أودى زلزال 8 شتنبر 2023 بحوالي 3000 قتيل في خمسة أقاليم: الحوز، تارودانت، شيشاوة، وارزازات وأزيلال. غير أن «مهرداد ساساني»، أستاذ الهندسة المدنية والبيئية في جامعة نورث إيسترن الأمريكية، قال إن الزلزال لا يقتل، بل إن القتلى، بهذا العدد المرتفع، كانوا ضحايا «الافتقار إلى البنية التحتية القادرة على مواجهة الكوارث». وهو الرأي الذي عززه الخبير الإسباني، «خوسي كارلوس سالسيدو»، أستاذ قسم هياكل المباني في جامعة إكستريمادورا، الذي أكد أن «النقطة الهامة في حادثة الزلزال الأخير في المغرب تتمثل في الهندسة المعمارية القائمة، أو ما وصف بـ «لعنة» المباني التاريخية».
كلا الرأيين يركزان، كما هو واضح، على «أنظمة البناء القديمة وغير المصممة لمقاومة الزلازل»؛ وهي «نقمة في قلبها نعمة»، كما يقال، فقد استفاق المسؤولون المغاربة، وحتى النخب والمواطنين، على قناعة ثابتة، تهم ضرورة الانتباه بالجدية اللازمة إلى إشكالية إعداد التراب الوطني، والعلاقة المفترضة بين الإنسان والمجال. فالجدية هي المنهج المتكامل لربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة وإشاعة قيم الحكامة والعمل والاستحقاق وتكافؤ الفرص، كما جاء في الخطاب الملكي لعيد العرش (29 يوليوز 2023). وهذه الجدية هي السلاح الذي يتوجب على المسؤولين إشهاره، بخصوص مخططات إعداد التراب، ليس على مستوى الجهات المتضررة من زلزال الحوز فقط، بل على مستوى جمبع الـ 12 جهة التي يتوفر عليها المغرب، خاصة أن كل جهة لديها «تصميم جهوي خاص ومحين لإعداد التراب»، وهو ما يسمح بإفراز العديد من المشاريع التنموية، ذلك أن وزارة الداخلية سبق لها أن راسلت، في أعقاب انتخابات (2021) كل المجالس الجهوية من أجل الحرص على إعداد «التصاميم التنموية الجهوية» وتحيينها، وهو ما تم بالفعل إذ أن معظم المجالس صادقت على هذه التصاميم. ولهذا، فالفرصة الآن مواتية أكثر من أي وقت مضى لاعتماد تصاميم جهوية لإعداد التراب في كل جهة بطريقة تستحضر الكوارث الطبيعية المحتملة، كما تستحضر الإكراهات والخصوصيات الموجودة في كل منطقة على حدة، خاصة أن المغاربة أصبح يتوفر لديهم الآن ما يكفي من تشخيص الحالات وما يكفي من الدراسات والمعطيات التي جرى تحيينها في ضوء اعتماد الجهوية الموسعة، والتي تعتبر وثيقة مرجعية تمكن من بلورة تهيئة مجالية مستدامة ومنسجمة مع المشاريع الترابية المهيكلة.
لقد ذكرنا زلزال 8 شتنبر 2023، الذي ضرب الحوز وأقاليم أخرى، بأن الهشاشة هي السبب الرئيسي لارتفاع عدد الوفيات، وأن ساكنة الجبال ماتوا بسبب هشاشة البناء وضعف البنية الطرقية ووعورة المسالك إلى الدواوير المنكوبة التي صعبت من مهمة التدخل والإسعاف والإنقاذ. كما بيّن أن المناطق القروية أو الريفية أو الجبلية كانت خارج رادار السياسات العمومية، اللهم إذا استثنيا بعض البرامج التي كانت تتم في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مما يستدعي ضرورة اتخاذ إجراءات مستعجلة من أجل القضاء على الهشاشة وإعادة الحياة إلى طبيعتها، لأننا مقبلون على موسم الثلوج والبرد، علما أن مشكل البرد والثلوج يعتبر مشكلا بنيويا في الشريط الجبلي، وهذا ما ينبغي على المسؤولين استحضاره أجل جبر الضرر، وفق الرؤية الملكية المعبّر عنها في الاجتماع الذي ترأسه الملك يوم 14 شتنبر2023، والقاضية بإطلاق مبادرات استعجالية للإيواء المؤقت، في أماكن مقاومة للبرد وللاضطرابات الجوية، أو في فضاءات استقبال مهيأة وتتوفر على كل المرافق الضرورية وكافة الاحتياجات الأساسية.
