Sunday 15 June 2025
منوعات

عبد الواحد الفقيهي: ساعة في معصم الغياب

عبد الواحد الفقيهي: ساعة في معصم الغياب صورة أرشيفية
قد نضع في معصمنا ساعة لامعة، تخبرنا كم مشينا، كم شربنا، كم نمنا…لكنها لا تخبرنا: لماذا نركض؟ ولا تسألنا: هل كنا هنا فعلا، حين مشينا؟

نشتري التقنية كما نشتري المرايا، لا لنرى أنفسنا…بل لنختبئ خلف صور أُخرى. نعلق الزمن في أجهزتنا…ونفلته من أرواحنا. نهتم بكم زمن مضى…لا كيف مضى.

في الشارع، يمضي رجل أنيق، يرتدي ساعة ذكية…لكنه يتأخر عن الموعد، ويعتذر كأنه يعتذر للهاتف، لا لمن انتظره...

الساعة لا تعلمنا الانضباط…بل تخدر فينا الحضور.
تخبرنا بما يحدث في الجسد، لكنها تصمت عما يحدث في القلب.

قال هايدغر: الخطر ليس في التقنية، بل في الطريقة التي نراها بها. ونحن نراها سيدة، لا خادمة. نطيعها قبل أن نفهمها...كما لو أننا استعجلنا المستقبل…وتركنا أنفسنا خلفنا.

من ينبهنا إلى أننا نسينا الجلوس مع ذواتنا؟ من يذكرنا أن الركض بلا غاية، تعب بلا جدوى؟
في صمتنا، قد نجد زمنا آخر…لا يقيسه التطبيق، بل يقاس بالحضور.

في تصوف الزمان، قالوا:
«وقتك ما أنتَ فيه».
لا الوقت ساعة، ولا الساعة وقت.
الزمن ليس رقما…بل أثر.
ليس إشعارا…بل شعور.

تذكر...أن تستيقظ، لا يعني أنك حي.
أن تمشي، لا يعني أنك تتقدم.
أن تملك ساعة ذكية…لا يعني أنك تفهم الزمن.