سناء المستغفر تبدو الساحة السياسية المغربية وكأنها عالقة في دائرة مفرغة، حيث تعيد نفس النقاشات والممارسات إنتاج ذات الأزمات دون الخروج نحو أفق جديد. هذه الحلقة المغلقة تجعل من أي محاولة للإصلاح أو التغيير مجرد دوران حول الذات، بدل أن تكون قفزة إلى الأمام.
ولعلّ الصورة المجازية الأقرب إلى توصيف هذا الوضع هي لعبة الجبنة والفأر:
الأحزاب السياسية تتسابق نحو "الجبنة" المتمثلة في المناصب والامتيازات بدل الانكباب على خدمة المواطن.
المواطن، بدوره، يتحول إلى مجرد "فأر تجارب" في معادلة سياسية غير متوازنة، يكتشف في كل مرة أن الوعود الانتخابية كانت مجرد طُعم مؤقت.
أما الدولة، فهي تحاول ضبط التوازن بين الطرفين عبر آليات التسيير والتحكم، لكنها في النهاية تجد نفسها أيضاً أسيرة هذا المنطق الدائري الذي يعيق دينامية التغيير.
هذه اللعبة المتكررة أفرزت ثلاث نتائج أساسية:
1. تآكل الثقة: فالمواطن فقد الثقة في الفاعل السياسي بسبب غلبة المصالح الضيقة على المصلحة العامة.
2. ضعف المشاركة: حيث تعكس نسب التصويت المتدنية نفور المجتمع من اللعبة الانتخابية.
3. تغوّل العزوف: الذي يتحول بدوره إلى عامل يعيد إنتاج نفس النخب، ونفس الخطاب، ونفس السياسات.
نحو كسر الدائرة.
كسر هذه الدائرة المفرغة يقتضي:
إعادة تعريف وظيفة الحزب السياسي كوسيط حقيقي بين الدولة والمجتمع، وليس مجرد قناة لاقتسام الغنيمة.
إشراك المواطن بجدية في صياغة القرار، لا الاكتفاء به كصوت انتخابي عابر.
تجديد النخب عبر آليات ديمقراطية داخلية شفافة، تمنح الفرصة للشباب والكفاءات.
إن الخروج من منطق "الجبنة والفأر" يتطلب الانتقال من سياسة الطُعم والمطاردة إلى سياسة التعاقد والثقة، ومن الدائرة المفرغة إلى مسار تصاعدي يبني التراكم بدل الدوران في المكان.
