الجمعة 29 مارس 2024
اقتصاد

الزوبير بوحوت: إغلاق الحدود ألحق خسائر كبيرة بالقطاع السياحي

الزوبير بوحوت: إغلاق الحدود ألحق خسائر كبيرة بالقطاع السياحي الزوبير بوحوت مع مشهد من المدينة السياحية أكادير

يرصد الزوبير بوحوت، مهني وباحث في القطاع السياحي، في حوار مع "أنفاس بريس" حالة القطاع السياحي بالأرقام بعد إغلاق الحدود. القطاع الذي شهد في الآونة الأخيرة موجة من الاحتجاجات شملت وكالات الأسفار والنقل السياحي مرورا بوكالات تأجير السيارات...

 

+ شهد القطاع السياحي خلال الآونة الأخيرة احتجاجات مستمرة.. منها احتجاجات وكالات الأسفار، النقل السياحي، وكالات تأجير السيارات، ما رأيك حول وضعية القطاع السياحي؟

- أولا، يعرف القطاع السياحي موجة من الاحتجاجات قامت بها العديد من المؤسسات والمقاولات التي تشتغل بالقطاع السياحي على رأسها وكالات تأجير السيارات النقل السياحي ومؤخرا وكالات الأسفار.. ونحن مقبلون على بداية السنة الثالثة من أزمة القطاع السياحي مع ما خلفته من اضرار كبيرة على القطاع.

هذه الموجة من الاحتجاجات تعبر عن مستوى القلق والخوف من المستقبل المجهول الذي يعيشه الفاعلين في القطاع السياحي. ربما هذه الاحتجاجات ناتجة عن أزمة ثقة، التواصل ربما ضعيف أو غائب مع المؤسسات التابعة للقطاع الحكومي والتي تدبر القطاع أو ربما أزمة ثقة داخل قطاع السياحة بصفة عامة.

في نفس الوقت لابد من تأكيد أن الكونفدرالية الوطنية للسياحة التي تضم فدراليات الفنادق وكالات الأسفار النقل السياحي جلست على طاولة المفاوضات مع المسؤولين لوضع مقترحات تخرج من هذه الأزمة.

علما أن الجميع مع الحفاظ على صحة المواطنين، لكن نحن في عصر العولمة، هؤلاء الفاعلين السياحيين من خلال تواصلهم مع مدرائهم في دول أخرى لاحظوا الإجراءات التي قامت بها مجموعة من الدول السياحية الأخرى ولم تلجأ لهذا الاختيار بل سمحت للقطاع بولوج السياح الأجانب.

ثانيا، إغلاق الحدود كان له تأثير كبير على القطاع السياحي بصفة عامة. وكان الوضع السياحي العالمي غير مطمئن منذ بداية الأزمة في مارس 2020.

بصفة عامة منذ مارس 2020 تم تراجع 80 في المائة في عدد الوافدين للمغرب بانخفاض 10 مليون و400 ألف سائح، من 12 مليون و932 الف وافد للمغرب. كذلك تراجع عدد الليالي السياحية بأكثر من 18 مليون ليلة سياحة ليستقر في  حدود 6 مليون و900 ألف في 2020. في الوقت الذي سجل المغرب أكثر من 25 مليون ليلة سياحية في 2019. كذلك تراجع كبير في قيمة مداخيل السياحة الدولية، من 78 مليار و654 مليون درهم في 2019 إلى حوالي 36 مليار و458 مليون درهم في 2020.

لهذا بدأ الأمل يظهر بداية 2021 باعتبار عملية التلقيح التي ستمنح مناعة جماعية، علما أن المغرب من الدول التي قامت بجهد استباقي في عملية التلقيح والوصول إلى مستويات متميزة من عملية التلقيح. لكن بعد ذلك ظهرت دراسات علمية توصي بجرعة ثالثة معززة، لم تلقى نفس التجاوب ليس في المغرب فقط بل على المستوى دول العالم.

ومع عملية مرحبا في 15 يونيو 2021 التي جعلت المغرب يستقطب عددا هائلا من السياح، مما سينعكس على المداخيل وعدد السياح  خلال الفصل الثالث من  أي 2021 أي يوليوز غشت شتنبر .

على سبيل المقارنة في الفصل الأول من 2021 وصلت قيمة مداخيل السياحة الدولية إلى 5 مليار و389 مليون درهم. في الفصل الثاني، أبريل ماي يونيو، تم تسجيل 3 مليار و499 مليون درهم. وخلال مرحلة فتح الحدود، خلال الفصل الثالث بلغت المداخيل 15 مليار درهم و975 مليون درهم. إذن في فصل واحد مع فتح الحدود المغرب حصل على ضعف ما تم الحصول عليه خلال الست الأشهر الأولى.

