Wednesday 20 August 2025
مجتمع

جراح الدماغ والأعصاب محمد عمراتي إلى دار البقاء

جراح الدماغ  والأعصاب محمد عمراتي  إلى دار البقاء الفقيد الدكتور محمد عمراتي
رزئت أسرة الطب بفقدان واحد من أمهر الجراحين الأخصائيين في البلاد في جراحة الدماغ والأعصاب، الدكتور محمد عمراتي، إثر نوبة مفاجئة.
وقد شيعت جثمانه اليوم جموع غفيرة من أقاربه وجيرانه بدار بوعزة حيث مسكنه، وزملاءه وأصدقائه ورفاق دربه وحياته بالحي الشعبي سيدي البرنوصي بالدار البيضاء، وسط أجواء مهيبة وحزينة.
وقد فقدنا نحن أبناء البرنوصي في أخينا وصديقنا وقريبنا وصهرنا الدكتور عمراتي واحدا من مفاخر وجواهر الحي الشعبي ودرة من درره الغالية، الذي شق طريقه نحو النجاح والتفوق بجهود لاتلين وعزم لا يستكين ليرتقي إلى مصاف وذرى نخبة الجراحين المبرزين في أدق الجراحات وأخطرها على مستوى الدماغ، في أول فوج لجراحي الدماغ الذي خرجته كلية الطب بالمغرب.
إبن المدرسة العمومية، نال منها شهادة الباكلوريا بامتياز، سنة1974، وإبن الوسط الشعبي المتواضع في الحي العمالي، البرنوصي حي الكادحين والبسطاء، الذين كانت أغلى ثرواتهم في أبناءهم المجتهدين في دراساتهم وتعليمهم، بشظف من العيش، وبسيط من الوسائل، وإبن بيت من بيوت المقاومة والوطنية، إذ كان والده المرحوم الغزواني واحدا من رجال المقاومة بالحي المحمدي.
أذكر أننا خلال السبعينيات، وبعد افتتاح كلية الطب بالدارالبيضاء، كنا ستة فقط من أبناء الحي الفقير، حي البرنوصي، قد ولجنا هذه الكلية، أربعة من زقاق واحد، الفقيد الدكتور عمراتي، والمرحومة الدكتورة الراجي، والدكتور عبدالكبير بوروضا، وعبد ربه عبدالله لعماري، وكان أيضا الدكتور الرميلي والدكتورعبداللطيف  مومن، وكان الفقيد قدوتنا في الدراسة، لأنه كان أسبقنا وأقدمنا، ولم يمنعه تفوقه الدراسي من أن يكون مناضلا في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بكلية الطب، وكان مستنيرا بالفكر التقدمي اليساري،  بما كان يجمعنا في سجالات فكرىة وطويلة، كنا نجد فيها المتعة الأخوية تخفف عنا عناء التحصيل المضني بالكلية، ونحن نرنو إلى المغرب  المتحرر والمتقدم.
وقد بقي الفقيد ملتزما بسمته الإنساني المتواضع، يقدم الخدمات الطبية، دون حساب في الأوساط الشعبية، وينقذ حياة كثير من الفقراء، بعمليات جراحية دقيقة ومجهدة، يجريها متطوعا ودون أجر، بالرغم من أن هذه العمليات تكون رفيعة وغالية التكلفة والأجر، مشهود له بذلك في مدينة مكناس الذي خدم فيها صحة المواطنين طيلة 17 سنة، وكذا في مدينة الدارالبيضاء. 
رحم الله الفقيد وأحسن جزاءه فقد كان لطيف المعشر مع جيرانه ، مع مرضاه وزملائه، وفيا لرفاق طفولته    ودراسته، مثاليا وحنونا مع أسرته الصغيرة زوجته وبناته الثلاثة وأصهاره، بارا بوالدته لايفارقها، خدوما لإخوته وأخواته، وإنسانيا مع كل من يلقاه ويعرفه.
وعزاؤنا ومواساتنا لكل أهله وذويه.