إن التاريخ يثبت أن منطقة الحوز، وغيرها من المناطق الجبلية، كانت ولاتزال بؤرة للكوارث الطبيعية. فقد تعرضت في أوقات متفاوتة لفيضانات وانجرافات صخرية وانهيارات طينية، كما تعرضت لأعاصير خطيرة. وها هو الزلزال يؤكد أنه أحد التجليات الكبرى لهذه الكوارث التي تعرفها المنطقة. نعم، صحيح أن هناك مجهودات تم بذلها من أجل المواجهة، إلا أنها تظل غير كافية مقارنة مع تواترها، مما يقتضى وضع استراتيجية وطنية قائمة على التخطيط والتوقع وتوفير أدوات مواجهة المخاطر الطبيعية لتقليل الخسارات.
والآن وقد بدأ الحديث عن إعادة الإعمار، وبدأت بعض الأصوات تقترح الحلول، ومنها ضرورة تجميع القرى والمداشر بالمناطق المنكوبة لتسهيل إيصال المرافق (الطرق، المراكز الصحية، المدارس، المحلات التجارية، دور الولادة... إلخ)، وهذا ما نجحت فيه بعض الدول. غير أن السؤال المطروح هو: هل على المغرب أن يعتمد مقاربة قسرية لتجميع تلك القرى والمداشر، أم هناك خطط بديلة للحفاظ على خصوصيات تلك المناطق باعتماد تقنيات تحمي الأرواح والممتلكات مستقبلا؟
يرى بعض المهتمين أن «التجميع» أمر مستبعد، خاصة أن البلاغ الملكي ( 14شتنبر2023) تحدث عن مراعاة الخصوصية وعدم الدخول في خصومة مع الموروث المحلي الجبلي، وأكد على أن «تكون الاستجابة قوية، سريعة، واستباقية مع احترام كرامة الساكنة، وعاداتهم وأعرافهم وتراثهم. فالإجراءات لا يجب أن تعمل فقط على إصلاح الأضرار التي خلفها الزلزال، ولكن أيضا إطلاق برنامج مدروس، مندمج، وطموح من أجل إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة بشكل عام، سواء على مستوى تعزيز البنيات التحتية أو الرفع من جودة الخدمات العمومية». فكيف، إذن، يمكن التوفيق بين الخصوصية المحلية وبين حماية الممتلكات والأرواح في ظل التشتت العمراني وتشتت الدواوير الذي تعرفه المنطقة وتعرفه الأحواض الجبلية بالمغرب عموما، وذلك تلافيا لتكرار ما حدث في الزلزال، إذا وقعت لا قدر الله كوارث أخرى؟ وكيف يمكن إنجاح عملية التجميع استنادا إلى احترام الخصوصيات المحلية والتراثية، خاصة أن مشروع الجهوية الموسعة قام على هذا المبدأ، وبنى التقسيم الجهوي على أساسه؟
لا يمكن إنكار أن المغرب استطاع أن يحوز تجربة مهمة في تدبير المخاطر الطبيعية وإدارة تبعاتها، بدليل أن القوات المسلحة الملكية تتوفر الآن على خبرة مشهود بها دوليا، خاصة أنها شاركت منذ تأسيسها في مواجهة كل الكوارث الطبيعية التي عرفها المغرب مثل زلزال أكادير، وفيضانات الغرب، وحرائق الغابات ولاسامير .... وغيرها، وذلك باستخدام القدرات التنظيمية واللوجستية، فضلا عن توفرها على تكنولوجيا عالية من أجل التدخل الاستعجالي أثناء حدوث مثل هذا النوع المخاطر، مثل المخاطر البيئية كتلوث السواحل، والفيضانات، والحرائق، وانجراف التربة والصخور في المسالك الوعرة. بيد أنه، رغم هذه الخبرة التي كان لها دور حاسم في مواجهة زلزال الحوز، على الدولة انتهاج سياسة عمومية واصحة لتدبير مخزون مواجهة الكوارث (الخيام، الأغطية، الأدوية، الأفرنة، المراحيض المتنقلة، المولدات الكهربائية المتنقلة.. إلخ)، حتى يجري التحرك على وجه الاستعجال بهذا المخزون لمواجهة الحاجيات الضرورية أثناء وقوع أي كارثة.
