الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

هل يعقل أن تنعقد القمة العربية على أرض الجزائر التي يحكمها هواة مارقون؟

هل يعقل أن تنعقد القمة العربية على أرض الجزائر التي يحكمها هواة مارقون؟ خريطة المغرب كاملة كما نشرتها مؤخر الجامعة العربية وفي الإطار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

حين نتأمل المسار الذي تسلكه اليوم الدبلوماسية الجزائرية على الساحتين الإقليمية والدولية نجد أنه مسار هواية لا احتراف بما يعنيه الاحتراف، في هذا السياق، من حكامة وحكمة بدليل أن مهندسي القرار هناك كانوا قد عملوا، في الآونة الأخيرة، على ضرب منظومة السلم والاستقرار في العالم، وفي المحيطين الإفريقي والعربي على نحو خاص. ذلك أن عبثها إفريقيا صار أمرا مؤكدا بعد أن جعلت البيع والشراء والارتشاء هو ما يرسم العلاقات الدولية، خاصة في ما يتعلق بالتعاطي مع ملف وحدتنا الترابية. وكذلك الأمر مع المنتظم الدولي الذي صار مقتنعا اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بصواب المقترح المغربي، وباعتبار الجزائر طرفا رئيسيا في النزاع المفتعل على ترابنا الوطني كما أكد ذلك بيان البيت الأبيض الأمريكي يوم الخميس الماضي. ثم تأكد العبث إفريقيا بعد التدخل الأرعن في الساحة المالية لعرقلة المساعي الأوروبية لتهدئة الأوضاع المتفجرة هناك، إضافة إلى التدخل ذاته في الملف الليبي.

 

أما العبث على الساحة العربية فكان له عنوان أوحد: الإجهاز على نسف كل ما تبقى من قيم التضامن بين الأشقاء العرب بالعمل تحديدا على استدراج إيران وذراعها حزب الله لدعم جمهورية الوهم أولا، ولتكوين جبهة مفترضة باسم دعم فلسطين، ومواجهة سياسة التطبيع  وهيمنة الحلف الأطلسي.

 

ثم فجأة، وها هنا يظهر وجه الهواية، تتذكر الجزائر أنها ستستضيف القمة العربية المزمع تنظيمها في مارس القادم.  وتتذكر أن ذلك سيترتب عنه مسؤوليات سياسية وأخلاقية كبرى ليس أقلها أن القمة، إن انعقدت، فستمنح الرئيس الجزائري الرئاسة الدورية للقمة. وهنا مربط الحقيقة.

 

هل يعقل أن تنعقد القمة على أرض حكامها هواة مارقون لا يعملون على إقامة الاستقرار في العالم. بل إنهم يشجعون على الإرهاب، وعلى التمرد ضد قرارات المنتظم الدولي، وعلى بث كل عوامل التفرقة بين الشعوب والدول. وها هم يسعون إلى  تقويض الحلم المغاربي بعد أن قوضوا الحلم الإفريقي كما فكر فيه أبطال إفريقيا التاريخيين؟

 

هل يعقل أن تنعقد القمة بعد أن أعلن حكام الجزائر، ذات طيش، تضمين جدول الأعمال موضوعين رئيسيين يخصان سوريا والصحراء المغربية مما يؤكد أن طيشهم لا يفيد فقط الجهل بطبيعة الاشتغال على القمة التي ترسم جدول عملها داخل مجلس المندوبين الدائمين قبل أن يعرض على وزراء الخارجية العرب. أي أن المواضيع الاستراتيجية ليست عمل هواة، خاصة موضوع استعادة سوريا الذي صار اليوم محاط بحساسية خاصة بعد تواشج العلاقات الجزائرية لإيرانية برعاية الروس.

 

أما موضوع صحرائنا فالمعلوم لدى أبسط الخبراء بالوضع العربي والدولي أن الملف بيد الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ولذلك ظلت القمة خارجة عن الملف منذ افتعال النزاع. نضيف إلى ذلك تنامي الدعم العربي الوازن لقضيتنا سياسيا ودبلوماسيا. ولقد كانت آخر صفعة يتلقاها الجنرالات هي مذكرة الجامعة العربية الموجهة، يوم الجمعة الماضية، إلى كل الهيئات التابعة لها تدعوهم إلى اعتماد خريطة العالم العربي وضمنها المغرب بكامل ترابه الوطني، ومعناه إقفال الباب أمام كل مناورة مارقة.

 

السؤال الآن: هل تنعقد القمة في مارس 2022 أم لا تنعقد؟

يصعب التكهن بما سيأتي فما يتبقى من الوقت قد يفاجئنا بكل الاحتمالات. لكن المؤكد أن الجزائر، بدبلوماسيتها الهاوية، ستجعل القمة إن تمت فعلا محطة حاسمة للإجهاز على ما تبقى من حلمنا بأن يتوحد المغاربيون والعرب والأفارقة من أجل الإسهام في السلم العالمي. وبذلك ستكون تلك القمة لا فقط تعبيرا عن عقيدة الهواية، بل ستكون هاوية لحكم الجنرالات الذين يسعون إلى انتصار عربي بعيد ينقذهم من عزلتهم الراهنة، ومن حراك شوارع الجزائر العميقة.