الخميس 18 إبريل 2024
فن وثقافة

هل سيدخل المركز السينمائي المغربي طرفا في التحكيم في هذا الملف؟

هل سيدخل المركز السينمائي المغربي طرفا في التحكيم في هذا الملف؟ ملصق الفيلم
حكمت محكمة، بمدينة الرباط، قبل مدة، لصالح "كاتب سيناريو"، بتعويض مالي قدره 345 مليون سنتيم، أي ما يعادل إنتاج فيلم متوسط الكلفة بالمغرب، الحكم جاء قاسيا في حق منتج ومخرج شاب يعيش بهولندا، حيث تم اتهامه بالسطو على "السيناريو" الأصل الذي حقق من خلاله الفيلم الروائي الطويل "الطريق إلى الجنة"، وقد اعتمدت رئيسة الجلسة في حكمها على تقرير خبير محلف متخصص في الملكية الفكرية والعلمية والفنية يمارس مهام التحكيم بمحكمة الاستئناف بأكادير.. 
شخصيا عندما قرأت الخبر أول الأمر، أحسست بالإرتياح، كون محاكمنا بدأت تهتم بمثل هذه القضايا، وتعيد الاعتبار لكتاب السيناريو الذين يتعرض بعضهم للسطو على أعمالهم، وإن كنت في نفس الآن، قد تحفظت على مبلغ التعويض، مقارنة بالميزانيات التي تنتج بها المشاريع الفيلمية بالمغرب، إضافة إلى أن الفيلم ،موضوع الإتهام، تم إنتاجه بالمال الخاص، أي أنه لم يحصل على دعم من أي جهة.
البارحة اتصل بي منتج ومخرج الفيلم ليطلب مني المساندة في مواجهة حكم جائر صدر ضده، حكم، بالنسبة له، لا يقوم على اي أساس، وسبب الاتصال بي أنني أترأس "اتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة"، لا أخفيكم انني تهيبت من الأمر لاعتبارات متعددة، لكنه أصر، وبل طلب مني أن أكون نزيها في تقييمي، وإذا ما وجدت ولو نسبة عشرة في المائة من التشابه بين السيناريو المقدم للمحكمة والفيلم، فإنه سيقبل بأكثر مما حكمت به المحكمة...
فعلا قرأت ا"لسيناريو " الممنوح لي، اكتشفت بداية أنه مجرد نص مكتوب بشكل بدائي، حيث لا تتوفر فيه أدنى شروط كتابة قصة فبالأحرى سيناريو، لأن السيناريو كتابة خاصة لها تقنياتها وشروطها الأساسية التي تميزها عن الأدب أو غيرها من الفنون. وبالتالي فالنص الذي اعتبر سيناريو وسندا للحكم وقول أن قصته تتشابه وأحداث الفيلم، مجرد حكي مسترسل غير متناغم، بشخصيات متهلهلة، وأحداث جد سطحية، مع غياب أدنى تناسق في البناء، حيث يحكي قصة شاب اسمه عمر يتورط في عملية ارهابية. وهو نص لا يصلح، في اعتقادي، بأي حال من الأحوال أن يكون أساس فيلم سينمائي، علما أن أحداثه تدور بالرباط وسط الأحياء الشعبية، بينما أحداث الفيلم تحتضنها مدينة أمستردام الهولندية، هذا دون نسيان الإشارة إلى أن النص يفتقد للحدود الدنيا للكتابة من حيث الوفاء لقواعد النحو والإملاء.
بعد قراءة النص، شاهدت الشريط، لأصاب بالصدمة، لأن سيناريو الفيلم وحكايته لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالسيناريو المفترض أنه أساس الفيلم، وبالتالي تساءلت: كيف يمكن لخبير أن يقر في تقريره أن الفيلم مأخوذ كليا عن السيناريو الموضوع لدى المحكمة؟. بينما حكاية الفيلم لا علاقة لها بالإرهاب تماما، بل حول عن تمزق عائلة مغربية مقيمة بهولندا، حيث تجد نفسها تواجه اشكالات عديدة خاصة بعد اعتقال أحد أبنائها بتهمة الاتجار في المخدرات، اعتقال سيكون له تأثير على العائلة وتماسكها، وضغط نفسي رهيب على نفسية أخيه الأصغر سنا، المتفوق دراسيا، حيث سيجد نفسه واقعا في دوامة لا تنتهي من التحرش والمواقف العنصريةرغم محاولاته تجاوز الواقع والانسجام مع محيطه الهولندي، لكن الظروف ستكون أقوى منه، وتدفع به في النهاية للسقوط بين أحضان التكفيريين، ومحاولة تجنيده للقيام بعملية ارهابية وسط سوق للورد والازهار، لكن وعيه سيعود في الدقائق الأخيرة من الفيلم، ويتصدى لرفيقه الذي كان سيصحبه في العملية الانتحارية...
أكيد، هناك شيئ غير واضح تماما في حيثيات نطق الحكم، تعود في اعتقادي لعوامل عديدة، أولها: عدم اختصاص المحكمة في مثل هذه القضية، وثانيها: مجانبة الخبير للحقيقة وهويدبج تقريره الذي بنت على أساسه المحكمة حكمها. ثالثا: ضعف محامي الدفاع في القيام بمهماته من حيث المتابعة اللصيقة لتطورات القضية قبل نطق الحكم....
شخصيا أتضامن مع المخرج وحيد السنوجي في محنته، وهو يواجه حكما قاسيا، نتمنى أن يتم التراجع عنه في مرحلة الاستئناف. 
كما أتمنى تدخل ومساندة المركز السينمائي المغربي له، وأن تكون طرفا في عملية التحكيم، لأنها مؤسسة وصية على القطاع السينمائي بالمغرب، لها العديد من الموظفين المتخصصين في قراءة النصوص والحكم عليها...