إضافة إلى كل ذلك، هناك نقطة مهمة أخرى لا بد من التركيز عليها، ويتعلق الأمر بتربية الأطفال، وكل المغاربة عموما، على مواجهة المخاطر البيئية، ذلك أنه ثبت بالملموس أن المواطنين يجهلون كيفية التعامل مع المخاطر الطبيعية، سواء أكانت زلزالا أو إعصارا أو فيضانا.. إلخ، عكس ما يجري في اليابان أو التايوان مثلا التي ما إن يقع زلزال أو إعصار في أراضيهما حتى يلجأ المواطن إلى الأبجديات الأولى للتعامل معها أثناء وقوعه. وهذا ما يفرض على المغرب، بعدما ثبت بالدليل والبرهان أن المغرب منطقة معرضة لمخاطر الكوارث الطبيعية والبيئية، إدماج التربية على مواجهة المخاطر في مقرراتنا الدراسية وبرامجنا التعليمية، مع إخضاع تلاميذ المناطق المهددة لبرامج محاكاة مواجهة المخاطر في المؤسسات التعليمية.
نقطة مهمة أخرى يجب الانتباه إليها والعمل على سد فجوتها، ألا وهي تجهيز خرائط المناطق الزلزالية. فالمغرب إلى حد الآن لا يتوفر على هذا النوع من الخرائط المحينة، ولذلك على وزارة الطاقة، وخاصة مديرية الجيولوجيا، أن تسارع بإعداد خريطة محينة للمناطق الزلزالية، حتى يتمكن الراغبون في تشييد المنازل أو المصانع أو الفنادق أو الطرق والأنفاق والقناطر والسدود في هذه المناطق من اختيار نوعية البناء المضاد للزلازل وتحسين مقاومة المباني.
إن زلزال الحوز، رغم فداحة الخسائر التي خلفها في الأرواح والممتلكات، علينا استغلاله وتحويله إلى فرصة حقيقية للإقلاع الاقتصادي والتنموي بالأقاليم الخمسة المنكوبة، وهو ما يحتم انتهازها لتحقيق العدالة المجالية التي تعتبر مدخلا أساسيا لتحقيق العدالة الاجتماعية، وأيضا من أجل الخروج من الاختلالات والأعطاب التي ما زالت تثقل العديد من المناطق المغربية.
كلا الرأيين يركزان، كما هو واضح، على «أنظمة البناء القديمة وغير المصممة لمقاومة الزلازل»؛ وهي «نقمة في قلبها نعمة»، كما يقال، فقد استفاق المسؤولون المغاربة، وحتى النخب والمواطنين، على قناعة ثابتة، تهم ضرورة الانتباه بالجدية اللازمة إلى إشكالية إعداد التراب الوطني، والعلاقة المفترضة بين الإنسان والمجال. فالجدية هي المنهج المتكامل لربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة وإشاعة قيم الحكامة والعمل والاستحقاق وتكافؤ الفرص، كما جاء في الخطاب الملكي لعيد العرش (29 يوليوز 2023). وهذه الجدية هي السلاح الذي يتوجب على المسؤولين إشهاره، بخصوص مخططات إعداد التراب، ليس على مستوى الجهات المتضررة من زلزال الحوز فقط، بل على مستوى جمبع الـ 12 جهة التي يتوفر عليها المغرب، خاصة أن كل جهة لديها «تصميم جهوي خاص ومحين لإعداد التراب»، وهو ما يسمح بإفراز العديد من المشاريع التنموية، ذلك أن وزارة الداخلية سبق لها أن راسلت، في أعقاب انتخابات (2021) كل المجالس الجهوية من أجل الحرص على إعداد «التصاميم التنموية الجهوية» وتحيينها، وهو ما تم بالفعل إذ أن معظم المجالس صادقت على هذه التصاميم. ولهذا، فالفرصة الآن مواتية أكثر من أي وقت مضى لاعتماد تصاميم جهوية لإعداد التراب في كل جهة بطريقة تستحضر الكوارث الطبيعية المحتملة، كما تستحضر الإكراهات والخصوصيات الموجودة في كل منطقة على حدة، خاصة أن المغاربة أصبح يتوفر لديهم الآن ما يكفي من تشخيص الحالات وما يكفي من الدراسات والمعطيات التي جرى تحيينها في ضوء اعتماد الجهوية الموسعة، والتي تعتبر وثيقة مرجعية تمكن من بلورة تهيئة مجالية مستدامة ومنسجمة مع المشاريع الترابية المهيكلة.
