السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

نجاة إخيش: يجب المنع الكلي لتشغيل الأطفال في المنازل حتى لا يكونوا بضاعة بين الأسرة والمشغل

نجاة إخيش: يجب المنع الكلي لتشغيل الأطفال في المنازل حتى لا يكونوا بضاعة بين الأسرة والمشغل تشغيل للأطفال القاصرين هو بمثابة خرق سافر للإتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي صادق عليها المغرب
كشف تقرير أخير صادر عن منظمة العمل الدولية، على أن 6% فقط من العاملات، والعمال المنزليين حول العالم يتمتعون بحماية إجتماعية شاملة، وفي هذا الإطار إتصلت "أنفاس بريس" برئيسة مؤسسة يطو لإيواء وإعادة تأهيل نساء ضحايا العنف" نجاة إخيش"، وأجرت معها الحوار التالي على ضوء القانون المغربي رقم 19.12 المتعلق بتحديد شروط الشغل، والتشغيل المرتبطة بالعمال والعاملات المنزليين الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2018:   
  
 
أولا:ما هو تقييمك لوضعية عاملات وعمال المنازل بالمغرب؟
بداية أود التأكيد على معطى أساسي هو أن الترافع من أجل حقوق عاملات وعمال المنازل يرجع إلى سنة 1995 حيث كانت  الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة قد رفعت  مذكرة مطلبية آنذاك إلى كل الجهات المعنية بالأمر من حكومة٫ مجلس النواب وفاعلين جمعويين بل حصل توافق حول المطالب النسائية من أجل الحماية القانونية لهذه الفئة من طرف الجمعيات النسائية النقابات٫ الأحزاب والجمعيات الحقوقية في إطار لجنة متابعة قضايا المرأة والشغل، وتم بث المذكرة عبر نشرة الأخبار الزوالية للقناة الثانية وكنت شخصيا ضيفتها. ومنذ ذلك الوقت والحركة النسائية تطالب بالحماية القانونية لعاملات وعمال المنازل ضمن قانون الشغل المنظم للعلاقات الشغلية٫ مع إستصدار قانون يمنع منعا كليا تشغيل الأطفال إضافة إلى منح مفتشي الشغل الحق في المراقبة حول مدى تفعيل القانون ومدى ضمان الحماية الصحية٫ وظروف وساعات العمل وتطبيق الحد الأدنى للأجور٫ ثم عطلة الأمومة.  و قد تطلب نقاش هذا الأمر مدة  22 سنة!!وهذا وقت طويل جدا للحسم في الحماية القانونية لفئة من مواطنات ومواطنين مغاربة من المفروض ألا تكون الحماية القانونية لهن ولهم موضوع تردد أو حسابات سياسوية ضيقة.
 
ثانيا: فما هو الجديد الذي جاء به قانون 19.12  الصادر في 25 أكتوبر 2018  الذي يروم تحديد  شروط الشغل، والتشغيل المرتبطة بالعمال والعاملات  بالمنازل؟
للاسف عندما صدر القانون 19.12 في 25 أكتوبر 2018 والذي تم تحيينه في 25 ماي 2021 عشية اليوم الوطني للطفل تفاجأت وتفاجأنا في مؤسسة يطو بالتنصيص على تشغيل الطفلات والأطفال في تنظيم العلاقة الشغلية التي تخص الراشدين في وقت كان يجب أن يمنع ذلك منعا كليا لأن مكان الأطفال هو مقاعد حجرات الدرس، بل أكثر من ذلك فإن  المادة 6 من هذا القانون  تنص على« حالة الإستثناء ما بين 16 و18 سنة  فإن التشغيل يتم عن طريق الحصول على إذن من أولياء الأمر مكتوب ومصادق عليه قصد توقيع عقدة الشغل...» وهذا خطير جدا، ويبدو لي شخصيا وكأنه تنظيم قانوني لإتجار الأسر وأرباب البيوت في القاصرين!؟ أليست هذه تجارة في البشر التي تمنع بموجب قوانيننا والقوانين الدولية؟؟ إضافة إلى أن كل  تشغيل للأطفال القاصرين هو بمثابة خرق سافر للإتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي صادق عليها المغرب، ومن المفروض أن يترجمها في كل الإجراءات٫ المساطر٫ البرامج والخطط الإقتصادية  الإجتماعية والنصوص القانونية لضمان الحماية الاجتماعية الشاملة٫ والرعاية الطبية٫ والحق في التقاعد٫ وتعويض البطالة والشيخوخة والتعويض عن الإصابات أثناء العمل٫ وحقوق الأمومة والعجز٫ وكل هذه إشكاليات كان يجب أن يحسم فيها القانون 19.12 بشكل واضح وينص على العقوبات الزجرية ضد من يخرق القانون.
 
