الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

الحسناوي: هذه أسباب تحول المسلمين المغاربة إلى المسيحية

الحسناوي: هذه أسباب تحول المسلمين المغاربة إلى المسيحية مصطفى الحسناوي، صحافي مغربي مقيم بالسويد
عموما نسبة اعتناق دين آخر عن طريق التحول، هي قليلة، مقارنة بالأعداد الهائلة للذين ورثوا الدين من آبائهم ومجتمعاتهم. تشير الدراسات والإحصاءات المختلفة وتقارير المؤسسات المهتمة بالتحولات الدينية، مثل “بيو” و “كارينجي”، إلى أن أعداد المتحولين إلى المسيحية مثلا، يساوي أعداد الخارجين منها، ونفس الأمر بالنسبة للإسلام، عدد المعتنقين للإسلام، يساوي عدد الخارجين منه إما إلى المسيحية أو إلى اللادينية، وأن تزايد أعداد أصحاب الديانات، سببه الرئيسي التوالد، بالنسبة لتزايد أعداد المسلمين في أوروبا، سببه الهجرة والتوالد، أما نسبة المعتنقين للإسلام فقليلة جدا، لذلك حوالي 93% ورثوا انتماءهم الديني، في حين أن الذين تحولوا عن دينهم عن قناعة واطلاع وبحث، لا يتجاوز 7%. ومع ذلك ففي السنوات القليلة الأخيرة بدا ملفتا جدا هذا التحول. وأعتقد بأن الحديث عنه بشكل علني، بالإضافة للثورة المعلوماتية ووسائل التواصل، جعل منه محط اهتمام وتتبع ورصد ودراسة..
ولعل ظاهرة التحول للمسيحية، وظهور المسيحيين المغاربة، كان بداية للحديث عن هذه التحولات، قبل الحديث عن اللادينية والإلحاد، وانتشارهما في مواقع التواصل، بل حتى طباعة كتب ونشرها داخل المغرب، للادينيين وملحدين، يحكون تجاربهم ويعبرون عن أفكارهم وآرائهم، وهو تحول ملفت جدا للنظر.
هذا التحول من وجهة نظري، ساهمت فيه عوامل عدة، من بينها، هذا الانفجار المعلوماتي الذي قرب المعلومة، فأصبحت المعلومات والمعتقدات والأفكار، بين يدي الشاب والتلميذ والطالب وحتى الطفل، يختبرها ويمحصها ويقرأ الردود عليها والانتقادات الموجهة إليها، وبإمكانه أن يعلق وينتقد هو أيضا، وحتى إن خاف، توجد إمكانية التعليق بهوية مزيفة واسم مستعار، الشيء الذي جرأ الكثيرين على الخوض في الموضوع واقتحام لججه.
الأحداث السياسية والأمنية أيضا، منذ عمليات 11 شتنبر، قبل عشرين سنة، وما تلاها من أحداث إرهابية، وتحولات سياسية، وثورات وحركات احتجاجية، ونتائج الربيع العربي، ووصول الإسلاميين للسلطة، وتجربة داعش... كل هذه الأمور ساهمت بشكل مباشر في هذه التحولات العقدية والقيمية، وأحدثت نوعا من الصدمة لدى المتدينين قبل غيرهم، دفعتهم لمراجعة الكثير من القناعات.
التراث الديني أيضا له نصيب في هذه التحولات، بما يحويه من إشكالات وتناقضات، تجعل العقل يصطدم بها، فيلجأ البعض لعمليات التوفيق والتلفيق، أو التجميل والتزيين، أو القفز والتجاهل، ولكن هناك من يتوقف عندها مليا قبل أن يشطبها نهائيا، ويبحث عن بدائل، إما في مذاهب أخرى قد تكون عقدية أو فقهية، أو في طوائف وملل وديانات أخرى، أو يعتنق اللادينية أو اللاأدرية أو الربوبية أو الإلحاد...
بالنسبة للمسيحية، أنا شخصيا لا أفهم تحول إنسان من ديانة إلى أخرى، لا أستطيع استيعاب الأمر نهائيا، لأن الذي يجعل أي شخص يترك دينه، هو التفكير واستخدام العقل، وعدم تقبل العقل لأمور ما في دينه، أيا كان دينه، فكيف يعتنق ديانة أخرى، فيها نفس المطبات والإشكالات التي يصطدم بها العقل؟ وهل يوقف عقله حين يعتنق الديانة الأخرى التي تحول إليها؟ لكن عموما تبقى حرية شخصية، ومن حق أي شخص أن يعتنق من الأفكار والمعتقدات ما يريد، شريطة ألا يضر أحدا.