
خلال السنوات الأخيرة تمكن إقليم مديونة من توفير نسيج متكامل من المؤسسات الاجتماعية المتنوعة،التي تستهدف مختلف الفئات الهشة سواء تعلق الأمر بالأطفال والنساء في وضعية صعبة أو تعلق الأمر الأمر بالمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة وكذا الشباب ضحايا الادمان،وقد بلغت هذه المؤسسات درجة متميزة على مستوى جودة الخدمات والمرافق وكذا على مستوى التجهيزات والمعدات و توفر الموارد البشرية المتخصصة،الأمر الذي جعل منها مرجعا وقدوة على الصعيد الوطني، بل أن وزارة التضامن ومؤسسة التعاون الوطني قامت خلال السنتين الأخيرتين بتوجيه عدد من الوزراء الافارقة بزيارة إقليم مديونة والاطلاع على مختلف مؤسسات الرعاية الاجتماعية والتعرف على مرافقها و أساليب وطرق التدبير المتبعة بداخلها،بل أن تجربة الإقليم في هذا الإطار قد بلغ صداها إحدى البلدان الأوربية، فقد زارها مؤخرا وفد من بلجيكاعلى رأسهم عمدة لوفان وعدد من المسؤولين والجمعويين، وذلك بغاية الاطلاع على دار المسنين بجماعة الهراويين التي أنجزتها مؤسسة محمد الخامس للتضامن، وقد كانت الغاية من الزيارة هي اقتباس نموذجها المعماري والتدبيري واعتماده على مستوى مدينة لوفان البلجيكية.
وتعود أسباب هذا التحول الذي تعرفه مكونات النسيج المؤسساتي الاجتماعي بإقليم مديونة إلى المنهجية المعتمدة من طرف عامل الإقليم علي سالم الشكاف في تدبير هذا الملف الاجتماعي،هذه المنهجية التي تقوم على المقاربة التشاركية وإشراك مختلف المؤسسات والجهات المعنية في التخطيط ووضع التصورات وكذا المتابعة اللصيقة لعملية الانجاز والتدبير وكذا التدقيق في مختلف الأمور والجزئيات، وذلك من خلال تعدد زيارات وتقارير لجان المراقبة والافتحاص وعقد اجتماعات منتظمة للتبغ والمواكبة والقيام بزيارات ميدانية من أجل إيجاد حلول الصعوبات التي تواجه المؤسسات واتخاذ القرار بشكل سريع وفي عين المكان،هذا بالاضافة الى الزيارات المفاجئة التي يقوم بها عامل الإقليم بشكل منفرد ومفاجيء لمختلف المراكز الاجتماعية، وتعامله الصارم اتجاه الممارسات المخلة بالسير العادي المؤسسات أو تلك المتسببة في تدني خدماتها.
وفي هذا الصدد أكد لنا معظم المشرفين على إدارة وتسيير هذه المؤسسات على المجهودات التي يبذلها العامل من أجل توفير الموارد المالية التي صارت تتوفر على فوائض مالية مهمة،وذلك من خلال التدخل لدى المؤسسات العمومية وكذا عبر استجلاب شركات ومؤسسات القطاع الخاص لتقديم الدعم المالي بين الحين والآخر.
من جانب آخر تجدر الإشارة إلى أن مؤسسات إقليم مديونة لا تقتصر في تقديم خدماتها على ساكنة الإقليم بل أنها تشمل في أغلبها عددا كبيرا من الحالات الواردة من مختلف عمالات وأقاليم جهة الدارالبيضاء سطات،خاصة منها المركب الجهوي الاجتماعي تيط مليل الذي يتسع حاليا لأكثر من 700 نزيل، وعرف مؤخرا أقبالا منقطع النظير على خدماته، وبالنظر إلى التحول الراديكالي والشامل الذي شهده في السنوات الأربع الأخيرة على جميع المستويات (الايواء، التغذية، الرعاية الصحية، التنشيط...الخ)،نفس الإقبال تعرفه مؤسسات دار الميمة المتخصصة في احتضان ورعاية الأطفال في وضعية صعبة،وقد عرفت هذه المؤسسات بدورها إشعاعا مهما، جعل منها ملچأ لعدد من الأطفال الذين يفدون عليها من مختلف أنحاء المغرب، خاصة وأنها مؤسسات تعطي أهمية قصوى لمسألة التربية والتفوق الدراسي، حيث أن معظم المتخرجين منها قد حصلوا على شواهد عليا في مجال التعليم العالي والتقني، وتابعوا دراساتهم بعدد من الدول الأوربية والامريكية والأسيوية.