ثالثا: ماهي إذن اقتراحاتك في هذا الشان  وما الذي يجب فعله وتداركه لتجاوز نقائص قانون 12 -19؟؟
يجب أن ينص القانون بشكل أوضح على دور مفتشي الشغل في الإلتزام بالتفعيل٫ وكيف سيتدخلون من أجل فرض إلزامية تطبيق القانون على كل المشغلين مهما كانت إنتماءاتهم الطبقية والإجتماعية. ثم التدقيق في آليات المراقبة  وذلك بالجواب عن السؤال العريض والمهم والذي يتعلق بكيفية مزاولة مفتش الشغل مراقبته داخل البيوت؟ وما هي الحدود المسموح بها  وما هي  الحدود غير المسموح بها؟ على ضوء ما ينص عليه القانون  في «عدم التشغيل ليلا٫ في الأماكن غير الآمنة٫ في الأشغال التي تشكل خطرا على صحتهم وسلامتهم...» وعلى: «ساعات العمل٫ وجوب الفحص الطبي على نفقة المشغل...» وكيف سيتم تطبيق المراقبة بل وهل ستتم بالفعل؟؟ لذا فإنه وبدل أن تحاول قوانيننا تكريس العنف ضد الأطفال بواسطة الإستثناءات التي لا يمكن إعتبارها إلا توافقات سياسية هجينة تدوس حقوق المواطنة لكي تحافظ على دم وجه بعض الفئات الإجتماعية (المشغلون والآباء) بذريعة الحفاظ على التقاليد ومراعاة الأوضاع الإجتماعية فإنه يجب أن تكون القوانين رادعة وصارمة لكي يكون لديها الطابع الحمائي. فبدل التنصيص على تشغيل الأطفال وجعلهم بضاعة بين الأسرة والمشغل يجب المنع الكلي لتشغيلهم مع التنصيص على عقوبات صارمة ضد كل الأطراف التي تزج بهم في الاستغلال لصالحها٫ ثم فرض تمدرسهم ووضع إجراءات للتطبيق الفعلي لإجبارية التعليم. أضف إلى ذلك يجب توضيح وتدقيق دور مفتشي الشغل في التدخل والإجراءات التي سوف سيتبعونها من أجل المراقبة والسهر على تطبيق القانون مع التنصيص بشكل واضح على الحقوق الاجتماعية من تحديد ساعات العمل٫ التقاعد٫ إجبارية التغطية الصحية عطلة الأمومة وظروف الشغل.. وبدون ذلك لن يعدو قطاع عاملات وعمال المنازل إلا أن يكون  قطاعا للإستغلال الفاحش والعبودية والاتجار في البشر، ولذلك أعتقد أن تقرير منظمة العمل الدولية يعتبر  نكسة في مجال حقوق الإنسان بحيث أوضح أن 6٪ فقط من العاملات والعمال المنزليين يتمتعون بالحماية الاجتماعية بينما 94٪ يفتقرون إلى الحماية الشاملة: الطبية والتسجيل في الضمان الإجتماعية البطالة والشيخوخة مع الحرمان من التعويض عن إصابات العمل ومن حقوق الأمومة وعند العجز..