Thursday 19 June 2025
سياسة

عصام لعروسي: المغرب ينظر إلى المواجهة بين إيران وإسرائيل بمنظور احترازي ومنظور سيادي أيضا

عصام لعروسي: المغرب ينظر إلى المواجهة بين إيران وإسرائيل بمنظور احترازي ومنظور سيادي أيضا عصام لعروسي، مدير عام مركز منظورات للدراسات الجيو- سياسية 
الحرب‭ ‬الدائرة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬واسرائيل‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبارها‭ ‬لحظة‮ ‬‭ ‬تاريخية‭ ‬مصلية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬المنطقة،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬التنافس‭ ‬والصراع،‭ ‬وتأجيج‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬التصعيد‭ ‬العسكري،‭ ‬حيث‭ ‬تتفاعل‭ ‬فيه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاستراتيجيات،‭ ‬وأيضا‭ ‬تصحبه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المتغيرات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬
‮ ‬
إلى‭ ‬أين‭ ‬تتجه‭ ‬خريطة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؟‮ ‬
في‭ ‬اعتقادي‭ ‬أن‭ ‬خريطة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬قبل‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬وما‭ ‬بعدها‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحقائق‭ ‬الجغرافية،‭ ‬والجيوسياسية‭ ‬المختلفة‭. ‬‮ ‬وبعد‭ ‬هاته‭ ‬المرحلة‭ ‬وبعد‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬“ضربة‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى”‭ ‬في‭ ‬اكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬‮ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬تاريخا‭ ‬مفصليا‭ ‬وتاريخا‭ ‬محوريا‭ ‬لمستقبل‭ ‬المنطقة‭.‬
 
‬اليوم‭ ‬هذا‭ ‬المشهد،‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬تقاطب‭ ‬أساسي‭ ‬كبير،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬وداعمتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭. ‬أما‭ ‬إيران‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحرك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الخيوط‭ ‬المتعلقة‭ ‬بحرب‭ ‬الوكالة‭. ‬هذه‭ ‬الوكالات‭ ‬وأذرع‭ ‬إيران‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬كانت‭ ‬تحركها‭ ‬باقتدار‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬السّابقة‭ ‬للفترة‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬وهي‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬أنهت‭ ‬استراتيجيا‭ ‬هذا‭ ‬التفوق‭ ‬الإيراني،‭ ‬بيّنته‭ ‬أوراق‭ ‬الضغط‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬المنتظم‭ ‬الدولي‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ ‬وللدفاع‭ ‬عن‭ ‬كنيونتها‭ ‬ووجودها‭ ‬بذلك‭ ‬عبر‭ ‬حزب‭ ‬لله‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬ذراع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬كميليشيا‭ ‬يفرض‭ ‬أمر‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬ويقتسم‭ ‬السلطة‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬اللبنانية‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬شيء‭ ‬وكان‭ ‬يحكم‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬وما‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬اغتيالات‭ ‬ومن‭ ‬ضربات‭ ‬قاسمة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السّنة،‭ ‬حيث‭ ‬أفرغت‭ ‬إسرائيل‭ ‬الساحة‭ ‬اللبنانية‭ ‬من‭ ‬محتواها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬سوري،‭ ‬ممّا‭ ‬مكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تبسط‭ ‬يدها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بعض‭ ‬التدخلات‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬السورية‭ ‬كالجولان‭ ‬وعلى‭ ‬مرآى‭ ‬ومسمع‭ ‬من‭ ‬العالم‭. ‬فالساحة‭ ‬السورية‭ ‬أيضاً‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تلك‭ ‬الحصن‭ ‬الحصين‭ ‬بالنسبة‭ ‬لإيران،‭ ‬ولم‭ ‬يظل‭ ‬إلا‭ ‬الحوتي‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬ببعض‭ ‬الضربات،‭ ‬وسط‭ ‬إجماع‭ ‬دولي‭ ‬على‭ ‬محاصرة‭ ‬الحوتين‭ ‬لاعتبارات‭ ‬جيوسياسية‭ ‬واقتصادية‭.‬
‮ ‬
حروب‭ ‬خاطفة‭ ‬لتحقيق‭ ‬توازن‭ ‬جيواستراتيجي‮ ‬
هذه‭ ‬تأثيرات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬لاشك‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬طويلا‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬قصيرا‭. ‬هي‭ ‬حروب‭ ‬خاطفة‭ ‬وحروب‭ ‬تقاس‭ ‬بمدى‭ ‬قدرة‭ ‬الطرفين‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬وعلى‭ ‬إلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬بالطرف‭ ‬الآخر‭. ‬الضربات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬خلفت‭ ‬أضرارا‭ ‬جسيمة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لإيران‭ ‬والخسائر‭ ‬كانت‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمواقع‭ ‬العسكرية‭ ‬وكذلك‭ ‬بالنسبة‭ ‬للقيادات،‭ ‬بينما‭ ‬إيران‭ ‬أحدثت‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الضعف‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬حيوية،‭ ‬وسط‭ ‬سقوط‭ ‬قتلى‭ ‬مدنيين‭ ‬إسرائيليين‭ ‬ومن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وإصابة‭ ‬الوحدات‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬واقع‭ ‬التوازن‭ ‬الحالي‭ ‬قائما،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أقطابا‭ ‬تدعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬كالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تشأ‭ ‬أن‭ ‬تشاركها‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬الضربات‭ ‬العسكرية،‭ ‬لكنها‭ ‬تستفيد‭ ‬لفرض‭ ‬شروطها‭ ‬وللضغط‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمسألة‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬القنبلة‭ ‬النووية‭.‬
 