أما دور الطالب والطالبة بالاقليم فقد دأبت في السنوات الأخيرة على تحقيق نتائج دراسية مهمة جدا ،حيث بلغت خلال الموسم الدراسي الفارط نسبة 100 في المائة على مستوى نتائج الباكالوريا،كنا بلغت نسبة تفوق 95 في المائة بالنسبة لباقي المستويات ،والسبب في ذلك يعود إلى جودة الخدمات والمرافق والتتبع اللصيق والصارم للمسار الدراسي لكل الطلبة والطالبات.
أيضا يستفيد الأشخاص في وضعية إعاقة من خدمات عدد من المؤسسات الموجهة لهم، كما هو الشأن بالنسبة لمركز توجيه ومساعدة الأشخاص في وضعية COAPH التابع لمؤسسة التعاون الوطني بجماعة المجاطية،والذي يقوم بتوفير وتوزيع المعينات التقنية على المعوزين(كراسي متحركة وكهربايية،عكاكيز،سماعات،لوحات برايل،معونات غذائية) كما يساعد البعض منهم على الاستفادة مجانا من تركيب أجهزة تعويضية Prothèse،في نفس السياق تجدر الإشارة إلى تواجد مركزين للترويض الطبي بالاقليم تم تخصيصهما لنفس الفئات المعوزة، من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية INDH بكل من تيط مليل وجماعة سيدي حجاج،علما أن عمالة الإقليم قد قامت مؤخرا بإنشاء مؤسسة جديدة لفائدة الأطفال المعاقين بجماعة المجاطية اولاد الطالب"مركز الوفاء المتعدد الخدمات للاطفال في وضعية إعاقة"،ويعد هذا المركز هو الاكبر على مستوى الجهة وذلك بالنظر إلى طاقته الاستيعابية وتعدد مرافقه وخدماته ( حوالي 18 قاعة،مسرح،مطبخ،قاعة للاكل،فضاءات اللعب التربوي،النقل المدرسي...الخ).
من جانب آخر تجدر الإشارة إلى انطلاق الأشغال بمركز جديد لحماية الأطفال بجماعة سيدي حجاج،ويتميز هذا المركز بفرادته من حيث الأسلوب الجديد الذي سوف يتم اعتماده على مستوى التدبير التربوي والذي يقوم على اعتماد "الفن كوسيلة الادماج الاجتماعي"،حيث من المرتقب أن تضم البناية 10 إقامات مخصصة لفنانين تشكليين،ستسند لهم مهمة إشراك الاطفال النزلاء في إنجاز اللوحات وغيرها من الأنشطة الفنية الدامجة،علما أن بناية المركز سيتم إعادة تهيئتها مع الحفاظ على طابعها المعماري الاصلي الذي أشرف على إنجازه نهاية الأربعينات المهندس الفرنسي "زيفاكو "الذي سبق وقام وأنجز التصميم الهندسي لمجسم "للكرة الأرضية" المتواجد بوسط مدينة الدارالبيضاء،هذا مع العلم أن شبكة المؤسسات الموجهة للأكفال قد تعززت منذ ثلاث سنوات بإنشاء مركز المواكبة لحماية الطفولةCAPE بجماعة سيدي حجاج،ويعمل هذا المركز الذي تم أحداثه من طرف مؤسسة التعاون وبدعم من عمالة الإقليم INDH على مواكبة الاطفال في وضعية صعبة ومساعدة أسرهم وذويهم على إعادة الادماج وتجاوز الصعوبات التي تعترضهم على صعيد انجاز وثائق الحالة المدنية و تيسير عملية الالتحاق بالمدارس وكذا التعامل مع السلطات القضائية،وذلك إلى جانب التنسيق بين المؤسسات المعنية بالطفولة بالاقليم.
