النسخة الأخيرة من المعرض الدولي للكتاب، صدرت الطبعة الثانية من كتاب "السلطان الشريف الجذور الدينية والسياسية للدولة المخزنية في المغرب" لنبيل ملين، ويبحر بنا هذا الكتاب في تاريخ نشأة دولة المخزن، مع التركيز على أصولها الدينية والسياسية. مستكشفا كيف تطور نظام الحكم في المغرب وترسخ في القرن السادس عشر...
في هذا الكتاب، يعالج نبيل ملين السياق المعقد الذي تأسست فيه سلطة المخزن، محليا ودوليا. وسط التأثيرات الإيبيرية والعثمانية، مما اضطر معه السلاطين إلى اعتماد نهج استراتيجي لتعزيز سيطرتهم على المغرب وحماية أنفسهم من التهديدات الخارجية. وهذا المسعى كان يتطلب إنشاء هيكل قانوني متماسك واستخدام المؤسسات الفعالة والدبلوماسية النشطة من أجل تعزيز حكمهم والحصول على الشرعية اللازمة.
وعرض المؤلف الدور المركزي للسلطان الشريف أحمد المنصور الذهبي، الذي يعتبر صاحب رؤيا والمؤسس الحقيقي للمخزن. ويشرح كيف أسس هذا القائد نظاما قويا لإضفاء الشرعية، باستخدام أدوات مختلفة مثل الخطب والرموز الملكية
والاحتفالات ورموز المحاكم لتوطيد سلطته وخلق هوية سياسية مميزة. ويتحدث العمل أيضا عن الطريقة التي عزز بها السلطان سيطرته من خلال إعادة تنظيم المؤسسات الإدارية والمالية الموروثة من الماضي وتحديث الجهاز العسكري وتشكيل طبقة سياسية عسكرية موالية.
وتطرق الكتاب إلى أحد الأبعاد الأساسية للعلاقات الدولية للمغرب في ذلك الوقت. فيسلط الضوء على الاستراتيجية المرنة التي اعتمدها السلطان والتي سمحت له بالاستفادة من الثغرات الموجودة في نظام العالم المتطور لتحييد القوى العظمى.
وسمحت هذه الاستراتيجية بتوسيع إقليمي جريء نحو الصحراء وغرب السودان وحتى التحضير لاستعادة الأندلس، فضلا عن مشاهد للعالم الجديد.
ويتحدث الكتاب عن التأثير الدائم للسلطان وخلفائه على السياسة المغربية. وتقديم المخزن كأداة للسيطرة السياسية التي على الرغم من بعض التغييرات، ظلت عنصرا مركزيا في المشهد السياسي المغربي حتى بداية القرن العشرين. ولهذا يوضح المؤلف أيضا كيف تستمر تمثيلات ومظاهر معينة لهذا النظام في التأثير على الفضاء السياسي المغربي المعاصر.
ويقدم هذا الكتاب تحليلا معمقا وآسرا لظهور هذه الدولة الفريدة وتأثيرها على تاريخ المغرب.
ويذكر أن نبيل ملين صاحب الكتاب هو دكتور في التاريخ (جامعة باريس السوربون) والعلوم السياسية (ساينس بو باريس)، وباحث في المركز الوطني للبحث العلمي. له عدد كبير من الدراسات والمقالات والكتب وخاصة التاريخية منها...