Wednesday 14 May 2025
سياسة

لماذا هاجم الأزهر إسلام المغاربة

لماذا هاجم الأزهر إسلام المغاربة

قبل سنة، كان مفتي الجمهورية المصرية، شوقي علام، قد ألقى درسا دينيا أمام الملك محمد السادس. وهو من المشايخ الذين باركوا الانقلاب على الرئيس الإخواني المخلوع محمد مرسي، إلى جانب شيخ الأزهر أحمد الطيب، حيث اعتبروا أن ما قام به عبد الفتاح السيسي "ليس غريبا عن فضيلة الإمام الأكبر الذي يسعى إلى نصرة الحق".

فما الذي وقع حتى ينقلب الأزهريون على المغرب، ويخرجونه من ملة الإسلام، ويرمون عقيدته بالبطلان؟

من مكر الصدف أن الدرس الذي ألقاه المفتي المصري أمام الملك هو "البعد الأخلاقي في المعاملات المالية". وهو ما يعني أن "الأزهريين" بارعون في فن الصرف، وأنهم يتقنون لغة الجمع والطرح والقسمة، وهذا ما يفسر خروج المشرف العام للأزهر ليفتي ببطلان صيام المغاربة وبطلان عيدهم (عيد الأضحى)، ما داموا قد أخلوا بواجب "الاتباع" للضالعين في الإسلام، وكل هؤلاء الذين يطمحون إلى احتكار العقيدة وقولبتها في نموذج واحد يتعين على الجميع عدم الخروج عليه. هذا هو ظاهر الأشياء، أما باطنها فيخفي صراعا سياسيا قدحته الممارسات غير المسؤولة لرئيس الحكومة وزوجته ورفاقه في جماعة "الإصلاح والتوحيد" الذين لم يترددوا في إطلاق نيرانهم "الإخوانية" على السيسي، وعلى حكومته، وعلى كل التيارات التي ساندت "الانقلاب" على "أخونة" الدولة المصرية.

ماذا بإمكاننا أن ننتظر نحن المغاربة من نظام تعاديه حكومتنا وتعتبره خارجا عن الشرعية وتطالب بإزالته وعدم التعامل معه؟ هل ننتظر منه أن يفرش لنا طريقا من الرمال ويرمينا بالورود؟

علينا أن لا نكون واقعيين. فالنظام المصري، بأزهره وعسكره ومؤسساته، يدرك أنه أمام مغرب يحكمه "الإخوان المسلمون" الذين يناصبونه العداء، ويقومون بكل شيء، بما فيها الأفعال الإرهابية، من أجل زعزعته وتسهيل انقضاضهم على دواليب الدولة. وما الخرجة الأزهرية سوى حلقة من حلقات الهجوم المصري على المغرب، وإلا بماذا نفسر تلاحق الضربات. ولعل أولاها، أن السيسي توجه في أول زيارة له لدولة أجنبية نحو الجزائر، ثانيها أن الإعلام المصري، وفي خطوة غير مسبوقة، فتح صفحاته لجبهة البوليساريو. وثالثتها أن المغرب أصبح هو الصحن المفضل الذي يغمس فيه بعض الإعلاميين المصريين المتزلفين أصابعهم الملوثة، أمثال أماني الخياط.. ثم جاء دور يوسف شعبان، وبعده يوسف عيد.. والبقية تأتي.

لقد أصبحت مصر طوقا من الأشواك في خاصرة المغرب. والأمر الذي نطق به المشرف العام للأزهر ليس انتصارا لتبعية المسلمين في كل مكان للعربية السعودية، بل هو أخطر من ذلك، وأشبه بأكل الثوم بأفواه الآخرين. وينبغي أن لا ننسى أن نظام السيسي الذي قبل رأس العاهل السعودي أمام العالم فعل ذلك لأنه كان يقبل ملايير الدولارات، وأن اليد التي صافحت عبد العزيز بوتفليقة هي اليد التي كانت تتحرش بأنابيب الغاز الجزائري.

وفي المحصلة، إن الصراع الذي يبدو في ظاهره صراعا حول الزعامة الدينية، ما هو في حقيقة الأمر سوى صراع مصالح أملته التكتلات الإقليمية الجديدة. إذ ماذا ترك الأزهر لدولة البغدادي، حين يعتبر أحد رجالاته ومشايخه أن "إسلام المغاربة" باطلا وخروجا عن إجماع الأمة. ألم يتحول الأزهر إلى ناطق رسمي باسم دولة داعش؟