الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

حنان أتركين: غواية رياض محرز...

حنان أتركين: غواية رياض محرز... حنان أتركين
ذكر الحمراء ممتد في الزمن، هل ذلك مباركة من رجالاتها السبع؟ أم لبهجة ساكنتها، أم لسر دفين جعل ملثمي الصحراء يبنون فيها عاصمة لمجدهم؟ أم لأن مراكش هي نتاج زواج شجاعة يوسف مع ذكاء النفزاوية، في قصة حب جارف لم يكتب المؤرخون سوى النزر القليل من تفاصليها.. مراكش اليوم تذكر، في ارتباط مع عطلات النجوم والجماعة المدعوة "بالمؤثرين"، وأبطال كرة القدم..
ووسط كل هذه الجلبة، تورد مراكش باقتران ضيافتها للاعب كرة القدم رياض محرز، لاعب مانشيستر ستي والمنتخب الوطني الجزائري.. لكن لماذا كل هذه الجلبة على تزجية وقت لاعب بعد نهاية موسم التتويج بالبطولة مع زوجته، بين أسوار مراكش، وحدائقها وشمسها الساطعة، وجبالها الشامخة؟
ردود الفعل على اختيار رياض محرز، رياضات مراكش، دون جحيم الديار، لم يستسغ من قبل الشرذمة المسماة عصابة، وأبواقها في الجزائر وقطر وما بينهما.. فاتهم الرجل في عرضه وشرفه، وألصق به وصف الخائن، وناقص الوطنية، وغير المستوعب لنشيد "النازلات الماحقات.. اللامعات الخافقات".. فقط بسبب عيادته بلدا مضيافا مرحبا، يضاهي في بنيته السياحية والجمالية عواصم السياحة العالمية.. فدون أن يدرك الرجل، أنه بصنيعه هذا تحدى كل "القوة الخارقة"، التي أغلقت الحدود، وقطعت أوصال العلاقات، وتمادت في شن العدوان ما ظهر منه وما بطن.. وكشف عن زيف كل ما ينشر، وأن في الغرب الإسلامي، حضارة وشعب وعمران، وسلام.. وتاريخ يحكى وجغرافيا تزار، وتنمية جارية على قدم وساق..
تخاف "القوة الخارقة"، أن يرى محرز الكسكس والطاجين وأطباق الباسطيلا وصنوف الصناعة التقليدية، وأنواع الزرابي المبثوثة، وجبل توبقال الشامخ في مكانه وهيبته.. وأن لا يرى صفوف الطوابير على الزيت والسميد والبطاطس والحليب.. وأن يلاقي أناسا طيبين، والسعادة والترحاب تعلو محياهم، يسلمون عليه، ويأخذون معه تذكار السلفي ببشاشة واحترام.. هذا ما تخافه القوة العظمى، تخاف أن تنهار دعايتها، ويتهافت عدائها.. لقد راهنت على تفريق الشعوب، وتصعيب التواصل بينها، وإدامة الفرقة والشنآن بينها.. لكنها فشلت، تحداها محرز في مقتل.. أيام معدودة في مراكش، أقبرت العداء، وكشفت زيفه.. أزمت استراتيجيات بأموال ضخمة، وبأدوات عدة.. أقحمت فيها الرياضة مع الأسف.. فأصبح رياض البطل، النجم بالأمس.. مجرد خائن، يُبحث عن صيغة التضحية به.. تهييج للجماهير، ودعاية مفرطة جارحة تهيئا لإبعاده عن المنتخب من بوابة الإساءة لشخصه.. ذنبه الوحيد أنه لم يقاطع، ولم يقطع، ولم يذعن لرواية "القوة الخارقة" ورمزها الجديد "بغل إيطاليا"..
لقد وقع محرز في "غواية مراكش"، لم يكن الوحيد ولن يكون الأخير.. فمراكش أسقطت في حبالها تشرشل، وآلا ن دولون، وماجوريل.. ويستقر بها جاد المالح، ونعومي كامبل، وهنري ليفي.. وغيرهم.
ومع ذلك فغواية مراكش لمحرز فريدة.. لأنها تذكر القوة العظمى باتفاقية "المغرب الكبير"، وبصورة الزعماء الخمس، في شرفة قصر بلدية مراكش.. في اتصال بدولة المرابطين والموحدين.. هذا ما تخشاه "القوة العظمى".. تاريخ.. ذاكرته وشهادته..
 
د. حنان أتركين، عضو مجلس النواب