أصدرت المحكمة الدستورية قرارا بعدم دستورية مجموعة من المقتضيات المتعلقة بالمسطرة المدنية المحالة إليها.
في هذا الرأي القانوني، يقدم الدكتور إسماعيل الجباري الكرفطي، المحامي بهيئة طنجة، والأستاذ الزائر بكلية الحقوق بطنجة، قراءته لموقف المحكمة الدستورية من قانون المسطرة المدنية، مسلطا الضوء على مخالفة بعض فصوله لمبدأ فصل السلطات وحماية الحقوق والحريات وفق دستور 2011. ويشرح كيف أن المحكمة الدستورية لها صلاحية مراجعة دستورية القوانين، مع الإشارة إلى الصراعات السابقة في البرلمان حول هذا القانون، والتأكيد على أن بعض أحكام القانون منحته للوزير المكلف بالعدل صلاحيات تتداخل مع استقلال السلطة القضائية، مما يعد مساسًا بفصل السلط وحقوق الدفاع.
في هذا الرأي القانوني، يقدم الدكتور إسماعيل الجباري الكرفطي، المحامي بهيئة طنجة، والأستاذ الزائر بكلية الحقوق بطنجة، قراءته لموقف المحكمة الدستورية من قانون المسطرة المدنية، مسلطا الضوء على مخالفة بعض فصوله لمبدأ فصل السلطات وحماية الحقوق والحريات وفق دستور 2011. ويشرح كيف أن المحكمة الدستورية لها صلاحية مراجعة دستورية القوانين، مع الإشارة إلى الصراعات السابقة في البرلمان حول هذا القانون، والتأكيد على أن بعض أحكام القانون منحته للوزير المكلف بالعدل صلاحيات تتداخل مع استقلال السلطة القضائية، مما يعد مساسًا بفصل السلط وحقوق الدفاع.
إن ممارسة السياسة يجب أن تتم في توافق مع أحكام الدستور وأن القانون لا يعبر عن الإرادة العامة الا في احترامه للدستور عبر قراءة تركيبية كلية لفصوله، هذه الحيثية مضمنة في عديد من القرارات المجلس الدستوري الفرنسي، لذلك فإن روح دستور 2011 لا تكمن في ضمان فعالية السلطات والمؤسسات واستقرارها ومسؤولياتها التي افتقدتها مؤسساتنا خلال المرحلة السابقة، بل يكمن روح الدستور في تعزيز الحقوق والحريات.
ينص الفصل 132 في فقرته 3 من دستور المملكة للتاريخ الموافق ل2011 "يمكن للملك، وكذا لكل من رئيس الحكومة، أو رئيس مجلس النواب، أو أربعين عضوا من أعضاء مجلس المستشارين، أن يحيلوا القوانين، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور. "
ويتعلق الآمر بالقوانين الصادرة عن البرلمان، إذا كان لايمكن أن تحال إلى المجلس الدستوري استنادا الى الفصل 132/فقرة 3 من دستور المملكة إلا القوانين المصوت/ الموافق عليها من قبل البرلمان.
في هذا السياق يأتي إحالة رئيس مجلس النواب بشأن إحالة قانون المسطرة المدنية في ظل توترات وصراع التأويلات والتفسيرات المتعلقة بدستورية قانون المسطرة المدنية.
لكن ونظرًا لجوهرية ونوعية قانون المسطرة المدنية في المنظومة الإجرائية والمسطرية لضمان الحقوق والحريات واستكمال البناء المؤسساتي للعدالة والسلطة القضائية.
وفي سابقة دستورية وبرلمانية قام رئيس مجلس النواب بنيته في ممارسة حقه في إحالة القانون على المحكمة الدستورية في حين أكدت الممارسة الدستورية والبرلمانية أنه خلال عقود من الزمن لم يبادر رئيس مجلس النواب، ولو مرة إلى تقديم طلب يرمي إلى تصريح بمطابقة قانون مع الدستور، ومنطقيا، يبقى اللجوء إلى ممارسة الحق ذاته الذي يتمتع به رئيس مجلس النواب نادرا سواء في الأجل القريب أو البعيد، على اعتبار أنه غالبا يتم التصويت على مشاريع قوانين من قبل الأغلبية ذات اللون السياسي الذي ينتمي إليه الرئيس نفسه.
