الجمعة 26 إبريل 2024
فن وثقافة

الفنان التشكيلي عبد الله بلعباس يروي أحداث منع ملصق فاتح ماي سنة 1982 

الفنان التشكيلي عبد الله بلعباس يروي أحداث منع ملصق فاتح ماي سنة 1982  عبد الله بلعباس وملصق فاتح ماي سنة 1982 
وثقت ذاكرة فاتح ماي بالمغرب لأحداث نضالية غاية في الأهمية نظرا لبعدها الثقافي والفني في علاقة مع الموقف السياسي والنقابي خصوصا لما نستحضر تاريخ ومسار الفعل النقابي بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل بعد مخاض التأسيس أواخر السبعينيات.
 
كانت أحداث الإضراب العام الذي دعت إليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 1981، سببا في اعتقال أغلب أعضاء القيادة النقابية (الأموي و الشناف....وغيرهم) والزج بهم في السجن. ورغم ذلك ظلت شرارة النضال متقدة، بل ازدادت شعلة وتوهجا وإصرارا على الاستمرار في النضال من أجل حقوق الشغيلة والطبقة العاملة على مستوى الواجهة النقابية والسياسية أيضا.
 
وخلال هذه الفترة بادرت القيادة السياسية في حزب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية إلى تحمل المسؤولية ولعب أدوارها النقابية عبر قنواتها، بحكم أن أغلب أعضاء القيادة المركزية للكونفدرالية الديمقراطية للشغل يقبعون داخل السجن. 
 
في هذا السياق يحكي الفنان التشكيلي عبد الله بلعباس لجريدة "أنفاس بريس" قائلا: "في تلك الفترة، كانت القيادة الحزبية قد كلفت الأخ أحمد لمسيح بالبحث عن فنان تشكيلي لإنجاز ملصق فاتح ماي برسم سنة 1982، وهكذا سيقع الاختيار على شخصي، حيث كنت آنذاك ما زلت طالبا جامعيا (شعبة الفلسفة) بمدينة الرباط".
 
وعن فكرة الملصق ودلالاته الفنية خصوصا أنه كان أول ملصق تحتفي به الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أوضح الفنان التشكيلي عبد الله بلعباس بالقول: "لقد عملت على أن يكون إخراج مضمون الملصق مباشرا في التعبير عن دلالاته السياسية والنقابية، وهكذا وظفت فيه رمزية الشمس المحاصرة بالسياج، في إشارة إلى الحرية من وراء القضبان، فضلا عن الإيحاء المباشر لشارة النصر.."
 
لكن سنة 1982 هبّت رياح وزارة الداخلية بما لا تشتهي سفن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، حيث قرر الوزير إدريس البصري منع الكونفدرالية الديمقراطية للشغل من تنظيم تظاهرة فاتح ماي، والأغرب من ذلك منع توزيع ملصق فاتح ماي برسم سنة 1982، على اعتبار أنه كان أول ملصق تنجزه المنظمة النقابية (انظر الصورة رفقته).
 
هو أول ملصق عبر فنيا عن لحمة القيادة مع القاعدة خلال فاتح ماي سنة 1982، من إنجاز الفنان عبد الله بلعباس، وكانت الطبقة العاملة ستحتفي به من أجل إطلاق سراح القيادة النقابية حيث تم منع توزيعه. لكن ورغم تعسف وشطط وزارة الداخلية ضد العمل النقابي الجاد والملتزم بقضايا الطبقة العاملة، إلا أن دهاء وفطنة القادة المناضلين سواء في حزب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية أو الكونفدرالية الديمقراطية للشغل كانت أقوى إبداعا وابتكارا للتواصل مع القاعدة الجماهيرية على المستوى الوطني .
 
أمام قرار المنع الذي اتخذته الدولة من خلال أم الوزرات، قررت اللجنة التنظيمية أن تحول الملصق إلى دفتر يضم وصولات بقيمة مالية (2,50 درهم) حيث تم طبع عدد كبير من دفاتر الوصولات التي سيتم توزيعها على كل الفروع بالمدن والأقاليم والجهات في عملية تواصلية وتضامنية رائعة بين مختلف النقابيين والنقابيات، أبدع في تنفذيها ثلة من المناضلين المنتسبين للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وكان الاحتفال بالعيد الأممي للطبقة العاملة فاتح ماي سنة 1982 بطعم التضامن مع القيادة النقابية من طنجة إلى لكويرة.