السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

بكار السباعي: إعداد التقارير الموازية والدورية.. تجربة حقوقية متميزة يقودها المجلس الوطني لحقوق الإنسان

بكار السباعي: إعداد التقارير الموازية والدورية.. تجربة حقوقية متميزة يقودها المجلس الوطني لحقوق الإنسان الحسين بكار السباعي
من موقعنا كباحث في قضايا الهجرة وحقوق الإنسان، عملت المملكة المغربية جاهدة على إنجاح تجربتها الرائدة في حماية حقوق المهاجرين، وتفعيل مقتضيات الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء.
فالتجربة المغربية في مجال إدماج المهاجرين الأجانب تتميز بكونها أول تجربة انطلقت من الجنوب لتقارب مسألة الهجرة بروح تضامنية وبدون حسابات اقتصادية أو ديمغرافية ....
وهو ما تم تأكيده من خلال خلاصات تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول حقوق الأجانب والذي تم اعتماده وفق مسلسل تشاوري مبني على مقاربة علمية في التحليل والرصد والعمل على وضع حلول عملية.
كما أن إعداد التقارير الوطنية التي تقدمها الحكومة لأجهزة المعاهدات والمؤسسات الدولية والإقليمية المختصة طبقا للالتزامات الدولية للملكة وتعهداتها يشكل ممارسة متميزة في التجربة المغربية دشنها المغرب منذ احداث المندوبية الوزارية بحقوق الإنسان سنة 2011، التي أوكلت إليها نصوصها التنظيمية إلى القيام بتنسيق العمل الحكومي في مجال حقوق الإنسان وخاصة إعداد التقارير.
ودأب المجلس الوطني لحقوق الإنسان على مواكبة إعداد تقارير المملكة المغربية المرفوعة امام الهيئات الإقليمية والدولية وذلك بناء على الصلاحيات المخولة له بمقتضى القانون 16-75، والذي تنص مادته 29 على أنه: " يساهم المجلس بطلب من الحكومة في اعداد التقارير التي تقدمها لأجهزة المعاهدات والمؤسسات الدولية ..."
كما أن مساهمة المجلس في إعداد التقرير الحكومي يجد سنده كذلك في المرجعية الدولية لحقوق الانسان؛ كما وضعها مهندسو مبادئ باريس. نفس المرجعية الدولية لحقوق الإنسان هي التي جعلت من المجلس يصنف في رتبة " أ " كأحد المؤسسات الدستورية الوطنية المتمتع بصلاحية الحق في تقديم تقارير موازية والتمتع برأي مستقل عن باقي التقارير الحكومة.
ووجب التأكيد على أن المملكة المغربية كانت من الدول الأوائل التي وقعت على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم التي دخلت حيز التنفيذ سنة 2003.
مع العلم أن هذه الاتفاقية لم توقع عليها لحد الآن أية دولة أوروبية كما لم توقع عليها لا كندا ولا أستراليا رغم ان هذه الدول تعتبر المعنية الأكثر بها، بدليل أنها المستقبلة الأساس للمهاجرين، وبالتالي فإن الاتفاقية تلزمها أكثر مما تلزم الدول المصدرة للهجرة.
وللمعلومة فإن المغرب قدم التقرير الوطني الدولي الأول المتعلق بإعمال الاتفاقية سنة 2012، بعدما أن كان من المفروض أن يقدمه 2004 لظروف لا يسعها المقال.
وللتذكير فإن اللجنة المعنية عند مناقشتها للتقرير المملكة المغربية أصدرت للسلطات المغربية حوالي 20 توصية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان انطلاقا من صلاحياته القانونية، وخاصة الفقرة التالية من المادة 29، فهو يدعو ويشجع كافة القطاعات الحكومية والسلطات العمومية بالمملكة الى العمل على تنفيذ الملاحظات الختامية والتوصيات الصادرة عن الأجهزة المتعلقة بحقوق الانسان ولاسيما منها أجهزة المعاهدات السالفة الذكر.
فمشروع التقرير المعروض للتشاور، يضم عدة معطيات هامة حول المسائل التي طلبتها اللجنة الأممية المعنية والتي تم تبويبها في 35 فقرة.
كما أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ينوه بغنى المعطيات التي وفرتها القطاعات الحكومية التي تؤكد أن اختيار بلدنا اعتماد مقاربة جديدة في معالجة قضايا الهجرة تقوم على أساس حقوق الإنسان، زهو اختيار إرادي استراتيجي ومستقبلي يدخل في صميم الاستراتيجية الوطنية للهجرة ، وهي سياسة جديدة في التعاطي مع موضوع الهجرة تقوم على أربعة أهداف تتمثل أساسا في تدبير تدفق المهاجرين في إطار احترام حقوق الإنسان، ضرورة إقامة إطار مؤسساتي ملائم وتأهيل الإطار القانوني وتسهيل اندماج المهاجرين غير النظامين هذا ما يجعلنا نتجه للقول أن وضعية المهاجرين واللاجئين بالمغرب هي وضعية قائمة على مبادئ تقوم على الإنسانية احترام حقوق المهاجرين التعاون والتضامن وهنا أقدم مثالا حيا في فترة جائحة كورونا تبنى المجتمع المغربي المعروف بضيافته هؤلاء المهاجرين وتم تقديم مساعدات غذائية وصحية طيلة فترة الجائحة.
وختاما فقد تم تعزيز الاستراتيجية الوطنية باستفادة المملكة المغربية من المؤتمر الحكومي الدولي لاعتماد الاتفاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ونظامية سنة 2018 والذي أطلق عليه ميثاق مراكش. هذا الميثاق الذي جعل هيئة الأمم المتحدة للهجرة تصنف المغرب كبلد رائد للتنفيذ والمتابعة والمراجعة في كل ما يتعلق بالهجرة وحقوق المهاجرين، والتي تشكل صلب الاستراتيجية المغربية الجديدة لحوكمة الهجرة.
 
 
ذ/ الحسين بكار السباعي، باحث في الهجرة وحقوق الإنسان
رئيس مرصد الجنوب لحقوق الأجانب والهجرة             
عضو اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الانسان بجهة سوس ماسة