الجمعة 19 إبريل 2024
فن وثقافة

مذكرات امحمد التوزاني: محاولة تفجير مسرح محمد الخامس من طرف عباس بودرقة عام 1973 ( الحلقة 28 )

مذكرات امحمد التوزاني: محاولة تفجير مسرح محمد الخامس من طرف عباس بودرقة عام 1973 ( الحلقة 28 ) عباس بودرقة وابراهيم أوشلح وامحمد التوزاني (يسارا)
المناضل امحمد التوزاني..سليل حركة التحرر المغاربية والعربية من مواليد سنة 1938 بتازة، حمل في المنفى 13 اسما حركيا، من بينه خالد (بتسكين اللام) وحسن..صديق الروائي والقاص والصحافي الفلسطيني غسان كنفاني ورفيق درب المناضل الاتحادي المرحوم الفقيه البصري. ناضل بمعية وتحت قيادة الشهيد المهدي بنبركة وعبد الرحمان اليوسفي ومحمد باهي، وغيرهم.
التحق بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية في مرحلة التأسيس وتكلف ضمن اللجنة التنظيمية للمؤتمر بالجانب التنظيمي واللوجستيكي إلى جانب المرحوم مصطفى القرشاوي وفاضل الناصري وأحمد الخراص.
التقى أول مرة بالشهيد المهدي بنبركة عام 1962 حين كلف بمهمة استقباله بفاس والذهاب به إلى تأهله ليؤطر تجمعا جماهيريا كان قد هيأ له الفرع الحزبي هناك.
ساهم في تأسيس حركة الاختيار الثوري بعد انتقاله إلى باريس إلى جانب عبد الغني بوستة السرايري وأحمد الطالبي المسعودي رغم كفره بمغامرات قائده ومثله الأعلى محمد الفقيه البصري..
"
أنفاس بريس"  تنشر مذكرات المناضل امحمد التوزاني، والتي تسلط الضوء على حقبة مهمة من تاريخ المغرب السياسي.
 

 الأستاذ امحمد التوزاني، بعد قرارات باريس، متى تسرب الثوار إلى المغرب ؟
تسرب الثوار في شهر يناير 1973 و دخل شهر مارس و لم تطلق الرصاصة الأولى بعد، و هي مدة زمنية طويلة جعلت السلطة تكشف التنظيم و تحاصر مجموعة الشهيد محمود بنونة في 3 مارس و قد تعلمنا في العسكرية أن من حدد توقيت الهجوم و باغث به خصمه يربح نقاط كثيرة في المعركة.
الشهيد بنونة قبل دخوله للمغرب اكتشف أن كل ما قاله الميد من جهوزية بالداخل كان سرابا، و مع ذلك كان قد اتخذ القرار بباريس و شهامة الرجل لم تسمح له بالتراجع و قرر أن يدخل و تكون الخطة هي إنضاج شروط إطلاق الثورة من الداخل.
 
كيف كان وضعك ؟ و لما لم تدخل مع المجموعة ؟
كما قلت سابقا كان التوزيع التنظيمي أن أكون ضمن مجموعة الشمال، و أبديت الملاحظات التي أوردت سابقا، لكن لما تسللت المجموعات بداية يناير لم أخبر و لا أدري سبب ذلك مع العلم أن ٱخر لقاء جمعني مع الشهيد بنونة سألني عن استعدادي للتضحية و الدخول في المغامرة رغم عدم الجاهزية فأجبته بالإيجاب.
 
السي امحمد لو كنت داخل المغرب مع رفاقك أثناء أحداث 3 مارس، هل كان الوضع سيتغير ؟
لدي تجربة مخابراتية أخذتها من مشاركتي في الثورة الفلسطينية و لدي تجربة عسكرية. لا أقول لو كنت لتغير الوضع، لكن أقول ربما تكون النتائج أقل سوء على الأقل بالنسبة للمجموعة التي سأكون معها.
 