وفي المقابل، وفي توجه متواتر على مستوى الممارسة البرلمانية والدستورية، فقد أصبح يمارس خمس أعضاء مجلس النواب حق إحالة القوانين إلى المحكمة الدستورية إذ جاء في فصل 132/فق.3 منه: "يمكن لخمس أعضاء مجلس النواب، يحيلوا القوانين".
فالثابت من الممارسة البرلمانية أنه تم اللجوء إلى هته الإحالة في العديد من مشاريع القوانين: فبتاريخ -31/02/2012 ، حيث طلب 107 عضوا بمجلس النواب من المجلس الدستوري التصريح بمخالفة بعض مقتضيات قانون المالية رقم 12-115 للسنة المالية 2013 للدستور. وأصدر المجلس الدستوري بشأنها قراره.
-26/07/2013، حيث طلب 87 عضوا بمجلس النواب من المجلس الدستوري بتصريح بعدم مطابقة القانون 01-129 القاضي بتغيير المادة 139 من القانون 01-22 المتعلقة بالمسطرة الجنائية للدستور. وقد أصدر المجلس الدستوري بشأنها قراره.
-25/12/2013، حيث طلب 120 عضوا بمجلس النواب من المجلس الدستوري التصريح بمخالفة قانون المالية رقم. 13-110 للسنة المالية 2014 للدستور. وقد أصدر المجلس الدستوري بشأنها قراره.
وهناك كذلك ضمانات مؤسساتية أخرى تتعلق بحق الملك في الاعتراض التشريعي أو ما يصطلح عليه دستوريا بطلب القراءة الجديدة. إذ يمكن للملك أن يطلب من كلا المجلسين إعادة تعديل او تغيير مشروع او مقترح القانون موضوع القراءة الجديدة. كما لايمكن أن يفهم من القراءة الجديدة ان الملك يعترض بشكل مباشر ونهائي على المقترح أو المشروع محل القراءة الجديدة، وانما تكمن مقاصد المشرع في اقرار آلية القراءة الجديدة في دفع البرلمان الى إعادة مقاربة تصوره للنص التشريعي محل القراءة الجديدة.
إن التصريح بعدم مطابقة الفقرة الأولى من المادة 17 للدستور لخرقها للفقرة الأولى من الفصل السادس منه بصفة خاصة على أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الامة والفصل 117 منه على انه يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات... وأمنهم القاضي والفقرة الأولى من الفصل 126 منه على أن الاحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع. واعتبار صيغة الفقرة الأولى من المادة 17 جاءت بصيغة المطلق و غير محددة لحالات يمكن فيه للنيابة العامة طلب التصريح ببطلان المقررات القضائية وهذا فيه تجاوز نطاق الاستثناء على حجية المقررات القضائية. بالإضافة إلى ذلك هناك بعض الأحكام فيها مساس لمبدأ دستوري معياري وهو مبدأ فصل السلط من خلال تصريح بان الفقرتين الاوليين من المادتين 408 و410 مخالفتان للدستور فيما خولتا للوزير المكلف بالعدل من تقديم طلب الإحالة من أجل الاشتباه في تجاوز القضاة لسلطاتهم أو من أجل التشكك المشروع استنادا لأحكام الدستور والقوانين التنظيمية، علاقة بالفقرتين، أن الوزير المكلف بالعدل عضو في الحكومة التي تمارس السلطة التنفيذية، والتي تعتبر السلطة القضائية مستقلة عنها، وأنه يترتب عن استقلال السلطة القضائية، في ظل الدستور، عدم إسناد الاختصاصات المتعلقة بحسن سير الدعوى، في مجال التنظيم الإجرائي للدعاوى الخاضعة للمسطرة المدنية، إلا لمن يمارس السلطة القضائية دون سواها.
إذن نحن أمام مساس بمبدأ فصل السلط و ضمانات حقوق الدفاع وهذا يوضح هشاشة البناء الدستوري والتشريعي والمرجعي لقانون المسطرة المدنية وتكامله مع باقي الانظمة المسطرية والموضوعية واحترامه لمبادئ ذات الطابع الدستوري الواردة في مقتضيات الدستور 2011 ..
.png)