لقد ذكرنا زلزال 8 شتنبر 2023، الذي ضرب الحوز وأقاليم أخرى، بأن الهشاشة هي السبب الرئيسي لارتفاع عدد الوفيات، وأن ساكنة الجبال ماتوا بسبب هشاشة البناء وضعف البنية الطرقية ووعورة المسالك إلى الدواوير المنكوبة التي صعبت من مهمة التدخل والإسعاف والإنقاذ. كما بيّن أن المناطق القروية أو الريفية أو الجبلية كانت خارج رادار السياسات العمومية، اللهم إذا استثنيا بعض البرامج التي كانت تتم في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مما يستدعي ضرورة اتخاذ إجراءات مستعجلة من أجل القضاء على الهشاشة وإعادة الحياة إلى طبيعتها، لأننا مقبلون على موسم الثلوج والبرد، علما أن مشكل البرد والثلوج يعتبر مشكلا بنيويا في الشريط الجبلي، وهذا ما ينبغي على المسؤولين استحضاره أجل جبر الضرر، وفق الرؤية الملكية المعبّر عنها في الاجتماع الذي ترأسه الملك يوم 14 شتنبر2023، والقاضية بإطلاق مبادرات استعجالية للإيواء المؤقت، في أماكن مقاومة للبرد وللاضطرابات الجوية، أو في فضاءات استقبال مهيأة وتتوفر على كل المرافق الضرورية وكافة الاحتياجات الأساسية.
إن التاريخ يثبت أن منطقة الحوز، وغيرها من المناطق الجبلية، كانت ولاتزال بؤرة للكوارث الطبيعية. فقد تعرضت في أوقات متفاوتة لفيضانات وانجرافات صخرية وانهيارات طينية، كما تعرضت لأعاصير خطيرة. وها هو الزلزال يؤكد أنه أحد التجليات الكبرى لهذه الكوارث التي تعرفها المنطقة. نعم، صحيح أن هناك مجهودات تم بذلها من أجل المواجهة، إلا أنها تظل غير كافية مقارنة مع تواترها، مما يقتضى وضع استراتيجية وطنية قائمة على التخطيط والتوقع وتوفير أدوات مواجهة المخاطر الطبيعية لتقليل الخسارات.
والآن وقد بدأ الحديث عن إعادة الإعمار، وبدأت بعض الأصوات تقترح الحلول، ومنها ضرورة تجميع القرى والمداشر بالمناطق المنكوبة لتسهيل إيصال المرافق (الطرق، المراكز الصحية، المدارس، المحلات التجارية، دور الولادة... إلخ)، وهذا ما نجحت فيه بعض الدول. غير أن السؤال المطروح هو: هل على المغرب أن يعتمد مقاربة قسرية لتجميع تلك القرى والمداشر، أم هناك خطط بديلة للحفاظ على خصوصيات تلك المناطق باعتماد تقنيات تحمي الأرواح والممتلكات مستقبلا؟
يرى بعض المهتمين أن «التجميع» أمر مستبعد، خاصة أن البلاغ الملكي ( 14شتنبر2023) تحدث عن مراعاة الخصوصية وعدم الدخول في خصومة مع الموروث المحلي الجبلي، وأكد على أن «تكون الاستجابة قوية، سريعة، واستباقية مع احترام كرامة الساكنة، وعاداتهم وأعرافهم وتراثهم. فالإجراءات لا يجب أن تعمل فقط على إصلاح الأضرار التي خلفها الزلزال، ولكن أيضا إطلاق برنامج مدروس، مندمج، وطموح من أجل إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة بشكل عام، سواء على مستوى تعزيز البنيات التحتية أو الرفع من جودة الخدمات العمومية». فكيف، إذن، يمكن التوفيق بين الخصوصية المحلية وبين حماية الممتلكات والأرواح في ظل التشتت العمراني وتشتت الدواوير الذي تعرفه المنطقة وتعرفه الأحواض الجبلية بالمغرب عموما، وذلك تلافيا لتكرار ما حدث في الزلزال، إذا وقعت لا قدر الله كوارث أخرى؟ وكيف يمكن إنجاح عملية التجميع استنادا إلى احترام الخصوصيات المحلية والتراثية، خاصة أن مشروع الجهوية الموسعة قام على هذا المبدأ، وبنى التقسيم الجهوي على أساسه؟
