الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد السلام المساوي: الاتحاد الاشتراكي...أهمية التنظيم الجهوي

عبد السلام المساوي: الاتحاد الاشتراكي...أهمية التنظيم الجهوي عبد السلام المساوي
يعرف الاتحاد الاشتراكي دينامية تنظيمية وسياسية، إذ تنعقد اجتماعات الكتابات الجهوية قصد هيكلتها من خلال توزيع المهام بين أعضائها.
وتأتي هذا الاجتماعات في سياق الحركة التنظيمية التي يعيشها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على إثر النجاح الباهر للمؤتمر الوطني الحادي عشر.
لقد أبدع الاتحاديون والاتحاديات مرة أخرى من خلال اعتماد أساليب ومناهج جديدة، كان من أبرزها إدخال مفهوم "الفريق" في تشكيل الهياكل الحزبية. ويتعلق الأمر بأسلوب يستهدف تحديد المسؤوليات بشكل واضح حتى لا يتهرب أي مسؤول من المحاسبة تحت ستار عدم انسجام الفريق.
وسيرا على النهج الذي تم من خلاله تشكيل المكتب السياسي، وعلى التراكمات التي بدأت تحصل مع بداية مسلسل هيكلة الكتابات الجهوية، فإن كل الاتحاديين يستحضرون أهمية التنظيم الجهوي في الهيكلة التنظيمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتي راهن عليها بإحداث دورة تنظيمية نوعية جديدة، باعتبار أن حزبنا كان سباقا للمراهنة على هذا المستوى التنظيمي، بنفس الرهان التي تريده الدولة لإحداث قفزة تنموية نوعية جديدة.
وهكذا تابع الرأي العام هيكلة مجموعة من الكتابات الجهوية بروح اتحادية نضالية راقية، روح التوافق والتراضي، روح الاتحاد الاشتراكي التي أنجحت المؤتمر الوطني الحادي عشر؛ تمت الهيكلة في مجموعة من الجهات بجدية ومسؤولية، بوعي وحكمة: كتاب جهويون؛ أطر وكفاءات، صدق ونضال: شهيد، المزواري، بعزيز، لشكر، المموحي ...وأمناء جهويون؛ فاعلون مجتمعيون وفعاليات اقتصادية، أمناء بمال (على سبيل المثال لا الحصر، حسن الساخي بجهة الرباط - سلا - القنيطرة - ومحمد شريف بجهة الشرق .....).
قلناها مرارا ولا نمل من تكرارها، الاتحاد الاشتراكي أنعش وينعش المشهد السياسي ببلادنا، ويخرجه من الجمود والرتابة ..يعطى للسياسة معنى ...ينتفض على السبات والاتكالية ..على العبث الذي يتهدد مستقبل الديموقراطية ببلادنا...
أكد الاتحاد الاشتراكي، مرة أخرى، أنه ليس حزبا مناسباتيا..ليس حزبا ميتا ينبعث او يبعث في موسم الانتخابات...حزب حي في التاريخ بل التاريخ حي به...حزب النضال المستمر ..حضور قوي في كل زمان ومكان...
حزب استثنائي، آمن واختار في مؤتمر استثنائي؛ الاختيار الصعب والصحيح...حزب استثنائي، كان وما زال وسيبقى...يمارس السياسة بأخلاق ...بشكل مختلف عن كل الاحزاب...الديموقراطية منهج وهدف وليست مجرد انتخابات خصوصا عندما تكون مغربية...
مسار الاتحاد الاشتراكي مسار بلد بأكمله...مسار المغرب ...
الاتحاد الاشتراكي يمارس ..يبادر ..يبدع ...يطرح الأسئلة ويدعو إلى التفكير فيها...الحقيقة نطلبها ولا نمسك بها...لا جواب نهائي ...لن يموت الاتحاد الاشتراكي مادام في المغرب إنسان يتساءل ، يفكر ، يناضل ...انسان يروم معانقة رفعة المواطنة والقطع خسة الرعية...
الاتحاد الاشتراكي ورش سياسي مفتوح ...ملتقيات وندوات فكرية وتكوينية في كل الأقاليم والجهات ...مهرجانات جهوية للشبيبة الاتحادية...تظاهرات عظمى ذات بعد وطني، مغاربي ودولي...تفاعل قوي وفعلي مع خطب صاحب الجلالة بتوجهاتها الوطنية والتنموية، تجسيد ميداني للرسائل الملكية ...
