Thursday 11 September 2025
مجتمع

اليوم العالمي للوقاية من الانتحار(10 شتنبر): الانتحار في المغرب.. الطابو الذي يقتل بصمت  

اليوم العالمي للوقاية من الانتحار(10 شتنبر): الانتحار في المغرب.. الطابو الذي يقتل بصمت   صورة معبرة لظاهرة الانتحار
في مغرب اليوم، يحرّم الدين الانتحار، و تجرّمه العادات الاجتماعية، وتختنق العائلات بصمت العار.
يأتي العاشر من شتنبر، فيتحدث العالم كله عن الانتحار، لكن في المغرب، يظل الصمت سيد الموقف.
الانتحار ما يزال موضوعاً محرّماً، مبهماً، محاطاً بجدران الخوف ومخفياً خلف أرقام رسمية شحيحة.
 
 أرقام تقلق الضمائر 
وفق أحدث معطيات البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية، يسجّل المغرب حوالي 3 حالات انتحار لكل 100 ألف نسمة.
رقم يبدو متدنياً، لكن جمعيات الميدان تؤكد أن الواقع أكثر قتامة بكثير.
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تتحدث عن أكثر من ألف حالة انتحار سنوياً، أي ثلاثة حالات يومياً.
ورغم فداحة الأرقام، لا تنشرها أي جهة رسمية، ما يجعل وضع خطة وطنية شاملة للوقاية أمراً معقداً.
 
بروفايلات الضحايا: شباب ورجال مهمّشون 
دراسات أجريت في شمال البلاد رسمت لوحة قاتمة:
أغلب الضحايا رجال، شباب، عاطلون عن العمل، غالباً من مناطق قروية.
في تسعة من كل عشرة حالات، الوسيلة هي الشنق .
المراهقون في خطر أيضاً: واحد من كل ستة اعترف بأنه فكّر بالانتحار، وواحد من كل سبعة خطط لتنفيذه.
أما النساء، فهنّ أكثر تعبيراً عن الألم النفسي، لكن أقل إقداماً على الفعل القاتل.
 
 لماذا هذا الصمت؟ 
التحريم الديني، الوصمة الاجتماعية، وعار العائلات، كلها عوامل تجعل الانتحار موضوعاً مسكوتاً عنه.
والنتيجة: ندرة البيانات، غياب برامج الوقاية، وانعدام التمويل.
البنية التحتية للصحة النفسية ضعيفة؛ بضع مئات من الأطباء النفسيين فقط يخدمون 37 مليون نسمة.
حتى الجمعيات تصارع للبقاء؛ " جمعية ابتسامة رضا "، الرائدة في الوقاية من انتحار الشباب، أوقفت نشاطها هذه السنة 2025 لغياب الدعم المالي.
لا خط وطني للاستماع، لا حملات توعية مستمرة، ولا متابعة منهجية للأشخاص المعرّضين للخطر.
 
 ما الذي يجب فعله؟ 
تقييد والحد ومراقبة وسائل الانتحار القاتلة، خصوصاً المبيدات الزراعية في المناطق القروية.
تدريب الأطباء، المعلمين، والأئمة على رصد إشارات الخطر.
إحداث خطوط هاتفية جهوية للاستماع تعمل على مدار الساعة.
دعم الجمعيات، ونشر إحصاءات دقيقة وشفافة.
وقبل كل شيء، كسر جدار الصمت.
 
 الانتحار ليس قدراً محتوماً. 
 إنه قضية صحة عامة يمكن الوقاية منها إذا جعل المغرب حياة مواطنيه أولوية وطنية. 
في هذا اليوم العالمي، آن الأوان أن نعلن بصوت عالٍ: حياة كل مغربي تستحق أن تُصان، والصمت بدوره قد يقتل.
 
الدكتور أنور الشرقاوي،  متخصص في الاتصال الطبي و الإعلام الصحي