لا يمكن إنكار أن المغرب استطاع أن يحوز تجربة مهمة في تدبير المخاطر الطبيعية وإدارة تبعاتها، بدليل أن القوات المسلحة الملكية تتوفر الآن على خبرة مشهود بها دوليا، خاصة أنها شاركت منذ تأسيسها في مواجهة كل الكوارث الطبيعية التي عرفها المغرب مثل زلزال أكادير، وفيضانات الغرب، وحرائق الغابات ولاسامير .... وغيرها، وذلك باستخدام القدرات التنظيمية واللوجستية، فضلا عن توفرها على تكنولوجيا عالية من أجل التدخل الاستعجالي أثناء حدوث مثل هذا النوع المخاطر، مثل المخاطر البيئية كتلوث السواحل، والفيضانات، والحرائق، وانجراف التربة والصخور في المسالك الوعرة. بيد أنه، رغم هذه الخبرة التي كان لها دور حاسم في مواجهة زلزال الحوز، على الدولة انتهاج سياسة عمومية واصحة لتدبير مخزون مواجهة الكوارث (الخيام، الأغطية، الأدوية، الأفرنة، المراحيض المتنقلة، المولدات الكهربائية المتنقلة.. إلخ)، حتى يجري التحرك على وجه الاستعجال بهذا المخزون لمواجهة الحاجيات الضرورية أثناء وقوع أي كارثة.
إضافة إلى كل ذلك، هناك نقطة مهمة أخرى لا بد من التركيز عليها، ويتعلق الأمر بتربية الأطفال، وكل المغاربة عموما، على مواجهة المخاطر البيئية، ذلك أنه ثبت بالملموس أن المواطنين يجهلون كيفية التعامل مع المخاطر الطبيعية، سواء أكانت زلزالا أو إعصارا أو فيضانا.. إلخ، عكس ما يجري في اليابان أو التايوان مثلا التي ما إن يقع زلزال أو إعصار في أراضيهما حتى يلجأ المواطن إلى الأبجديات الأولى للتعامل معها أثناء وقوعه. وهذا ما يفرض على المغرب، بعدما ثبت بالدليل والبرهان أن المغرب منطقة معرضة لمخاطر الكوارث الطبيعية والبيئية، إدماج التربية على مواجهة المخاطر في مقرراتنا الدراسية وبرامجنا التعليمية، مع إخضاع تلاميذ المناطق المهددة لبرامج محاكاة مواجهة المخاطر في المؤسسات التعليمية.
نقطة مهمة أخرى يجب الانتباه إليها والعمل على سد فجوتها، ألا وهي تجهيز خرائط المناطق الزلزالية. فالمغرب إلى حد الآن لا يتوفر على هذا النوع من الخرائط المحينة، ولذلك على وزارة الطاقة، وخاصة مديرية الجيولوجيا، أن تسارع بإعداد خريطة محينة للمناطق الزلزالية، حتى يتمكن الراغبون في تشييد المنازل أو المصانع أو الفنادق أو الطرق والأنفاق والقناطر والسدود في هذه المناطق من اختيار نوعية البناء المضاد للزلازل وتحسين مقاومة المباني.
إن زلزال الحوز، رغم فداحة الخسائر التي خلفها في الأرواح والممتلكات، علينا استغلاله وتحويله إلى فرصة حقيقية للإقلاع الاقتصادي والتنموي بالأقاليم الخمسة المنكوبة، وهو ما يحتم انتهازها لتحقيق العدالة المجالية التي تعتبر مدخلا أساسيا لتحقيق العدالة الاجتماعية، وأيضا من أجل الخروج من الاختلالات والأعطاب التي ما زالت تثقل العديد من المناطق المغربية.
تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الأسبوعي «الوطن الآن»