إنه الاتحاد الاشتراكي، رقم أساسي ووازن في ملحمة " ثورة الملك والشعب " ..ثورة مستمرة وخالدة بخلود المغرب ....
لقد تحققت لبلادنا، منذ حكومة التناوب، عدة مكتسبات، وتحققت بشكل متواصل خلال سنوات العهد الملكي الجديد، مكتسبات مرتبطة بالذات، وبتقوية الذات المغربية، وذلك من خلال مبادرات ملكية أساسية ورائدة، مبادرات جعلت المغاربة ينخرطون في التطور المنشود لتقوية أواصر الانسجام المجتمعي، وهم يتأكدون من وجود إرادة فعلية في تعميق توجه المصالحة لفائدة مستقبل البلاد ككل.
وهذا التوجه، توجه المصالحة مع الذات، طبع العلاقات مع الأقاليم، إن ديناميكية مستقبل المغرب رهينة بالبحث عن نوع من التوازن بين الجهات والاعتراف بالبعد الوطني لكل المناطق المكونة للمملكة.
وفي هذا الاتجاه برز الاتجاه الجديد لتوظيف الجهوية لإعطاء المغرب أداة جديدة لتقوية وحدته من خلال الإقرار بوجود خصوصيات جهوية تكون عامل تمنيع وحدة البلاد، والاعتراف بمتطلبات إمكانيات الإنتاج والإبداع والابتكار داخل مختلف الجهات، أخذا بعين الاعتبار التطورات الحديثة في التدبير الترابي للأمم، وكذلك إبراز ترسخ النهج الديموقراطي المغربي في ارتباطه مع مستلزمات تمنيع كل جهات البلاد بمقومات المشاركة في مجهود التنمية المستديمة وتطوير قدراتها الداخلية.
إن المغرب اختار الجهوية كأداة لتطوير التنظيم الداخلي، ولكن اعتمدها ايضا كمنظور تنموي مندمج، اختار الجهوية كمنهجية للعمل ومنهجية لوضع تصور استراتيجي خاصة بمستقبل الجهات ببلادنا، وكإطار استراتيجي لتعزيز المكاسب، هذا التعزيز الذي يقتضي فتح آفاق جديدة في العمل السياسي ببلادنا.
إن المغرب عندما اختار الجهوية، فإن اختياره لم يحدد فقط من خلال أسباب مجالية فقط، أو اقتصادية فقط، بل اختار الجهوية كمدخل لإصلاح الدولة المغربية. إن إصلاح الدولة المغربية من خلال البناء الجهوي، ومن خلال اعتماد الجهوية هو الذي سيعزز دمقرطة الدولة المغربية، وهو الذي سيساعد على إرساء الأرضية الصلبة لتصبح الدولة المغربية في خدمة المجتمع المغربي. فتطوير الجهة يعد مدخلا بنيويا للإصلاح السياسي العام ببلادنا.
إن بناء المغرب على أسس متقدمة يقتضي تمكين الجهة من كل انواع السلطات لتكريس الفعل الديموقراطي، بما فيها السلطات السياسية، وهذا يفرض تأهيل المؤسسات الجهوية، وهو معطى رهين بتطور البناء الديموقراطي ببلادنا.
نؤكد ضرورة إنضاج الشروط التي تمكن الجهة من ان تصبح سلطة فعلية في الجوانب التي تهم الحياة العامة للمواطن إذا اردنا الاستمرار في بناء دولة الحق والقانون، وهذا يعني إعادة توزيع السلطة السياسية والاقتصادية والثقافية.
تأسيسا على هذا كله، نعتبر هذا الاختيار وهذا التصور من شأنه أن يجعل من الجهوية إطارا لتحفيز المواطنين على المشاركة في تدبير شؤونهم، وإطارا مناسبا لجعل المواطن المغربي يشعر بقوة انتمائه؛ محليا، جهويا ووطنيا. إن الجهوية، اذن، ستساعد على محتوى ملموس للمواطنة.
إن تفعيل ورش الجهوية بات حاجة وطنية ملحة من أجل تحقيق التنمية الشاملة، فالجهوية هي المدخل لتحقيق تنمية مستدامة، وهذا هو الخيار الذي يراهن عليه المغرب، لكن ذلك يتطلب إرادة حقيقية وانخراط الجميع في إنجاح هذا الورش.