الخميس 14 نوفمبر 2024
خارج الحدود

العسبي: بعد مقتل حسن نصر الله.. تداعيات أفكار أولية

العسبي: بعد مقتل حسن نصر الله.. تداعيات أفكار أولية حسن نصر الله
هل نحن بإزاء مرحلة دورة تاريخية في هذه الشساعة التي اسمها شعوب العرب والمسلمين؟
 
هل بتصفية إسماعيل هنية وحسن نصر الله (نسجل هنا أن السني والشيعي سواء أمام القتل)، تكون تلك الدورة قد اكتملت؟
أليست بداية تلك الدورة التاريخية بعد نكسة 1967 هي الطفرة النفطية لسنة 1973 والثورة الخمينية لسنة 1979؟. أليس التشدد الديني السني والشيعي قد تصاعد وتنامى من حينها؟. ألم تكن حسابات الشرق والغرب (الحرب الباردة) مواتية لميلاد ذلك التشدد وبعضها وظفه ورعاه وحماه؟ ألم يكن الخطأ التاريخي لصدام حسين كمثال فقط هو أنه انساق وراء بعض تلك الحسابات وجر العراق إلى جهنم الحرب ضد إيران، بالتوازي مع توظيف التشدد السني (المدعوم خليجيا حينها)، لمواجهة السوفيات في أفغانستان؟.

 
ألم تتوالد الخيارات المتشددة في جغرافية العرب والمسلمين من حينها، بالصفتين المذهبيتين معا؟ وأنها تحولت لتصبح بأبعاد دولية عبر القارات الخمس؟
 
أليس الأمر اليوم مجرد عودة إلى منطق مصالح الدول في إيران والسعودية والخليج بمنطق حسابات نظام السوق العالمية؟ وأن الأدوات الموظفة "المستعملة" (حتى وهذه الكلمة جارحة ومؤلمة)، منذ الطفرة النفطية في السبعينات (التي وفرت المال بملايير الدولارات هنا وهناك)، قد استنفذت أدوارها؟
 
لماذا نجحت جماعات حضارية مثل كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة والصين في التصالح مع نظام السوق من قلب خصوصيتها الثقافية، وفشلت شعوب الحضارة العربية والإسلامية في ذلك إلى اليوم؟
 
 ليس الخطأ كله في إسرائيل كما قد نعتقد، بل المسؤولية الذاتية قائمة بنسب مؤثرة ووازنة؟ إسرائيل ليست سوى جزء من حساب دولي غربي أكبر.
 
مقلق كيف أن النخب الفلسطينية مثلا لم تستطع وقد مرت سنة الآن منذ جرائم مأساة غزة، أن تبلور صوتا موحدا لها كحركة وطنية مستقلة يكون مشروعها الأوضح تحقيق استقلال فلسطين وربح المعركة التواصلية عالميا. فهذا دليل على بعض أعطاب الذات.
 
وأهم من يعتقد أن قضية عادلة مثل قضية الشعب الفلسطيني ستموت، بل ستولد أجيال أخرى من قلب فلسطين أشرس وأذكى لانتزاع الحرية والإستقلال قوتها ستكون استقلالية قرارها التحرري الوطني عن أي وصاية خارجية (فالشعوب تتعلم).
 
أمام هذا السديم الممتد، أعجب كيف نعيب على بلادنا (المغرب) أن تدافع عن بيضتها كدولة/ أمة بما هو في اليد حماية لمصالحنا القومية العليا. كيف نقبل ذلك من تركيا ولا نقبله من بلدنا.
 
إن مقتل نصر الله واسماعيل هنية بتلك الطريقة الدقيقة (والمحترفة أمنيا وعسكريا)، نهاية دورة تاريخية وبداية أخرى في جغرافيات العرب والمسلمين. 
 
ملامحها الكبرى التي ستتضح أكثر في القادم من الأيام أن إيران ربحت نفوذا في كامل المشرق العربي من العراق إلى سورية إلى لبنان إلى اليمن بمنطق الدولة كقوة إقليمية ستحوز القنبلة النووية (واشنطن تخلي المجال أمامها اليوم في العراق رسميا). فيما العربية السعودية تعيش مرحلة دقيقة وحاسمة سياسيا واجتماعيا للتحول كزعيمة لدول الخليج والأردن. بينما مصر تواجه رهانا دقيقا للخروج من مزالق الشرق الأوسط ومن أعطاب الذات المؤسساتية. أما المغرب الكبير (بطبيعة نظام سياسي ضيق الأفق مثل النظام الجزائري)، فإنه يفتح ذراعيه للمجهول.
 
هنا التحدي الكبير أمامنا بالمغرب كدولة / أمة، كيف نمشي (حتى ببطء السلحفاة)، دون أن نسقط في فخ هذا المجهول عبر تقوية لحمتنا الوطنية الداخلية في الدولة وفي المجتمع لتعزيز السلم الإجتماعي، وعبر تعزيز علاقاتنا الدولية بحساب تعدد أقطاب عالم اليوم. فما أكثر فخاخ الطريق.
 
صدق أجدادنا وآباؤنا حين ظل الدعاء لديهم يصدح: "اللهم هدن الأوطان وانصر السلطان".