الخميس 25 إبريل 2024
فن وثقافة

فاطنة بنت الحسين سلطت الضوء على ظاهرة البغاء بأغنية "الله يْنَجَّحْ لَوْلَادْ" قبل الفقيه !

فاطنة بنت الحسين سلطت الضوء على ظاهرة البغاء بأغنية "الله يْنَجَّحْ لَوْلَادْ" قبل الفقيه ! أيقونة العيطة الشيخة فاطنة بنت الحسين وعبد الرحيم شراد

على هامش الهجمة الشرسة التي تعرضت لها شخصية "الشِّيخَةْ" كفنانة ملتزمة بالدفاع عن قضايا الوطن والمجتمع بواسطة فنها الشعبي، خصوصا أن من فتح باب هذا التهجم المرفوض كان يعي جيدا أنه يخلط بين الشيخة الفنانة والعاهرة المومس، ويتعمد الخلط المقصود بينهما لغرض في نفسه.

في هذا السياق ترافع الأستاذ عبد الرحيم شراد من خلال نموذج أغنية "الله يْنَجَّحْ لَوْلَادْ" التي كانت تؤديها أيقونة العيطة الشيخة فاطنة بنت الحسين بحس وطني راق انتصرت فيه للشباب والمرأة وانتقدت من خلالها ظاهرة البغاء والدعارة، قبل أن يخرج لسان (لَفْقِيهْ اَلِّلي نَتْسَنَّاوْ شْفَاعْتُو دْخَلْ لِجَّامَعْ بِبَلْغْتُو) من جحره ليلعق عسل "اَلْبُوزْ".

 

لم تكن الشيخة يوما سلطة تنفيذية أو شخصا في مراكز القرار، و إنما كانت فنانة بالفطرة تتحدث لغة الشعب وترصد نبض الشارع. وتدرك حدود موقعها لكن كلما سنحت لها فرصة الغناء ترسل بعض الإشارات المُشَفَّرَة للمسؤولين و كذلك لكل من يهمه الأمر كبر شأنه أو قَصُر. كان هذا دأب الشِّيخَاتْ اَلطَّبَّاعَاتْ، وأيقونة فن العيطة الشيخة فاطنة بنت الحسين واحدة من بينهن .

 

من بين المواقف التي تحسب للراحلة الشيخة فاطنة بنت الحسين أنها ستسجل أغنية مع الشيخ الْكَمَنْجِي اَلسِّي جَلُّولْ تحت عنوان "الله يْنَجَّحْ لَوْلَادْ" تزامنت مع تجريم القانون المغربي لظاهرة الدعارة سنة 1970، و التي كانت تنظمها بعض الفنادق الغير مصنفة التي كان يسيرها بعض الفرنسيين .

 

غناء الشيخة الأسطورة فاطنة بنت الحسين سيصدر حارقا وهي تتحدث عن فتاة اضطرتها ظروفها أن تتعاطى للدعارة. لقد اختارت هذه الفتاة كنموذج بعد أن زارت العديد منهن و عرفت أحوالهن و قصصهن..حيث تقول في الأغنية: "تْسَارِيتْ لَوْطِيلَاتْ عْلَى اَلْمُودِيلَاتْ (أي النماذج )"، حيث انتهى بها الأمر إلى اختيار فتاة وجدتها تبكي و تشتكي من الوضعية التي تعيشها وأنشدت بالقول: "بَنْتْ أمِّي. بَعْدْ بْغَيْتِي تَشْكِي. كُونْ شَاوَرْتِي. (أي كان عليك أن تحكمي عقلك قبل السقوط في الرذيلة. فما عادت الشكوى تنفع ).

 

ونقلت الفنانة فاطنة بنت الحسين بأغنيتها "الله يْنَجَّحْ لَوْلَادْ" واقع حال الفتاة بمرارة لما خاطبتها بالقول: "وَا دَادَا عْلَاشْ تَبْكِي. حِيثْ مَجْرُوحَةْ. رَا أَنَا مْقَابْلَةْ لَوْطِيلْ وُ الدّْمُوعْ تْسِيلْ".

 

لا تستمر الشيخة فاطنة بنت الحسين في الكلام لأنها تدرك أنها تغني، كما لا تفسر أكثر، (شرح الواضحات من المفضحات). علما أنها توظف كلمات لا تخدش الحياء، فبدل أن تستعمل كلمة "اَلْبُورْدِيلْ" التي تدل على الماخور تكتفي بتسمية هذه الأماكن بـ "الفنادق / لَوْطِيلَاتْ". وبدل أن تقول العاهرة أو مقابلها في اللسان الدارج فهي تقول "مُولَاتْ اَلطَّالُونْ". حيث أصبح الكعب العالي للحذاء في تلك الفترة رمزا للمومس/العاهرة . لذلك ستوجه الفنانة فاطنة بنت الحسين انتقادا لكل المومسات في شخص المومس التي اختارت الحديث عنها حين قالت: "مُولَاتْ اَلطَّالُونْ. خَاصْهَا بُولُونْ. (أي يلزمها أنت تعود إلى رشدها وعقلها وتبتعد عن الدعارة).

 لا تنهي فاطنة بنت الحسين الأغنية عند هذا الحد بل تفتح بابا كبيرا للأمل حين ترفع صوتها بالدعاء بقولها: "الله يْنَجَّحْ لَوْلَادْ فِي كَلْ لَبْلَادْ". و كأنها تتساءل عن مصير الأجيال بعد أن رأت هذه الكثافة من الشباب الصاعد في كل أحياء الدار البيضاء و كلهم طموح للنجاح والتفوق و لا يليق بهم و خصوصا الفتيات الإرتماء في أحضان الدعارة .

 

لقد رأت فاطنة بنت الحسين نماذج من هؤلاء الشباب في منطقة درب السلطان وذكرتهم في الأغنية قائلة: "دَرْبْ اَلسُّلْطَانْ فِيهْ شِي صُبْيَانْ"، و كذلك بدرب الكبير: " دَرْبْ اَلْكَبِيرْ فِيهْ خَيْرْ كْثِيرْ". أما الحي المحمدي فهو غايتها الأولى أن ترى أبناءه و بناته يحققون النجاح: "اَلْحَيْ اَلْمُحَمَّدِي اَلِّلي فَاشْ مُرَادِي" .

 رحم الله الفنانة الشيخة فاطنة بنت الحسين لقد اكتسبت مكانتها الرمزية داخل المجتمع لاحترامها و تقديرها لفنها و لجمهورها.