Monday 16 June 2025
كتاب الرأي

محمد العاوني: هل جاء الوقت كي يعيد  المغرب علاقاته مع إيران؟

محمد العاوني: هل جاء الوقت كي يعيد  المغرب علاقاته مع إيران؟ محمد العاوني
أن الإتفاق الثلاثي التاريخي الذي جمع بين المملكة العربية السعودية و الجمهورية الإسلامية الإيرانية بوساطة صينية و التي من خلالها تم استئناف العلاقات بين البلدين المقطوعة منذ 2016 ، و كلفت منطقة الشرق الأوسط توترات عديدة خاصة في اليمن وسوريا.أعطى انفراجا للمنطقة و فرصة لحل مجموعة من المشكلات العالقة بين القوتين الإقليميتين، بحيث ساهم هذا  الإتفاق  في دعم مجموعة من دول المنطقة لإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع طهران من بينها مصر والأردن والإمارات؛ فهل تكون للمغرب مصلحة في إعادة علاقاته مع إيران ولو بشكل محدود ؟خصوصا وأن حلفائه من دول المنطقة انخرطوا في مسلسل إعادة العلاقات أم أن تطبيع المغرب مع إسرائيل يحتم عليه حساب خطواته بحكمة وهدوء في الإقتراب من إيران؟
 
فتاريخ العلاقات المغربية الإيرانية تميزت قبل 1979 بتقارب المصالح وتقاطعها  توجت بتبادل الزيارات بين البلدين، ففي 1964 زار محمد رضا بهلوي شاه إيران المغرب وهو في الطريق للولايات المتحدة، كما قام الملك الراحل الحسن الثاني من قبل  بزيارة لطهران سنة 1968؛ إذ كانت للنظامين تصورات مشتركة خصوصا في فترة الحرب الباردة، وذلك في إتفاقيات أمنية كإتفاقية "نادي السفاري" في مدينة جدة سنة 1978 بين السعودية وفرنسا ومصر و إيران والمغرب. وبعد أحداث 1979 والتي أنهت حكم نظام شاه إيران وعرفت صعود أتباع الخميني إلى السلطة، وتأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية. و عرفت حينها العلاقات بين الطرفين المغرب وإيران  قطيعة خصوصا بعد إستقبال المغرب لشاه إيران وإصدار فتوى من علماء الدين المغاربة وعلى لسان الملك الراحل  الحسن الثاني تكفر الخميني؛ و اعتراف الجمهورية الوليدة الإيرانية  بجبهة البوليساريو والتي بسببها قطعت العلاقات الرسمية بين البلدين سنة 1980 ؛ إلا أن تراجع إيران عن إعترافها بجبهة البوليساريو في سنة 1991 أدى إلى تعيين قائمين بالأعمال في العاصمتين،
وارتفعت لمستوى السفراء سنة 1993؛ استمرت هذه العلاقات إلى حدود 2009 حيث أعلن المغرب قطع العلاقات بسبب التدخلات الإيرانية في البحرين، وتم إعادتها سنة 2014 ،لكن بشكل محتشم إلى أن أعلن المغرب سنة2018  قطع العلاقات بسبب تدريب بعض العناصر من حزب الله الموالي لإيران لعناصر من جبهة البوليساريو؛ الشيء الذي تنفيه طهران …
 
إيران - المغرب-إسرائيل المعادلة الصعبة: 
إن إعادة المغرب العلاقات مع إيران ولو بشكل محدود يحكمه في المقابل تأثيرها على العلاقة مع إسرائيل خصوصا وأن الأخيرة صرحت عن اعترافها الرسمي بمغربية الصحراء. لذلك ومن باب خلق توازنات جديدة و النأي الكلي عن نقل الصراع في الشرق الأوسط إلى الشمال الإفريقي.اعتقد ان على المغرب أن يعيد فتح قنوات الحوار مع أطراف لها القدرة على الوساطة، وأرى أن العراق الطرف الأفضل لذلك لسببين إثنين : أولهما أن المغرب أعاد علاقاته الطبيعية مع العراق بإعادة فتح سفارته في بغداد، وثانيهما ان  العراق لعبت دورا مهما في الإتفاق بين إيران والسعودية ولها كذلك دور رئيسي في الوساطة بين إيران و دول مصر والأردن. لكن تبقى أهم ما يمكن أن تقدمه إيران هو ضمانات آنية بعدم التدخل في النزاع في الصحراء.
 
 
إيران - المغرب - الجزائر:
إن المعادلة الصفرية التي تحكم علاقة المغرب والجزائر في إطار الصراع على المنطقة،هي التي تفرض على المغرب ضرورة ضمان حياد إيران ولو بشكل نسبي في موضوع الصحراء ، فالعلاقات التاريخية التي تربط بين الجزائر و الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتقاطع المصالح في عديد من الملفات، يجعل من مهمة ضمان حياد إيران صعبة، ولكن ليست مستحيلة.. إذ يمكن الرهان على الجانب الواقعي والمرن الذي تتميز به السياسة الخارجية الإيرانية، خصوصا وأن طهران تريد الخروج من عزلتها الدولية عبر الإتفاق النووي والإقليمية، عبر إعادة العلاقات مع السعودية ودول الخليج، أضف لذلك أن النظام الإيراني يعاني من تفاقم الوضع الداخلي بعد الإحتجاجات الأخيرة التي عرفتها البلاد.
إن إنخراط المغرب في مسلسل التطبيع مع إسرائيل على جميع المستويات الإقتصادية والعسكرية. خصوصا مع تعيين ملحق عسكري في الرباط مباشرة بعد الإعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء، يدخل المنطقة في تصعيد آخر من طرف الجزائر التي قد تجلب إيران للمنطقة وتعزيز دعمها لجبهة البوليساريو. مما يفرض على المغرب خلق توازن عبر إعادة علاقتها مع إيران بهدف أولا ضمان حياد إيران في الصراع بين المغرب والجزائر. ثانيا خلق ورقة ضغط على إسرائيل خصوصا أن الأخيرة لا يمكن توقع سلوك سياستها الخارجية...
محمد العاوني باحث في القانون،  عضو بحركة ( حشدت)، الحزب الاشتراكي الموحد