Sunday 3 August 2025
فن وثقافة

سعيد صدقي: الجامعة والشيخات 

 
سعيد صدقي: الجامعة والشيخات  سعيد صدقي ومشهد ل" شيخات ابن طفيل"
تعد الجامعة مؤسسة علمية وثقافية تناط بها مهام  بناء الوعي، وترسيخ القيم، وصقل الحس النقدي والجمالي لدى الطلبة. ولهذا، فإن كل ما يُعرض في فضائها، سواء أكان ندوة فكرية أم عرضا فنيا، لا بد أن ينسجم مع هذه المهام النبيلة. 
 
غير أننا في السنوات الأخيرة، وبشكل خاص هذا العام، شهدنا تزايدا مقلقا في ترويج نوع من الفنون يصنف ضمن ما يسمى "الفن الشعبي"، والذي نعتبره أداة للتمييز الطبقي. فأبناء الطبقات  المهيمنة يميلون إلى تقدير أنماط معينة من الفن مثل الموسيقى الكلاسيكية أو التشكيل التجريدي، ويسمونها "فنًا راقيًا"، بينما يُنظر إلى تفضيلات الفئات الدنيا للفن الشعبي أو الغنائي  بوصفه "دوني" أو "سوقي". 
 
هذا التمايز ليس بريئا، بل يخدم وظيفة رمزية تتمثل في شرعنة الفوارق الاجتماعية وتثبيت الهيمنة الثقافية للطبقات.
 
علاوة على أن ما يُعتبر "فنًا" أو "إبداعا" لا ينبع من جودة داخلية خالصة، بل من اعتراف جماعي داخل مجال او حقل له دور في التنشئة الاجتماعية، فالمؤسسات التربوية تلعب دورًا محوريا في تحديد الشرعية الفنية، وبالتالي فهي تُسهم في إعادة إنتاج النظام الرمزي السائد.
 
الجامعة ليست مسرحا للترفيه الرخيص، ولا مجالًا لتطبيع الذوق مع ما يبتعد عن الفن الهادف. وحين تستقدم عروض "الشيخات" إلى الحرم الجامعي دون وعي نقدي أو انتقاء جمالي، فإن ذلك لا يُعدّ تكريما للتراث، بل اختزالا له في بعده الرمزي الهدف إلى تكريس التمايزات الطبقية.
إن تكريم الفنون الشعبية يجب أن يتم وفق معايير واضحة، أولها أن يحمل العرض رسالة إنسانية أو اجتماعية تسهم في التثقيف والتنوير، وثانيها أن يراعي السياق الجامعي بما فيه من تنوع ثقافي وتربوي، وثالثها أن يشجع الطلاب على التفكير لا على الاستهلاك الانفعالي اللحظي.
 قد يقول قائل ان هذا الفن موجود في المجتمع وبالتالي يشاهد على التلفاز وفي الاوساط الشعبية، اقول نعم. لكن المفروض في الجامعة انها منتجة للقيم والمعايير وليست ناقلة لقيم ومعايير مجتمعها. وإن المفروض فيها تقويم السلوك وضبطه بما يتماشى والاهداف النبيلة للفن، أي رسالة يحمل فن هز البطون وتحريك المؤخرات؟ 
ومن هذا المنطلق، لا بد أن نعيد طرح سؤال جوهري: ما الذي نريده من الفن داخل الجامعة؟ هل نريده أداة لترسيخ القيم، أم وسيلة لتكريس التفاهة؟ أليس من الأولى أن ندعو فنّانين ومسرحيين وأدباء يوسّعون آفاق الطلبة بدل الانحدار إلى عروض تستورد من فضاءات لا الجامعة والشيخات.
 