 

+ هل من أرقام حول وضعية القطاع السياحي؟

- بالنسبة للقطاع السياحي توجد عشرات الآلاف من المؤسسات التي تشتغل في القطاع منها الفنادق، دور الضيافة، المطاعم السياحية، وكالات الأسفار، وكالات النقل السياحي، وكالات تأجير السيارات.. وقد استقطبت استثمارات كبيرة تتجاوز 150 مليار درهم. علما أن القطاع يشغل أكثر من 500 ألف عامل بصفة مباشرة، فأرقام المندوبية السامية للتخطيط تشير إلى استهلاك داخلي يتجاوز 138 مليار درهم في 2019. تمثل فيها حصة السياحة الدولية نسبة الثلثين ومن ضمنها السياحة الداخلية. دون نسيان أن قطاع النقل الجوي المرتبط بالقطاع السياحي الذي سجل مداخيل بقيمة 17 مليار درهم في 2019. كذلك الصناعة التقليدية حققت رقم معاملات مهمة للتصدير بقيمة 800 مليون درهم في 2019. كذلك مداخيل الرسوم والضرائب التي يستخلصها المكتب الوطني للمطارات من رسو الطائرات؛ ومداخيل الضريبة على القيمة المضافة والرسوم الجماعية التي تستخلصها الدولة؛ إلى جانب مجموعة من القطاعات في الخدمات كالمولات والمحلات التجارية التي تستفيد من انتعاش القطاع السياحي.

 

+ كيف يمكن أن تقوم السياحة الداخلية بدور مهم في تعويض خسائر القطاع؟

- لا يمكن للسياحة الداخلية أن تحل محل السياحة الدولية لمجموعة من الاعتبارات، أولا لأن المغرب يعتمد على 70 في المائة من ليالي المبيت على السياحة الدولية، باعتبار أن الدخل الفردي للأسواق التقليدية مرتفع مع معدل الدخل الفردي للمواطن المغربي.

من جانب آخر، المخططات السياحية التي عرفها المغرب في 2010 و2020 لم تولي اهتماما أكبر بالبنيات التحتية للاستقبال، من ضمنها برنامج "بلادي"، ولهذا السياحة الداخلية لا يمكنها أن تتطور في غياب منتوج ومحطات سياحية تراعي العادات الاستهلاكية ومستوى الدخل للمواطن. لا بد كذلك من التفكير في دعم السائح المغربي الذي يختار قضاء عطلته في بلده. وهذا موجود في الدول المتقدمة كفرنسا التي توزع 10 مليون شيكات للسفر كل سنة إلى جانب آليات متنوعة لدعم السياحة الداخلية.

وتجدر الإشارة إلى أن عدد مهم من الدول المتقدمة ببلدان OCDE تصل نسبة السياحة الداخلية ما بين 75 إلى 80 في المائة مقارنة مع المغرب تصل النسبة إلى 30 أو 20 في المائة. لهذا فهذه الدول لم تتأثر كما تأثر للمغرب مع هذه الصدمات وطورت منتوجاتها مع تقديم مجموعة من التحفيزات .

وهذا هو الدرس الذي يجب أن نستفيد منه بالفعل، نحتاج إلى العملة الصعبة و سياحة دولية على طول السنة، بالمقابل يجب إعادة النظر في المخططات والبرامج من أجل تطوير السياحة الداخلية لتشارك في تجاوز الأزمات وتشارك في نسبة مهمة لمنتوج القطاع السياحي.

 

+ هل الإجراءات التي قامت بها الحكومة حاليا كافية لدعم القطاع السياحي؟ لماذا؟

- أظن أنه في بداية مارس 2020 عند لقاء الكونفدرالية الوطنية للسياحة مع لجنة اليقظة الاقتصادية ووزارة المالية كان هناك نقاش حول الإجراءات. وفي غشت 2020 تم التوقيع على عقد برنامج 2020/ 2022 يتضمن 21 نقطة منها برامج إقلاع وأوكسيجين والتعويض الجزافي للعاملين في القطاع السياحي هذا الأخير عرف طريقه للتنفيذ بطريقة محتشمة.

الأزمة التي طالت أكثر من سنتين أثقلت الفاعلين بالقروض المتعثرة لدى الأبناك، ناهيك عن عمليات حجز سيارات النقل السياحي، والمتابعات القضائية..

أظن أن هناك تراجعا مع ما تم التوقيع عليه خلال ولاية الوزيرة السابقة التي هي الآن في منصب وزيرة الاقتصاد والمالية، لحسن الحظ أنها كانت تمثل القطاع وتعرف مشاكله عن قرب وحجم الأزمة التي يتخبط فيها وهي فرصة كبيرة لتسريع الحلول.

اليوم، أجرت الوزيرة الجديدة لقاء مع مسؤولي الكونفدرالية الوطنية للسياحة والتزمت بانطلاق خطة جديدة لانعاش القطاع. مطالب الكونفدرالية واضحة مع استمرار التعويض الجزافي للعاملين الى جانب توقيف جميع  الضرائب والمتابعات القضائية... إلى حين الانطلاق الفعلي للقطاع للسياحي...