الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

أحمد بودهكات: تجارب في اقتباس السينما لقصص من التاريخ المتداول

أحمد بودهكات: تجارب في اقتباس السينما لقصص من التاريخ المتداول أحمد بودهكات
من المعروف أن مجموعة من المؤرخين والسوسيولوجيين  يلجؤون إلى كتابة أعمالهم على شكل روايات، وذلك لتبسيط المفاهيم للعموم وتوسيع دائرة الاطلاع عليه، بعيدا عن الكتابة الأكاديمية التي لا يحوز مفاتيحها إلا الدارسون المختصون..
في السينما أيضا، يتم اقتباس قصص من التاريخ المتداول، والتي وثقتها المراجع التاريخية، ويتم الاشتغال عليها دون اعتبارها سردا تاريخيا ..
هنا سأعرج على عملين ضخمين للمخرج المصري المبدع "يوسف شاهين"، والذي اشتغل على قصة محنة ابن رشد في الاندلس في فيلم (المصير) وفيلم (المهاجر) الذي اقتُبس من قصة النبي يوسف. وفي المقابل هناك فيلم "فتح الأندلس" لصاحبه "محمد سامي العنزي".. هذا الفيلم أثار نقاشا واسعا خصوصا من طرف المغاربة والجزائريين بدعوى تزوير التاريخ..
يتجلى الفرق بين التجربتين في تعامل كل فريق مع الأحداث. فخلال مشاهدة فيلم المصير وفيلم المهاجر، يسترعي انتباهك من حيث القصة تعامل كتاب السيناريو مع مجموعة من القيم الانسانية التي تحس براهنيتها إلى اليوم، مما يجعلك تعيش ازمنة مختلفة في أحداث محددة بقصص محبوكة ومنتظمة بشكل رائع.. أما من حيث التصوير والتعامل مع المَشاهد، فالمخرج ينقل المتلقي إلى الأماكن الحقيقية للحدث الأصلي مع التركيز على روعة المناظر الطبيعية والبنايات خصوصا في فيلم المصير الذي كان آيه في التصوير والتركيز على المَشاهد الكبيرة grand-angle.
ما ذكرناه في السابق يختفي عند "العنزي" في فيلمه (فتح الأندلس) حيث أن كُتاب السيناريو ركزوا على الأحداث وفق تصورهم الشخصي، وما يهمهم هو ايصال رسالة تاريخية وليس الاشتغال على منظومة للقيم، بمعنى الركوب على أحداث تاريخية غير مدققة لخلق بطولات وهمية ونسبها لغير ذويها. وهو ما أعطى نتيجة عكسية من خلال ردود الأفعال.
الأكيد أن توثيق الأحداث التاريخية من صميم عمل الاستقصائيين عبر أفلام وثائقية مع الإحالة على المؤرخين والأركيوليجيين المختصين، من خلال شهاداتهم، أما الأفلام والمسلسلات فهي أعمال فنية المقصود منها التعامل مع الصورة والحبكة بطريقة ابداعية تشد المشاهد إليها وهنا استحضر قصة فيلم (تيتانيك)، الذي أخذ فاجعة سفينة تيتانيك كحامل للسناريو في قالب درامي متميز. وهذا ما أخفق صاحب  "فتح الأندلس" في الوصول إليه، فحتى ملصقه يحيل مجموعة تشبه قطاع الطرق.