تعد الجامعة مؤسسة علمية وثقافية تناط بها مهام  بناء الوعي، وترسيخ القيم، وصقل الحس النقدي والجمالي لدى الطلبة. ولهذا، فإن كل ما يُعرض في فضائها، سواء أكان ندوة فكرية أم عرضا فنيا، لا بد أن ينسجم مع هذه المهام النبيلة. غير أننا في السنوات الأخيرة، وبشكل خاص هذا العام، شهدنا تزايدا مقلقا في ترويج نوع من الفنون يصنف ضمن ما يسمى "الفن الشعبي"، والذي نعتبره أداة للتمييز الطبقي. فأبناء الطبقات  المهيمنة يميلون إلى تقدير أنماط معينة من الفن مثل الموسيقى الكلاسيكية أو التشكيل التجريدي، ويسمونها "فنا راقيا"، بينما يُنظر إلى تفضيلات الفئات الدنيا للفن الشعبي أو الغنائي  بوصفه "دوني" أو "سوقي". هذا التمايز ليس بريئا، بل يخدم وظيفة رمزية تتمثل في شرعنة الفوارق الاجتماعية وتثبيت الهيمنة الثقافية للطبقات.
 
علاوة على أن ما يُعتبر "فنا" أو "إبداعا" لا ينبع من جودة داخلية خالصة، بل من اعتراف جماعي داخل مجال أو حقل له دور في التنشئة الاجتماعية،  فالمؤسسات التربوية تلعب دورا محوريا في تحديد الشرعية الفنية، وبالتالي فهي تُسهم في إعادة إنتاج النظام الرمزي السائد.
 
 فالجامعة ليست مسرحا للترفيه الرخيص، ولا مجالا لتطبيع الذوق مع ما يبتعد عن الفن الهادف. وحين تستقدم عروض "الشّيخات" إلى الحرم الجامعي دون وعي نقدي أو انتقاء جمالي، فإن ذلك لا يُعدّ تكريما للتراث، بل اختزالا له في بعده الرمزي الهدف إلى تكريس التمايزات الطبقية.
 
إن تكريم الفنون الشعبية يجب أن يتم وفق معايير واضحة، أولها أن يحمل العرض رسالة إنسانية أو اجتماعية تسهم في التثقيف والتنوير، وثانيها أن يراعي السياق الجامعي بما فيه من تنوع ثقافي وتربوي، وثالثها أن يشجع الطلاب على التفكير لا على الاستهلاك الانفعالي اللحظي.
 
قد يقول قائل إن هذا الفن موجود في المجتمع وبالتالي يشاهد على التلفاز وفي الأوساط الشعبية، أقول نعم. لكن المفروض في الجامعة أنها مُنتجة للقيم والمعايير وليست ناقلة لقيم ومعايير مجتمعها،ومن المفروض فيها تقويم السلوك وضبطه بما يتماشى والاهداف النبيلة للفن، أي رسالة يحمل فن هز البطون وتحريك المؤخرات؟ 
 
من هذا المنطلق، لا بد أن نعيد طرح سؤال جوهري: ما الذي نريده من الفن داخل الجامعة؟ هل نريده أداة لترسيخ القيم، أم وسيلة لتكريس التفاهة؟ أليس من الأولى أن ندعو فنّانين ومسرحيين وأدباء يوسّعون آفاق الطلبة بدل الانحدار إلى عروض تستورد من فضاءات لا تحمل نفس الرسالة؟
 
إن مسؤولية اختيار الفن الذي يعرض في الجامعات لا تقتصر على إدارات المؤسسات فحسب، بل هي مسؤولية مجتمعية ونقدية تتطلّب رؤية واضحة لما نريده من الجامعة كمؤسسة لبناء الإنسان لا لتسطيحه.
 
إن مسؤولية اختيار الفن الذي يعرض في الجامعات لا تقتصر على إدارات المؤسسات فحسب، بل هي مسؤولية مجتمعية ونقدية تتطلّب رؤية واضحة لما نريده من الجامعة كمؤسسة لبناء الإنسان لا لتسطيحه.
الدكتور سعيد صدقي، باحث في السوسيولوجيا