لذا، هم يميزون الهوية عن التطابق. ويعتبرون الذات في تباعد عن نفسها، كما ينظرون إلى الآخر، لا على أنه ذاك الذي تفصلني عنه الحواجز والجدران، وإنما على أنه، أولا وقبل كل شيء، بُعد الذات عن نفسها. فلا مكان في نظرهم لهوية متوحشة معزولة تقوم في غياب عن الآخر، وهم يطرحون الاختلاف على مستوى الأطروحة قبل "الخروج" نحو النقيض. ويرون في ذلك لا عمل السلب وحده، بل عملا ايجابيا، عملا بناء "يشكل" الهوية ويبنيها. كتب ج. دريدا: "إن الخاصية المميزة لكل ثقافة هي ألا تكون مطابقة لذاتها. لا أعني ألا تكون لها هوية تحددها، وإنما ألا يكون في وسعها أن تتطابق مع ذاتها، وتقول "أنا" أو "نحن"، وألا تتخذ شكل الذات إلا بكيفية غير مطابقة لنفسها، أو إن شئنا فلنقل، إلا في اختلافها عن ذاتها. ما من علاقة مع الذات وتطابق معها دون ثقافة، إلا أنها ثقافة الذات مثلما هي ثقافة الآخر، ثقافة المضاف إليه المزدوج، ثقافة الاختلاف مع الذات".
حشود من المتسوقين في أكسفورد سيركس