أما بخصوص النساء والفتيات في وضعية صعبة فإن الإقليم يتوفر على فضاء متعدد الخدمات للمرأة بجماعة المجاطية،ويختص هذا المركز الذي تم إنجازه من خلال شراكة بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومؤسسة التعاون الوطني،بتقديم خدمات متنوعة لفائدة النساء( الاستماع والتوجيه،المواكبة النفسية والقانونية،الايواء المؤقت،التكوين الحرفي...الخ).
الشباب ضحايا الإدمان على المخدرات هو الآخر حظي باهتمام عمالة الإقليم والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية حيث تم إنشاء مركز اجتماعي صحي بمدينة تيط مليل لتقديم خدمات متنوعة لهذه الفئة.
من جانب آخر تجب الإشارة إلى مشروع الحضانة crèche الذي سيقام بمركز الانعام الاجتماعي بالمجاطية من طرف وزارة التضامن ومؤسسة التعاون الوطني،وذلك بهدف احتضان الاطفال الرضع والصغار المتراوحة أعمارهم بين شهر و 3 سنوات،حيث ستقدم هذه الحضانة خدماتها بالمجان للامهات العاملات المنحدرات من أوساط اجتماعية هشة.
هذا ونشير إلى توفر الإقليم على سلسلة مهمة من المراكز المتخصصة في تقديم خدمات التكوين الحرفي لفائدة النساء والشباب في مختلف التخصصات( الطبخ والخلويات،الخياطة والفصالة، الحلاقة،مربيات روض الاطفال ،المساعدون الاجتماعيون،التكوين في الاعلاميات والمهن الرقمية والفنية).
وما دمنا بصدد الحديث عن المهن الرقمية لابد أن نقف عند المجمعات الرقمية التي بادرت عمالة الإقليم إلى إنشائها في جماعات : الهراويبن، مديونة وتيط مليل،وهي مراكز تقدم تكوينات في مجالات مبتكرة وحديثة بالمجان للشباب الراغب في تأهيل نفسه لولوج سوق الشغل ( التسويق الالكتروني،التصميم الرقمي،الاخراج وصناعة المحتوى،هندسة الصوت،صناعة الاشهار....الخ).
مشروع طلائعي كبير يرتقب وضع حجره الأساسي من طرف الملك محمد السادس خلال الأسبوع القادم، ويتعلق الأمر هنا بالمركز الجهوي للتأهيل النفسي والاجتماعي للأشخاص المصابين بأمراض عقلية ونفسية بجماعة سيدي حجاج واد حصار،الذي سيقام على مساحة 90 الف متر مربع بكلفة مالية تقدر ب 300 مليون درهم،ومساهمة عدد من الشركاء( مؤسسة محمد الخامس للتضامن،INDH،وزارة التضامن والاندماج الاجتماعي،وزارة الصحة،مجلس الجهة،المجلس الإقليمي لعمالة مديونة،مجلس مدينة الدارالبيضاء),وتتميز صيغة هذه المؤسسة le concpt بطابعها المزدوج على مستوى الخدمات المقدمة ،حيث سيخصص قسم من هذا المركز لتقديم الخدمات الطبية المختلفة، في حين سيتكفل القسم الآخر بتقديم خدمات الايواء والتغذية والمواكبة الاجتماعية لفائدة الفئات المستفيدة والعمل بالتالي على أعادة إدماجهم في وسطهم الأسري والاجتماعي .