متى سمعتم بأخبار أحداث 3 مارس ونتائجها ؟
 يوم 5 مارس 1973 غادرت المعسكر متجها الى المنزل بحي بن عاشور بطرابلس - الذي كان مقرا للتنظيم بليبيا - وكان هدفي الاشتغال هناك كعادتي على المادة التي سأقدم بإذاعة صوت التحرير. و لما دخلت المنزل وجدت به حالة غير عادية. وجدت الهرج و المرج والكل يصيح و يناقش، و هناك من يبكي - لقد استشهد محمود بنونة - و كان ابراهيم أوشلح و هو في ألم شديد و يستمع الى الأغاني الثورية يقف أمام الخريطة المعلقة على الحائط من قياس واحد أو اثنين على مليون و هي خريطة سياحية و ليست عسكرية ووضع عليها الدبابيس بمختلف الأوان، و لما سألته ماذا تفعل ؟ أجاب. سأسير الثورة من هنا وعبر إذاعة صوت التحرير. قلت له ضع نفسك و كأنك في المعركة بأدغال المغرب. هل سيكون لديك الوقت لسماع الإذاعة ؟ و كيف ستلتقطها ؟ هل ستنهض للدفاع عن نفسك أم ستبحث عن موجة الإذاعة ؟
لا أظن أن عدوك سيترك لك الوقت لأخذ الراديو و سماع الإذاعة. و هل ستحمل الراديو أم البندقية ؟ 
إنه الهراء. إنه الخيال.
قال لي :  اذهب إلى المخيم أزل الخيام وليأتي الجميع لنبدأ الاشتغال.
قلت له المناضل عندكم مجرد رقم من الأرقام. لن أقوم بشيء و لن أستمر هنا بليبيا. أطلب منك أن تتصل بالفقيه البصري و تبلغه أن حسن يرفض أن يبقى بليبيا، يجب أن أغادر عاجلا الى أي جهة أخرى.
 
متى عدت إلى الجزائر ؟ و من وجدت هناك ؟
لما استشهد محمود بنونة  وهو القائد الأول لتنظيماتنا الثورية  بالداخل صدمت و كفرت بأخطاء التنظيم و أحبطت و فكرت في الانتحار. فحينها لم أكن أملك مالا، و لا عمل لي خارج التنظيم، و لذلك طلبت أن أغادر فورا ليبيا.
لم يتأخر كثيرا رد الفقيه البصري. ففي 12 مارس كانت تذكرة الطائرة بجيبي و ذهب بي رفاقي الى المطار و من هناك الى العاصمة الجزائر حيث وجدت هناك عمر زهرير وأحمد كرم وهما مسؤولان سياسيان بالتنظيم أتيا من ألمانيا وهما الآن يعيشان بها.
 
و ماذا عن الثورة في الداخل المغربي ؟
لا ثورة ولاهم يحزنون..ففي ثقافتنا نحن العسكريين أن يموت القائد فهذا يعني أن الثورة قد تموت معه.
لما دخلت الجزائر تواترت الأخبار عن أحداث 3 مارس فقد هجم الثوار على مقاطعة، ووضعت قنبلتين من طرف عباس بودرقة وعمر دهكون في كل من مسرح محمد الخامس والمركز الثقافي الأمريكي، كما وضعت أخرى بسيارة القنصل الأمريكي. 
ويقال أن أول من أطلق الرصاصة الأولى هو ابراهيم التيزنيتي واسمه الحركي عبد الله النمري وقد أصيب برصاصة قاتلة فأكل حبة السم وما إن وصل المستشفى حتى لفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن يغسلوا معدته.
 
لكن القنابل لم تنفجر، ما ملابسات ذلك ؟
في البداية قيل أنها لم تنفجر لأن البطاريات كانت ضعيفة، ولا أظن ذلك صحيحا، فأنا كنت متخصصا في المتفجرات وتدرب مقاتلونا على كيفية صنعها، وكنا نضع لها بطاريات قوية تسمح بانفجارها حتى في الماء.
لكن فيما بعد قيل أن عباس بودرقة هو من أخبر بوجود القنبلتين لأن الملك الحسن الثاني كان سيدخل مسرح محمد الخامس فسارع مهندسو المتفجرات بالجيش المغربي لإبطال مفعولهما.
إنها فعلا أخبار متضاربة و مريبة تثير الشك و تطرح ألف سؤال عما وقع و عن أسباب الفشل.