الصراع‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الضربات‭ ‬المتبادلة‭ ‬هي‭ ‬أيضا‭ ‬محاولة‭ ‬فرض‭ ‬هذا‭ ‬التّوازن،‭ ‬وبالتالي‭ ‬أظن‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬خسرت‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬بينما‭ ‬إسرائيل‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تتمدد‭ ‬بشكلها‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬المغامرة،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬شخصيته‭ ‬مغامرة‭ ‬تريد‭ ‬كسب‭ ‬كلّ‭ ‬شيء‭ ‬ولا‭ ‬يدع‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬للصّدفة‭ ‬والآلة‭ ‬العسكرية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليه‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬تدور‭ ‬وما‭ ‬يزال‭ ‬يريد‭ ‬منها‭ ‬الدوران‭ ‬لتحقيق‭ ‬كلّ‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬يصبو‭ ‬إليه‭.‬
‮ ‬
انفراجات‭ ‬وتغييرات‭ ‬تنتظر‮ ‬
أعتقد‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬مقبلة‭ ‬على‭ ‬انفراجات‭ ‬وتغييرات،‭ ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه:‭ ‬ما‭ ‬موقف‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التمدد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الغاشي؟‭ ‬فإيران‭ ‬نعلمها‭ ‬ونعلم‭ ‬خطورتها،‭ ‬وخطورة‭ ‬المشروع‭ ‬الشيعي‭ ‬والهلال‭ ‬الشيعي‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭. ‬نحن‭ ‬الآن‭ ‬أمام‭ ‬موقعين‭ ‬كما‭ ‬يقال:‭ ‬معضلة‭ ‬أمنية‭ ‬خطيرة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬خطر‭ ‬وتمدّدها‭ ‬يشكل‭ ‬خطرا‭ ‬جسيما‭ ‬خطرا‭ ‬داهما‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬وضعف‭ ‬إيران‭ ‬يعني‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬توازن‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬مما‭ ‬سيجعل‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬تتقوى‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر‭.‬
‮ ‬
وبخصوص‭ ‬انعكاسات‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬على‭ ‬المغرب،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ننكر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ارتدادات‭ ‬أساسية‭ ‬على‭ ‬المغرب،‭ ‬لكن‭ ‬باعتبار‭ ‬البعد‭ ‬الجغرافي‭ ‬وعلى‭ ‬علّة‭ ‬دور‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬حلّ‭ ‬الأزمات‭ ‬العربية،‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬بإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يلعب‭ ‬دور‭ ‬الوسيط‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأزمات‭ ‬لكونه‭ ‬يحوز‭ ‬‮ ‬ثقة‭ ‬إسرائيل‭ ‬وثقة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬يتحدّى‭ ‬كونه‭ ‬حربا‭ ‬ضدّ‭ ‬حماس‭ ‬وضدّ‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬لكنه‭ ‬استهداف‭ ‬ممنهج‭ ‬لكل‭ ‬المنطقة‭. ‬إسرائيل‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬نقاط‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬ولماذا‭ ‬المنطقة‭ ‬المغاربية‭ ‬والتي‭ ‬ترتبط‭ ‬معها‭ ‬بعلاقات،‭ ‬علاقة‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬احترام‭ ‬جسور‭ ‬التواصل‭ ‬والحوار،‭ ‬وكذا‭ ‬احترام‭ ‬أسس‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬المغرب،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬بمنظور‭ ‬احترازي‭ ‬ومنظور‭ ‬سيادي‭ ‬أيضا‭. ‬طبعا‭ ‬المغرب‭ ‬ربما‭ ‬تراجع‭ ‬عن‭ ‬الذهاب‭ ‬بعيدا‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬من‭ ‬خلالي‭ ‬تطبيع‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬بعد‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقية‭ ‬2020‭ ‬وعبر‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬عن‭ ‬مواقف‭ ‬صارمة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والعمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬والهمجية‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بإسرائيل‭ ‬على‭ ‬فلسطين،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬بقيادة‭ ‬العاهل‭ ‬المغربي‭ ‬هو‭ ‬رئيس‭ ‬لجنة‭ ‬القدس،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهو‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬الحق‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أينما‭ ‬كان‭ ‬وبكلّ‭ ‬الطرق‭ ‬ولدى‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬ويقدم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فالمغرب‭ ‬يريد‭ ‬السلام‭ ‬ويريد‭ ‬الاستقرار‭ ‬ويريد‭ ‬الأمن‭ ‬للمنطقة،‭ ‬ولطالما‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭.‬
‮ ‬
أي‭ ‬موقع‭ ‬للمغرب‭ ‬فيما‭ ‬يحصل؟‮ ‬
المغرب‭ ‬سيتخذ‭ ‬مواقف‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬العنجهية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬أن‭ ‬تتغير‭ ‬ربما‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أو‭ ‬تلين‭ ‬بعض‭ ‬المواقف‭ ‬من‭ ‬قبلها،‭ ‬وربما‭ ‬تنتهي‭ ‬الحرب‭ ‬ويتوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬المعادلة‭ ‬الصفرية‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬إذن‭ ‬هي‭ ‬انتكاسات‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬وجزء‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وجزء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬يتأثر‭ ‬بما‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬
 
وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالفكر‭ ‬الجمعي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بالإجماع‭ ‬الشعبي‭ ‬حول‭ ‬إيران‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬فمن‭ ‬يناصر‭ ‬إيران‭ ‬هنا‭ ‬قليل‭ ‬منه،‭ ‬لكن‭ ‬وجب‭ ‬التمييز‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬التي‭ ‬تمارس‭ ‬بعض‭ ‬الوصاية‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬وعلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العواصم‭ ‬العربية،‭ ‬وإيران‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الآن‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬معادلة‭ ‬التوازن‭. ‬ومن‭ ‬يقرأ‭ ‬جيدا‭ ‬المشهد‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬هي‭ ‬معادلة‭ ‬وطرف‭ ‬في‭ ‬معادلة‭ ‬التوازن‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وبالتالي‭ ‬فالقراءة‭ ‬الواعية‭ ‬تذهب‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تتغول،‭ ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬المنطقة،‭ ‬ولا‭ ‬التغول‭ ‬الإيراني‭ ‬كذلك،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬كالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بإمكانها‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬هذا‭ ‬التوازن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تنتصب‭ ‬مدافعة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الخط‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضدّ‭ ‬إيران‭.‬
 
طبعا‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬آراء‭ ‬الشارع‭ ‬المغربي‭ ‬أمر‭ ‬عادي‭ ‬وهناك‭ ‬القليل‭ ‬القلة‭ ‬من‭ ‬طبعا‭ ‬المغاربة‭ ‬عقديا‭ ‬ومذهبيا‭ ‬لا‭ ‬ينتصرون‭ ‬لإيران،‭ ‬وهذه‭ ‬مسألة‭ ‬معروفة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬الذي‭ ‬يؤمن‭ ‬بالفكر‭ ‬المعتدل‭ ‬والمذهب‭ ‬السّنّي‭ ‬المالكي‭ ‬والعقيدة‭ ‬الأشعرية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬المواقف،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تقف‭ ‬مع‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬“الجزائر‭ ‬والبوليساريو“‭ ‬وتورطت‭ ‬وكالاتها‭ ‬كحزب‭ ‬لله‭ ‬اللبناني‭ ‬لخدمة‭ ‬هذه‭ ‬الأجندة‭. ‬أظن‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬تعاطف‭ ‬وجداني،‭ ‬بل‭ ‬تعاطف‭ ‬عقلاني،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬بالدفع‭ ‬للاعتقاد‭ ‬أن‭ ‬المغاربة‭ ‬وجدانيا‭ ‬مع‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والمغاربة‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الخط‭. ‬وبالتالي‭ ‬فالموقف‭ ‬الشعبي‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬الرّسمي‭ ‬الذي‭ ‬يتّسم‭ ‬بالالتزام‭ ‬والاعتدال‭ ‬وبالقراءة‭ ‬المضبوطة‭ ‬للتوازنات‭.‬