال شيشاوي (مهندس ومعتقل سياسي سابق)..
(خبير وفاعل ثقافي)، جمال شيشاوي (مهندس ومعتقل سياسي سابق)..
موقع وضع التوقيعات على العريضة
Pour un nouvel élan réformateur -
Pour un nouvel élan réformateur -